علاج الإسلام لمشكلة الأنانية لدى الطفل

اقرأ في هذا المقال


الأنانية مرض يدفع الطفل إلى حافة الهاوية، وتدمر عالمه وحياته في الآخرة، عندما يكون عقل الطفل مقتنعًا تمامًا بأنه متفوق على الآخرين، يصبح ضحية للأنانية والغطرسة واحتقار الآخرين وكرههم، ويجب على الوالدين تعليم أبنائهم احترام وتقدير الآخرين؛ لتجنب وقوعهم في فخ الأنانية، وينذر القرآن الكريم الإنسان بتجنب الوقوع في فخ الأنانية وتذكر الواقع، والاستجابة لاحتياجات الأطفال ومعاملتهم بلطف هي أمثلة على السلوك الذي يساعد الأطفال على تجنب أن يصبحوا أنانيين.

مشكلة الأنانية لدى الطفل المسلم

إن الله سبحانه وتعالى وضع النفس البشرية على المَحك بميلها إلى الأنانية، ما لم يعيش الشخص وفقًا للمعايير الأخلاقية للقرآن الكريم ويروض رغباته، فإن هذا الشعور سيحكم إطاره الأخلاقي بأكمله فهذا النوع من الأشخاص منشغلون بأنفسهم أكثر من الآخرين، وهو يبحث باستمرار عن الأفضل والأجود والأكثر ثباتًا في كل شيء لنفسه، فضلاً عن حياة سعيدة لعائلته.

يبحث الوالدين عن أسباب المخاطرة والحلول لأي مشكلة من أجل الطفل، حتى لو كان ذلك على حساب التضحية بمصالحهم الخاصة من أجل الطفل، وإن الوالدين يكونون قلقين بشأن حماية الطفل وأهوائه ومصالحه، فضلاً عن راحته ومتعته.

ويكتفي الطفل بنفسه عندما يكون أنانيًا نتيجة لرضاه عن نفسه، والطفل الأناني يُصاب بالعديد من العيوب والامراض، وعادةً ما يصبح الشخص أنانيًا نتيجة لأنشطته، ويعتقد أن إرادته تشارك في تنفيذ هذا النشاط، وهذا يعني أنه ينسب كل الأشياء الإيجابية إلى نفسه، وفي هذه الناحية يجب على الوالدين تذكير الطفل أنه لا يمكن تحريك ورقة واحدة من الشجرة بدون مشيئة الله تعالى في هذا الكون.

يجب على الوالدين تعليم الأبناء أننا نعتمد على الله تعالى في جميع الأمور لدرجة أننا لا نستطيع حتى أن نتنفس بدون إذنه جل وعلا، ويمكن أن يتأثر الطفل بالأنانية بسبب جاذبيته وقوته وفكره وذكائه، عندما يكون عقل الطفل مقتنعًا تمامًا بأنه أفضل من الآخرين، وأنه متفوق على من هم في عمره، يصبح ضحية للأنانية ويصبح متعجرفًا، ويحتقر الآخرين ويكرههم.

وفي مثل هذا الحالة يكون الطفل غير راضٍ عقليًا وينحدر سريعًا إلى الاكتئاب، وإذا نظرنا إلى موضوع الأنانية من منظور دنيوي، فإن الأنانية تجعل الطفل يرى الآخرين على أنهم أقل شأن منه، ويشعر أنه متفوق وأفضل من الآخرين في الكثير من الأمور، وأن الأنانية في الأمور الدينية لها عواقب شديدة.

حل مشكلة الأنانية لدى الأبناء في الإسلام

لا يعتقد مثل هذا الطفل أنه متفوق على الآخرين فحسب، بل يصبح منافقًا أيضًا، يبدأ في الاعتماد على نفسه بكل ثرواته الطيبة، قال الله تعالى في القرآن الكريم: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”، سورة الحشر الآية، 9، تنصح هذه الآية بحمد الله وشكره بدلًا من اعتبار الشخص نفسه فاضلاً وقويًا وإذا حققت شيئًا جيدًا، تجنب الوقوع في فخ الأنانية لدرجة احتقار الآخرين.

إن مشكلة الأنانية هي من أخطر القضايا التي يذكرها الله تعالى في كتابه العزيز ويضع طرق العلاج لها، وإن أكبر مشاكل الفرد النفسية والاجتماعية تنبثق من الأنانية، وينمي الإسلام محبة الله تعالى، وهي الطريقة الوحيدة للتخلص من عادة الأنانية واكتساب صفات مثل الرحمة واللطف والعون والإيثار، وهي من صميم المبادئ الأخلاقية القرآنية، على الأهل تنمية هذه الصفات في الطف؛ لتجنب أثار الأنانية لديه.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، متفق عليه، على الأبناء أن يعلموا أن الذين يخافون الله تعالى ويحبونه قادرون على الاستسلام له، ورؤية الأفضل في كل شيء والرحمة، ويُظهر الله تعالى محبته للمؤمنين الذين يتسمون بنكران الذات ويهتمون بالآخرين.

ويطلب الإسلام من الناس التخلي عن الأشياء التي يستمتعون بها أو التضحية براحتهم الشخصية، وتضفي المُثل الأخلاقية للقرآن الكريم صفات أخلاقية على المسلمين، الذين يهدفون إلى حماية الفقراء ومراقبتهم من خلال الصدقات ومساعدة المحتاجين بإلغاء الديون وإنفاق أموالهم في سبيل الله تعالى، بدلاً من اقتنائها واكتنازه، وهذا ما يجب على الوالدين تعليمه لأبنائهم وتربيتهم عليه.

وإن الاستجابة لاحتياجات الناس ومعاملتهم بلطف هي أمثلة على السلوك الذي يساعد الأطفال على تجنب أن يصبحوا أنانيين، ويمكن القضاء على القسوة والأنانية عند الأطفال من خلال التعاطف مع الآخرين، وإظهار اللطف للمحتاجين، ومعاملة الآخرين باحترام ومحبة، قال الله تعالى: “إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًۭا فَخُورًا”، ٣٦، النساء.

ويصبح الطفل الأناني مستهلكًا في مدح الذات، يرى أن رأيه نهائي لا رجعة فيه بسبب الأنانية، ولا يستشير الآخرين عندما يريد شيء ما، بعبارة أخرى الأنانية مرض رهيب نتج عنه العديد من الكوارث والمصائب، يجب على الأهل جميعًا أن يكونوا قدوة لأبنائهم ويُبقون غرورهم تحت السيطرة، إذا تم اكتشاف أي نوع من الأنانية عند الطفل يجب على الأهل الإسراع لحل مثل هذه المشكلة.

تشجيع الإسلام على القيم الإسلامية

وتشجع تعاليم الإسلام على أن يكون الوالدين والأطفال متواضعين وغير أنانيين تجاه الآخرين، وهذه هي الطريقة الأكثر وثوقًا لتحقيق الانسجام في المجتمع، ومن الواضح أن الطفل الذي يمارس التواضع لن يصاب بمرض الأنانية، والتصرفات غير المرغوب والتمادي في الكلام لن يكون له تأثير عليه.

وبالمثل فإن الطفل الذي يُقدّر الآخرين ويحترمهم ويهتم بهم، سيكون بطبيعة الحال خاليًا من مرض الأنانية، وعلى الوالدين تعليم الطفل أن العيب أن الإنسان ينخدع بشهواته، ويتناسى معاصيه ويؤدي العبادات الله تعالى ثم ينسى نعمة الله تعالى عليه.

وإن التفكير المادي السائد في المجتمعات الحديثة التي لا تحيا بالقيم الأخلاقية الدينية ويعزز الروح الأنانية الموجودة في الطبيعة البشرية، وينتشر في الحاضر فلسفة أنا أهم من كل شيء، وفي الواقع تكون فكرة طالما أنني بخير، لا أهتم بما يحدث لأي شخص آخر مسيطرة بشكل كبير.

والإسلام ليس له مكان للرغبات والأنانية، ولقد خلق الله تعالى النفس البشرية مع ميل للأنانية كاختبار، ما لم يحيا بالقيم الأخلاقية للقرآن الكريم ويروض رغباته الأرضية، فإن هذا الشعور سيهيمن على إطاره الأخلاقي بأكمله.

والخوف من الله تعالى ومحبة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تمكِّن المربين من التسليم لأوامر الشريعة الإسلامية، ورؤية أفضل في كل الأمور الخاصة في تربية الأبناء، والتعاطف معهم وتهذيبهم، يبين الله تعالى أن مصلحة المؤمنين فقط هي رضاه، ومن الأمور التي ترضي الله تعالى التربية السليمة للأبناء.


شارك المقالة: