يعتقد الكثير منّا بأنّ المشاكل التي تحصل في مجتمعاتنا لا تحصل إلّا من قبل الطلبة ضعيفي التقدير أو الطلبة غير المتفوقين، ومن الأخطاء الشائعة أيضاً أن يعتقد البعض أنّ الطلبة الموهوبين هم الأكثر قدرة على النجاح والتفوّق الأكاديمي والعملياتي وأنهم لا يحتاجون أحد، لنجد من خلال معظم الدراسات العالمية أنّ الأشخاص الموهوبين والمتفوقين جزء منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، هم بأمس الحاجة إلى عملية الإرشاد النفسي.
ما أبرز مميزات الطلبة الموهوبين
يمتاز الطلبة الموهبين بقدرات عقلية تفوق قدرات الأشخاص العاديين، فهم يتمتّعون بقدرة على استقبال المعلومات ومعالجتها بصورة طبيعية أكثر من الأشخاص العاديين، كما وأنّهم يتطوّرون بوتيرة سريعة لا تتماشى مع أبناء جيلهم، ولكن هذه الخصائص تجعل قدراتهم الأكاديمية تفوق بكثير قدراتهم على التكيّف المجتمعي أو مقدار الحصول على الثقة بالنفس، وبالتالي فإن الجميع يعتقد بأنهم قادرون على النجاح والوصول إلى أي مستوى يرغبون في الوصول إليه بصورة منفردة دون الحاجة إلى أحد وهذا أمر غير صحيح.
المشكلات الإرشادية التي يعاني منها الموهوبون
1. عدم القدرة على التكيف المجتمعي
استطاع الإرشاد للنفسي أنّ يسلّط الضوء على مقدار التكيّف المجتمعي الذي لا بدّ وان يحظى به الشخص الموهوب، والسبب في ذلك أنّ المختصين كانوا يسلّطون الضوء فقط على السلوك الأكاديمي متناسين السلوك العاطفي والقدرة على التكيف مع المجتمع بصورة جديرة، وتظهر هذه المشكلة لدى الأشخاص الموهوبين في مراحل العمر الأولى والتي يجب أن تحظى باهتمام ومراقبة الأهل ليتم معالجتها بصورة مباشرة من قبلهم.
2. الشعور بالاكتئاب والاضطراب الفكري
في كثير من الأحيان يعاني الأشخاص الموهوبون من مشاكل تتعلّق بالاضطرابات النفسية ذات الأثر الكبير على نمو الشخصية، فهم لا يستطيعون أن يتماشوا مع المجتمع كونهم يرون أنه لا يتوافق مع مبادئهم وتطوّرهم الفكري، كما وأن المستوى الفكري لديهم لا يتناسب كثيراً مع المستوى الفكري لدى ذويهم واصدقائهم مما يجعلهم يشعرون بالوحدة وعدم القدرة على التوافق الفكري، فالذكاء الذي يمتلكونه إن لم يتمّ توظيفه بصورة إيجابية من الطبيعي أن تكون النتيجة سلبية وغير متوقّعة، فكثيراً ما نسمع عن أشخاص بالغي الذكاء والتفوّق أصيبوا بالجنون وفقدان السيطرة على الذات.
3. عدم القدرة على بناء المستقبل بصورة منفردة
لا يستطيع الأشخاص الموهوبون كما هو معتقد من بناء نظرة مستقبلية لهم بصورة منفردة، فهم عادة ما يلجؤون إلى غيرهم من الأشخاص لمساعدتهم في اختيار نوع الدراسة وطبيعة المهنة وطريقة التعامل مع الآخرين، كون سلوكهم الأكاديمي يمكن وصفه بالمتميز ولكنه يختلف تماماً عن سلوكهم الشخصي الذي يظهر في بعض الأحيان بصورة سلبية غير مقبولة من قبل المجتمع، لذلك يلجأ العديد من الأشخاص الموهوبين إلى الإرشاد النفسي كوسيلة يستطيعون من خلالها إظهار مواهبهم على حقيقتها والوقوف في وجه التحديات التي تقع في حياتهم العملية والحياتية.
3. عدم القدرة على بناء علاقات عاطفية
لا يملك جميع المسترشدون من أصحاب المواهب القدرة على بناء علاقات عاطفية على الصعيد الشخصي أو صعيد العمل، فهم لا يملكون القدرة على المجاملة أو إظهار المشاعر بصورة صحيحة ولا يستطيعون أن يخفوا الحقيقة أو أن يتحرّروا من الأفكار التي يعتقدونها حتّى ولو كانت خاطئة، لذلك نجد أنّ عدد لا بأس به من الأشخاص الموهوبين لا يملكون أدنى فكرة عن الحياة العاطفية ولا يستطيعون أن يتمثّلوا التقارب والودّ مع الآخرين، ويحاولون أن يخفوا مشاعرهم الحقيقية حتّى عن ذويهم.
4. عدم القدرة على الاختيار
لا يملك عدد من الأشخاص الموهوبين القدرة على الاختيار فهم عادة ما يشعرون بالضعف والخوف من حسم القرارات، كما وأنهم يعتقدون أن خياراتهم قد لا تصبّ في مصلحتهم وأن الآخرين يتربّصون بهم من أجل إفشالهم، فهم يعيشون على فرضيات تتعلّق بنظرية المؤامرة والخوف من المجهول.
وتعتبر العملية الإرشادية التي يخضعون إليها من أفضل الأمور التي تساعدهم على تهذيب شخصيتهم، فهم يستطيعون من خلال العملية الإرشادية أن يدركوا مدى الذكاء الذي هو لديهم، وأن يتعرّفوا على أفضل الطرق التي تساعدهم في إثبات ذاتهم وإظهار قدرتهم المتعلّقة بالقدرات، ويمكن للإرشاد النفسي أن يساعد هذه الفئة من الأشخاص في تحسين مستوى العاطفة لديهم، والظهور بصورة نمطية سلوكية مقبولة لدى المجتمع من خلال برامج تأهيلية صحيحة.