العوامل المؤثرة بالنمو في علم النفس التنموي

اقرأ في هذا المقال


في علم النفس التنموي تُستخدم مصطلحات النمو والتنمية بشكل مترادف، إلا أنّ لها معاني مختلفة من الناحية البيولوجية، يشير النمو إلى التغيرات المتزايدة في الخصائص الفيزيائية مثل الطول والوزن والحجم وما إلى ذلك، بينما يشير التطور إلى التغييرات النوعية للنمو بطريقة منظمة وذات مغزى تؤدي إلى النضج، النمو والتطور يساهمان في بعضهما البعض ولا ينفصلان ويحدثان في وقت واحد؛ مثلاً يمكن لمعظم الأطفال الذي يصِلوا لعمر 8 أشهر أن يزنوا حوالي 8 كيلوغرامات ويمكنهم الجلوس.

العوامل المؤثرة بالنمو في علم النفس التنموي:

بالرغم من أنّ الطبيعة تساهم بشكل كبير في تقوية النمو، إلا أن التنشئة تساهم أكثر من ذلك بكثير، فلا يمكن التحكم في بعض هذه العوامل، كما سيتعين على الشخص التعامل مع ما لدى الطفل.، لكن هناك أشياء معينة يمكنك بالتأكيد ضمانها لطفلك، يتضمن ذلك ضمان حصول طفلك على قسط كافي من الراحة كل يوم؛ لأنّ نموه يعتمد بشكل كبير على مقدار النوم الذي يحصل عليه، كما يجب أن ننتبه جيداً لمستويات التغذية والتمارين للطفل، حيث تلعب هذه كذلك دور مهم في تعزيز نمو الطفل والتطور الصحي في الوقت المناسب.

  • الوراثة: تعتبر الوراثة انتقال الخصائص الجسدية من الآباء إلى الأبناء من خلال جيناتهم الموجودة، فهو يقوم بالتأثير على جميع جوانب المظهر الجسدي مثل الطول والوزن وبنية الجسم ولون العين وملمس الشعر وحتى الذكاء والقدرات والأمراض والحالات؛ مثل أمراض القلب و السكري والسمنة، كما يمكن أن تنتقل عن طريق الجينات، مما يؤثر على نمو وتطور الطفل بشكل سلبي، مع ذلك يمكن للعوامل البيئية والتنشئة أن تبرز أفضل الصفات الموجودة بشكل فعلي في الجينات.
  • البيئة: تلعب البيئة دور حاسم في نمو الأطفال وتمثل مجموع التحفيز الجسدي والنفسي الذي يتلقاه الطفل، تتضمن العديد من عوامل البيئة التي تؤثر على نمو الطفولة المبكرة البيئة المادية والظروف الجغرافية للمكان الذي يعيش فيه الطفل، فضلاً عن بيئته الاجتماعية وعلاقاته مع أسرته وأقرانه، من السهل أن نفهم أن الطفل الذي يتم تربيته بشكل جيد يكون أفضل من الطفل المحروم؛ فالبيئة التي ينغمس فيها الأطفال باستمرار تساهم في ذلك، كما تبني المدرسة الجيدة والأسرة المحبة لدى الأطفال مهارات اجتماعية وشخصية قوية والتي تمكنهم من التفوق في مجالات أخرى.
  • الجنس: جنس الطفل هو عامل رئيسي آخر يؤثر على النمو في علم النفس، ينمو الأولاد والبنات بطرق مختلفة وخاصة عند اقتراب سن البلوغ، يميل الأولاد لأن يكونوا أطول وأقوى جسدياً من الفتيات، مع ذلك تميل الفتيات إلى النضوج بشكل أسرع خلال فترة المراهقة، بينما ينضج الأولاد على مدى فترة زمنية أطول، كما أنّ للبنية الجسدية لأجسادهم اختلافات تجعل الأولاد أكثر رياضية وملاءمة للأنشطة التي تتطلب صرامة بدنية، تختلف مزاجهم كذلك ممّا يجعلهم يبدون اهتمام بأشياء مختلفة.
  • ممارسة وصحة: لا تعني كلمة تمرين هنا ممارسة الرياضة البدنية كتأديب أو انخراط الأطفال عن عمد في أنشطة بدنية مع العلم أنها ستساعدهم على النمو، يشير التمرين هنا إلى وقت اللعب العادي والأنشطة الرياضية التي تساعد الجسم على زيادة القوة العضلية وزيادة كتلة العظام، يساعد التمرين المناسب الأطفال على النمو جيداً والوصول إلى المعالم في الوقت المناسب أو عاجلاً، كما تحافظ التمارين الرياضية على صحتهم وتحارب الأمراض من خلال تقوية جهاز المناعة، خاصة إذا كانوا يلعبون في الخارج، هذا لأنّ اللعب في الهواء الطلق يعرضهم للميكروبات التي تساعدهم على بناء المقاومة ومنع الحساسية .

  • الهرمونات: تنتمي الهرمونات إلى نظام الغدد الصماء وتؤثر على الوظائف المختلفة لأجسامنا، يتم إنتاجها بواسطة غدد مختلفة تقع في أجزاء معينة من الجسم لإفراز الهرمونات التي تتحكم في وظائف الجسم، إنّ أداءها في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية للنمو البدني الطبيعي وتطور الأطفال، يمكن أن تؤدي الاختلالات في عمل الغدد التي تفرز الهرمونات إلى عيوب في النمو والسمنة ومشاكل سلوكية وأمراض أخرى، أثناء فترة البلوغ تنتج الغدد التناسلية هرمونات جنسية تتحكم في نمو الأعضاء التناسلية وظهور الخصائص الجنسية الثانوية عند الأولاد والبنات.
  • التأثير العائلي: للعائلات الأثر الأكبر في تنشئة الطفل وتحديد الطرق التي يتطور بها نفسياً واجتماعياً، سواء تربوا من قبل آبائهم أو أجدادهم أو رعاية حاضنة، فهم بحاجة إلى الحب الأساسي والرعاية والمجاملة للتطور كأفراد وظيفيين أصحاء، يُلاحظ النمو الأكثر إيجابية عندما تستثمر العائلات الوقت والطاقة والحب في تنمية الطفل من خلال الأنشطة، مثل القراءة لهم واللعب معهم وإجراء محادثات عميقة ذات مغزى، فالعائلات التي تسيء معاملة الأطفال أو تهملهم ستؤثر على نموهم الإيجابي، قد ينتهي الأمر بهؤلاء الأطفال كأفراد لديهم مهارات اجتماعية ضعيفة وصعوبة في التواصل مع أشخاص آخرين كبالغين.

  • التأثيرات الجغرافية: للمكان الذي نعيش فيه كذلك تأثير كبير على كيفية ظهور الأطفال، فالمدارس التي يرتادونها والحي الذي يعيشون فيه، كذلك الفرص التي يوفرها المجتمع ودوائر أقرانهم هي بعض العوامل الاجتماعية التي تؤثر على نمو الطفل، فالعيش في مجتمع غني يحتوي على حدائق ومكتبات ومراكز مجتمعية للأنشطة الجماعية والرياضية تلعب جميعها دور في تنمية مهارات الطفل ومواهبه وسلوكه، يمكن للمجتمعات غير المهتمة أن تدفع بعض الأطفال إلى عدم الخروج كثيراً بألعاب الفيديو في المنزل بدلاً من ذلك.

  • الوضع الاجتماعي والاقتصادي: يحدد الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة نوعية الفرصة التي يحصل عليها الطفل، من المؤكد أن الدراسة في مدارس أفضل وأكثر تكلفة لها فوائد على المدى الطويل، يمكن للعائلات الميسورة كذلك تقديم موارد تعليمية أفضل لأطفالهم وهم يتحملون مساعدة خاصة إذا احتاجها الأطفال، فقد لا يتمكن الأطفال من الأسر الفقيرة من الوصول إلى الموارد التعليمية والتغذية الجيدة للوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، قد يكون لديهم أيضًا آباء عاملين يعملون لساعات طويلة ولا يمكنهم استثمار وقت ممتع كافي في تطورهم.

  • التعلم والتعزيز: التعلم ينطوي على أكثر من مجرد التعليم، كما أنها تهتم ببناء الطفل عقلياً وفكرياً وعاطفياً واجتماعياً حتى يعمل كأفراد وظيفيين يتمتعون بالصحة في المجتمع، هذا هو المكان الذي يحدث فيه تطور العقل ويمكن للطفل أن يكسب بعض النضج، فالتعزيز هو أحد مكونات التعلم حيث يتم تكرار النشاط أو التمرين وصقله لترسيخ الدروس المستفادة، مثال على ذلك هو العزف على آلة موسيقية؛ فأثناء ممارسة العزف على الآلة الموسيقية، يجب تكرار ذلك في أي درس يتم تدريسه حتى يتم الحصول على النتائج الصحيحة.

شارك المقالة: