علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تتعلق الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس بطرق معقدة نوعًا ما، حيث أن الرفاهية هي مفهوم أساسي في علم النفس الأخلاقي والتنظيمي، إنه يشير إلى الصالح الأساسي للبشر الفرديين، وبالتالي فهو مفهوم يركز على الإنسان وفردانيته.

علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس

من أجل توضيح العلاقة بين الرفاهية والتفضيلات في علم النفس نحتاج إلى التمييز بين العديد من المتغيرات لمفهوم الرفاهية ووجهات النظر المختلفة، فبحسب وجهة النظر المادية فإن رفاهية الإنسان هي مسألة ظروفها تعتبر مادية مثل الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، وبشكل عام ضروريات الحياة وربما كمالياتها.

بالتالي تم انتقاد وجهة النظر هذه للرفاهية لكونها مادية بمعنى السعي وراء الممتلكات المادية على حساب القيم العليا، والتي ترتبط بكيفية توضيح علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس كما يتعين عليها مواجهة الصعوبات الكامنة في وزن القيمة المادية المختلفة مقابل بعضها البعض.

تتعامل العديد من نظريات علم النفس مع الرفاهية على أنها قضية عقلية وليست مادية، حيث تستخدم النظرة العقلية القائمة على الرغبات رغبات كل شخص أي التفضيلات بالمعنى غير الرسمي لهذه الكلمة كمعيار للرفاهية، ويُنظر إلى الشخص على أنه يتمتع بمزيد من الرفاهية، وكلما زادت إرضاء رغباته، فإذا تم تطبيق هذا الرأي في إطار نفعي فإنه يؤدي إلى تفضيل النفعية.

تواجه هذه النظرة للرفاهية صعوبات في التعامل مع الرغبات المضللة وذاتية الهزيمة في توضيح علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس، حيث يمكن أن يواجه أيضًا صعوبات مع أنواع معينة من الرغبات الأخرى المتعلقة بالرغبات، مثل الرغبات التي تتعلق بالسلوكيات السلبية، وتتمثل الطريقة المعتادة للتعامل مع هذا في طلب تصفية التفضيلات أو تنقيحها قبل استخدامها للحكم على رفاهية الشخص.

علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس

يمكن تبرير تصفية التفضيلات من خلال التجربة اليومية التي تفيد بأن بعض التفضيلات أكثر أهمية بكثير لرفاهية الشخص من غيرها، حيث يمكن المجادلة بأن حساب الرفاهية المعقول القائم على التفضيل لا يمكن أن يستند إلى التفضيلات الإجمالية، ولكن يجب أن يستند إلى مجموعة فرعية من التفضيلات الأساسية المهمة للفرد.

في علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس من المتوقع أن يكون تحديد تلك المجموعة الفرعية مثيرًا للجدل، إذا كان سيتم تحديدها من قبل أشخاص آخرين غير الشخص المعني برفاهيته، فسيكون من الصعب تجنب مشاكل كثيرة مثل المشاكل الأسرية التي يتعارض بها تفضيل الأفراد للقرارات المتنوعة والمستقبلية.

يُفترض عادةً أن تنقيح وتصفية التفضيلات يؤدي إلى تفضيلات الشخص الافتراضية المنطقية أو المدروسة بشكل مثالي، حيث أن التفضيلات المدروسة بشكل مثالي هي تلك التي كان سيحصل عليها الفرد إذا كان سيشارك في مداولات شاملة حول تفضيلاته بمعلومات كاملة ذات صلة، في مزاج هادئ مع التفكير بوضوح وعدم ارتكاب أخطاء منطقية.

تتمثل مشكلة وجهة النظر هذه في علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس في أنه لا يبدو أن هناك طريقة سهلة لتحديد تفضيلات الشخص التي تعتبر بشكل مثالي بناءً على تفضيلات الشخص وظروفه.

النظرية العقلية في تحديد علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس

تعتمد النظرة العقلية في تحديد علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس على الحالة التي يُحدد فيها رفاهية الشخص ببعض الحالة العقلية مثل السعادة أو الرضا، حيث أنه من المفترض أن الحالات الذهنية ذات الصلة يمكن على الأقل من حيث المبدأ الحكم عليها من قبل مقيّمين خارجيين، إذا تم تطبيق مثل هذا الرأي في إطار نفعي فيمكن أن يؤدي إلى نفعية المتعة.

يمكن انتقاد هذا الرأي بسبب عدم انتقاد الترتيبات التي يكون فيها الأفراد سعداء على الرغم من تعرضهم للقمع أو الحرمان في التنشئة الأسرية، علاوة على ذلك فإن الصعوبات التي ينطوي عليها مقارنة الخصائص العقلية مثل السعادة لدى الأشخاص المختلفين تخلق مشكلة لوجهات النظر التي تعتمد على مثل هذه المقارنات لتحديد علاقة علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس.

ومع ذلك فإن العمل على قياس السعادة والرضا عن الحياة قد تحدى هذا الرأي، وربما فتح طرقًا جديدة للبحث في كل من علم النفس التنظيمي والفلسفي والأخلاقي، فواحد فقط من هذه الآراء أي وجهة النظر القائمة على الرغبات يشير إلى ما نسميه عادة بالقرارات التفضيلية، ومع ذلك يمكن أيضًا التعبير عن علاقات التفضيل من حيث التخلص من الألم.

يمكننا استخدام مثل هذه العلاقات لترتيب الحالات المادية على التوالي في الحالات العقلية من حيث كيفية استيفائها لمعايير الرفاهية التي اخترنا تطبيقها في التفضيلات، ومنها من المهم التمييز بين التفضيلات من ناحية بالمعنى العام للمثل المقارن، ومن ناحية أخرى استخدام علاقة التفضيل للتعبير عن الدرجات لأي ملكية تفي هيكلها بالمتطلبات الشكلية المشتركة لهذه العلاقة.

مشاكل علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس

من المشاكل الشائعة لمحاولات تفسير علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس من حيث التفضيل أننا نتوقع أن تكون رؤية الشخص لرفاهيته ذاتية بشكل أساسي، لكن تفضيلاته يمكن أن تشير إلى مخاوف لا تتعلق بالذات، مثل مخاوفها بشأن أشخاص آخرين، وجهات نظرها حول العدالة الاجتماعية، والتزاماتها على سبيل المثال بالتقاليد والاتفاقيات والأفكار الأخلاقية.

من المشاكل التي قد تواجه علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس أن تتأثر خياراتنا بمجموعة واسعة من القرارات والاختيارات والشعور بالحيرة فيما بينها، لذلك لا يبدو من الممكن ربط التفضيلات بقوة بالرفاهية وفي نفس الوقت ربطها بقوة بالاختيار.

تغيير علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس

تتعلق التفضيلات بالوقت والتغييرات بعدة طرق حيث يمكن أن تشير التفضيل في وقت ما إلى ما يحدث أو حدث في أوقات أخرى، علاوة على ذلك يمكن أن تتغير التفضيلات بمرور الوقت؛ بسبب التغيرات في المعتقدات أو القيم أو الأذواق أو مزيج من هذه، حيث يتطلب تغيير علاقة الرفاهية بالتفضيلات في علم النفس معالجة تفسيرية ونظرية.

جادل بعض علماء النفس بأن تغيير التفضيل ليس سوى تصور سطحي، وأن التفضيلات الأساسية تظل ثابتة بمرور الوقت، ولكن هناك بعض الحِجَج تفيد بأن تفضيلات الناس تتغير بالفعل بمرور الوقت، حيث فسر العديد من علماء النفس التفسيرات الناجحة للتغيير السلوكي والدليل السلوكي التجريبي على أنه تغيير في التفضيل.

يمكن تمييز هذه التفسيرات إلى نماذج من التأثيرات الخارجية ونماذج التماسك الداخلي، ومنها تحاول نماذج التأثير الخارجي إنشاء روابط عامة بين الأحداث الخارجية وتشكيلات تفضيل الأفراد، وهي تشمل على سبيل المثال التقليد الاجتماعي، وتأثير الوالدين، وتكوين العادات.

في حين تأخذ نماذج التماسك الداخلي بعض التأثيرات الخارجية، وتغيير تفضيل النموذج كإيواء لهذه التأثيرات الخارجية، وهي تشمل المعتقدات وتأثير التنافر المعرفي على التفضيلات.

في النهاية نجد أن:

1- هناك علاقة بين الرفاهية والتفضيلات في علم النفس من حيث التمييز بين العديد من المتغيرات لمفهوم الرفاهية ووجهات النظر المختلفة لهذه الرفاهية.

2- يُفترض أن تنقيح وتصفية التفضيلات يؤدي إلى تفضيلات الشخص الافتراضية المنطقية من حيث أن التفضيلات المدروسة هي تلك التي كان سيحصل عليها الفرد إذا كان سيشارك في مداولات شاملة حول تفضيلاته بمعلومات كاملة.

3- تعتمد النظرة العقلية في تحديد علاقة الرفاهية بتصفية التفضيلات في علم النفس على الحالة التي يُحدد فيها رفاهية الشخص ببعض الحالة العقلية مثل السعادة أو الرضا.

المصدر: ظواهرية الإدراك، موريس مرلوبونتي، 2011الوعي والإدراك، البحث في آلية عمل الدماغ البشري، عمر اسبيتان، 2009التصور العقلي من منظور علم النفس التربوي، رجاء محمد أبو علام وعاصم عبد المجيد أحمد، 2014علم النفس المعرفي، د. رافع النصير الزغلول - د. عماد عبد الرحيم الزغلول


شارك المقالة: