انتشر العِلاج الواقِعي بسُرعة بين المرشدين في سنة الستينات، تم استخدامه في الإرشاد الفردي والجماعي، أيضاً في المدارس ومؤسسات التعليم الأخرى. يعتبر العلاج بالواقع من أهم الاتّجاهات في الإرشاد النفسي والعلاج، إذ يعتمد على إدراك الفرد وتفكيره، يقوم بربط الاضطراب العقلي مع السلوك غير المسؤول. يرى وليام جلاسر مؤسّس نظرية الإرشاد الواقعي أنَّ السلوك الغير مسؤول هو سلوك منهزم، يسعى لإيذاء ذاته وإيذاء المحيطين من حوله. تركّز هذه النظرية على أنَّ الفرد كائن عقلاني ومسؤول بشكل شخصي عن سلوكاته.
ويليام جلاسر
ولد جلاسر عام 1925 في مدينة أوهايو، قام بالحصول على البكالوريوس في الهندسة الكيماوية، ثم حصل على الماجستير والدكتوراة في علم النفس الإكلينيكي، حصل على الدكتوراة عام 1955، بعد ذلك صار جلاسر طبيب استشاري لكلية فنتور للبنات عام 1956. أخذ جلاسر منصب رئيس المعالجين النفسيين في مؤسسة جنوح الأحداث من الأطفال سنة 1957، وجد أنَّها فرصة لتطبيق الأفكار التي قام بتطويرها في مستشفى VA، التي ترتبط في العقاب والسلوكات والأفكار وغيرها.
كان عمل جلاسر في الستينيات مرشد عام في مجال التعليم، إذ قام بتطبيق مفاهيمه للعلاج الواقعي على عمليات التعليم والتعلُّم، كان اهتمامه في تفاعلات الطلاب مع المعلِّمين، أيضاً كيفيَّة ربط الحياة في التعليم. أسَّس مركز تعليمي وتدريبي يتلقَّى المعلمون عن طريقه تدريب حول هذا النَّوع من الإرشاد، اشترك جلاسر في تأليف عدد من الكتب.
قام جلاسر برفض المرض العقلي التقليدي، فقد قام بتطوير طرق متطورة في الإرشاد والعلاج، سمّاها العلاج الواقع عام 1965، تعتمد هذه الطريقة على استخدام مناهج خاصَّة تقوم على المبادئ الخاصة للتدريب والتعليم. تهدف هذه المناهج إلى بناء الأشياء المراد بنائها عن طريق مراحل النمو عند الفرد في السابق، يقوم هذا الاتجاه على أساس تعميق مبادئ المسؤولية، وجد أنّه كلما قلت المسؤولية أصبح سلوك الفرد أكثر اتجاه نحو الأخطاء، أيضاً قام بتطوير نظرية أخرى في العلاج سمّاها العلاج الانتخابي عام 1996.
تعلَّم جلاسر طريقة مباشرة تسمى (التفسير الأخلاقي الطبي)، هذه الطريقة تساعد المرضى على تعلّم فلسفةً الحياة، تقوم بالتركيز على صحة الفرد ولا تركّز على المرض.
عندما عمل جلاسر في التعليم كمرشد نفسي في الستينات، قام بتطبيق مفاهيمه الرئيسية للعلاج بالواقع على عمليات التعليم والتعلُّم.
ويليام غلاسر: مؤسس نظرية الإرشاد الواقعي
ويليام غلاسر (1925-2013) هو مؤسس نظرية الإرشاد الواقعي، والتي تُعد واحدة من أبرز النظريات في مجال العلاج النفسي. غلاسر كان طبيبًا نفسيًا ومؤلفًا وصاحب بصمة بارزة في مجال الصحة النفسية من خلال تطويره لأسس نظرية تُعنى بتغيير السلوك وتحقيق التوازن النفسي من خلال اتخاذ قرارات واعية. سنستعرض فيما يلي حياة ويليام غلاسر، نظريته الرئيسية، وأثره على علم النفس الحديث.
حياة ويليام غلاسر
وُلد ويليام غلاسر في 11 مايو 1925 في الولايات المتحدة الأمريكية. حصل على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة كيس ويسترن ريزيرف، وبدأ عمله كطبيب نفسي. طوال مسيرته المهنية، كان غلاسر مهتمًا بفهم كيفية تأثير الخيارات الشخصية على الصحة النفسية والسلوك البشري. تطور اهتمامه هذا ليصبح الأساس الذي قام عليه نظرية الإرشاد الواقعي.
نظرية الإرشاد الواقعي
في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، بدأ غلاسر في تطوير نظرية الإرشاد الواقعي، التي تركز على فكرة أن الأفراد يتحكمون في حياتهم من خلال خياراتهم الشخصية. تنبثق هذه النظرية من مجموعة من المبادئ الأساسية:
نظرية الاختيار: تعتبر نظرية الاختيار، التي هي حجر الزاوية في الإرشاد الواقعي، أن الناس يملكون القدرة على اختيار سلوكياتهم والتأثير على حياتهم من خلال اتخاذ قرارات مدروسة. يرى غلاسر أن الأفراد يحددون اتجاه حياتهم من خلال خياراتهم، وأن التغيير يبدأ عندما يقررون تغيير سلوكياتهم وقراراتهم.
تلبية الاحتياجات الأساسية: يشير غلاسر إلى أن الأفراد يسعون لتلبية خمس احتياجات أساسية: الحب والانتماء، القوة، الحرية، التسلية، والنجاح. يعتبر تلبية هذه الاحتياجات أساسيًا لتحقيق التوازن والرضا الشخصي.
التركيز على الحاضر والمستقبل: يوجه غلاسر اهتمامه نحو الحاضر والمستقبل بدلاً من التركيز على الماضي. يشجع الأفراد على تحديد أهداف واضحة والتخطيط لتحقيقها، مما يساعدهم على تعزيز التنمية الشخصية وتحقيق التغيير الإيجابي.
مسؤولية الذات: يشدد غلاسر على أهمية تحمل الأفراد مسؤولية أفعالهم وقراراتهم. يرى أن الأشخاص يجب أن يتحملوا المسؤولية عن حياتهم وأن يتخذوا قرارات تؤدي إلى تحسين جودة حياتهم.
إسهامات غلاسر
أثرت نظرية غلاسر على العديد من مجالات العلاج النفسي والتعليم وإدارة المؤسسات. من خلال التركيز على الخيارات الشخصية والتغيير الإيجابي، قدم غلاسر أداة فعالة للأفراد لتحسين حياتهم وتحقيق أهدافهم. كتب العديد من الكتب التي أطلقت مبادئه الأساسية للعالم، منها:
- “العلاج الواقعي: نهج جديد للطب النفسي” (Reality Therapy: A New Approach to Psychiatry).
- “نظرية الاختيار: علم نفس جديد للحرية الشخصية” (Choice Theory: A New Psychology of Personal Freedom).
- “المدرسة الجودة: إدارة الطلاب بدون إكراه” (The Quality School: Managing Students Without Coercion).
تأثير غلاسير على علم النفس
تأثير غلاسر على علم النفس الحديث كبير، فقد قدم نهجًا عمليًا يركز على تحسين الحياة الشخصية من خلال الوعي بالاختيارات والمسؤولية الذاتية. لا تزال مبادئ الإرشاد الواقعي تُستخدم في معالجة القضايا النفسية، وتوجيه الأفراد نحو تحقيق التغيير الإيجابي في حياتهم.
ويليام غلاسر كان رائدًا في مجال العلاج النفسي من خلال تطويره لنظرية الإرشاد الواقعي. من خلال تركيزه على الاختيارات الشخصية، وتلبية الاحتياجات الأساسية، وتحمل المسؤولية الذاتية، قدم غلاسر أداة قيمة للأفراد لتحقيق التغيير الإيجابي وتحسين جودة حياتهم. تستمر إسهاماته في التأثير على طرق العلاج والتعليم وإدارة الأفراد، مما يجعله شخصية بارزة في مجال الصحة النفسية.