يتفق الباحثون على أن علم النفس المعرفي الحديث ظهر عام 1956، حيث نُشر خلال هذه السنة العديد من الدراسات والمؤلفات حول الانتباه، الذاكرة، اللغة، تكوين المفاهيم وحل المشكلات. ومن أشهر الباحثين في هذا المجال نيسر Neiser، وقد عمل على تحول كبير للمنحى المعرفي يطلق عليه أحياناً ثورة معرفية.
عوامل ساهمت في زيادة شعبية علم النفس المعرفي:
- استياء علماء النفس من النظريات السلوكية، فلا يمكن تفسير سلوك الانسان المُعقد باستخدام مفاهيم سلوكية تقليدية، مثل: (مثير- استجابة)، (تعزيز- عقاب).
- التطورات الجديدة في اللغويات والذاكرة: شومسكي مثلاً أكد أن بنية اللغة معقدة، وأنه لا يمكن تفسيرها بمصطلحات سلوكية، وأكد أيضاً أن البشر لديهم قدرة فطرية على السيطرة على اللغة المعقدة والمتنوعة، وهذا ما يخالف النظريات السلوكية التي تشير إلى أن اكتساب اللغة يمكن تُفسَّر بالكامل من خلال مبادىء التعلم.
هناك تطور جديد قوي وداعم للمنحى المعرفي كان على يد بياجيه وحديثه عن تفكير الأطفال، حيث يشير أن الاطفال يكتشفون عالمهم باستراتيجيات متعددة، وتتغير الاستراتيجية لديهم مع النضج (بقاء الأشياء) كما أن المراهقين يستخدمون مبادىء علمية. - معالجة المعلومات: هي الأكثر شعبية في علم النفس المعرفي، في الخمسينيات من القرن الماضي بدأ علم الاتصالات، والكمبيوتر باكتساب شعبية، وبدأ الباحثون بالتكهن بأن عمليات التفكر البشري يمكن تحليلها من خلال منظور مشابه للكمبيوتر.
اقترح الباحثون عدداً من نماذج معالجة المعلومات لتفسير الذاكرة البشرية، مثل: نموذج اتكنسون وشيفرن، ووفق هذا النموذج:
- تدخل المثيرات من البيئة الخارجية إلى الذاكرة الحسية (الذاكرة الحسية نظام تخزين يسجل المعلومات من كل الحواس بدقة، وهناك ذاكرة حسية بصرية، ذاكرة حسية سمعية)، والتخزين لمدة ثانيتين فقط ثم يتم نسيان معظم المعلومات.
- تأتي بعض المعلومات من الذاكرة الحسية وتدخل إلى الذاكرة القصيرة (العاملة)، وهذه الذاكرة تحتوى على معلومات قليلة، وتستخدمها بنشاط، وتحتفظ بالمعلومات لمدة 30 ثانية.
- جزء صغير يَمرّ من الذاكرة القصيرة إلى الذاكرة الطويلة، حيث تحتوي الذاكرة الطويلة على ذكريات كثيرة، وهذه المعلومات دائمة نسبياً، وليس من المحتمل أن تضيع.