المعلمون والباحثون في علم النفس الإيجابي حلفاء بالفطرة، يدور التعليم في جوهره حول تعزيز نقاط القوة والنمو والتعلم، علاوة على ذلك تعد الرفاه النفسي والاجتماعي من الاهتمامات الرئيسية للمعلمين والمعلمين الآخرين وللعاملين في مجال علم النفس الإيجابي.
يوضح هذا الاقتباس الاقتران الطبيعي بين علم النفس والتعليم الذي استمر، طالما كان علم النفس مجال للدراسة، في الآونة الأخيرة دعا علماء النفس الإيجابي إلى علم النفس الإيجابي في المدارس إلى جانب علم النفس التقليدي، يمكن تسمية هذه الحركة بالتعليم الإيجابي.
علم النفس الإيجابي في التربية:
وفقاً سيليجمان وآخرون لعام 2009 فإن التعليم الإيجابي هو استجابة للفجوة بين ما يريده الناس لأطفالهم وما تعلمه المدارس، هذا يعني أن معظم الآباء يريدون لأطفالهم أن يكونوا سعداء وصحيين وواثقين، لكن المدارس تركز فقط على الإنجاز والانضباط والمهارات الأكاديمي،. هذه بالطبع مهمّة ولكن النتائج الإيجابية للصحة العقلية كذلك، لإصلاح هذه الفجوة يُقترح التعليم الإيجابي، حيث تقوم المدارس بتدريس الإنجاز والإنجاز مع مهارات الصحة العقلية المستندة إلى علم النفس الإيجابي.
كانت التدخلات النفسية موجودة في المدارس منذ ثلاثينيات القرن الماضي على الأقل، لذلك من المنطقي استكمال علم النفس التقليدي الموجود بالفعل في المدارس بعلم النفس الإيجابي، فسيليجمان وغيره من علماء النفس الإيجابيين ليسوا وحدهم الذين يعتقدون أن المدارس يجب أن تهدف إلى رفاهية الطلاب، على سبيل المثال اعتبر الفلاسفة منذ زمن بعيد أرسطو أن السعادة هي الهدف النهائي للتعليم.
كان الأشخاص الآخرون العاملون في مجال التعليم مهتمين تاريخياً برفاهية الطلاب، لذلك فإنّ التعليم الإيجابي ليس بالضرورة ابتكار رائد، هذا لا يدين جهود التعليم الإيجابية وفي الواقع يظهر فقط أن التعليم الإيجابي يهدف إلى حل المشكلات في التعليم التقليدي التي احتاجت إلى حل لفترة طويلة، يعتقد المعلمون أنفسهم أنّ التدريس مرتبط بالصحة العاطفية ورفاهية الطلاب الذين يتم تدريسهم، يشير التسلسل الهرمي للاحتياجات لماسلو (1943) إلى أنّ الدعم العاطفي قد يكون نوع من المتطلبات الأساسية لوظائف الترتيب الأعلى مثل التعلم.
أكدت الأبحاث الحديثة الأمر نفسه؛ حيث أن تقديم الدعم العاطفي في وقت مبكر من العام الدراسي يمكن أن يؤدي إلى تحسين الجودة التعليمية في وقت لاحق من ذلك العام الدراسي، بعبارة أخرى علم النفس الإيجابي لا يركّز على الصحة العقلية بدلاً من التحصيل الأكاديمي، لكنّه يركز على الصحة العقلية من أجل تمهيد الطريق وإعطاء الطلاب فرصة للتحصيل الأكاديمي.
من المحتمل أن تكون محادثة الفصل الدراسي أهم جانب من جوانب مشاركة الطلاب، لكن يشارك الطلاب على مستويات مختلفة حيث تهيمن الأصوات نفسها على معظم الفصول الدراسية في كل فترة دراسية، تتمثل إحدى طرق زيادة المحادثة والمناقشة في الفصل الدراسي في الفصل الدراسي القائم على القراءة في منهج QQTP، يشير نهج QQTP إلى أوراق الاستجابة اليومية المعنونة.
يضمن هذا النهج ألّا يقرأ الطلاب القراءة المخصصة لليوم السابق فحسب، بل يضمنون استعدادهم لمناقشتها بنشاط في الفصل بدلاً من الاستماع بشكل سلبي إلى الآخرين يتحدثون عنها، يمكن كذلك استخدام أوراق استجابة الطلاب كنقاط بداية للمناقشة الصفية إذا كان الفصل لا يزال هادئ، صنف الطلاب الذين استخدموا طريقة QQTP المكونين الأول والثالث (سؤال ومخطط تفصيلي لنقاط الحديث) على أنّهما الجوانب الأكثر فائدة في الطريقة.
هناك طريقة أخرى لزيادة مناقشة الطلاب وهي تقديم رصيد للمشاركة، مع ذلك فإن الدرجات القائمة على المشاركة يمكن أن تكون غير مواتية للطلاب الذين هم أكثر خجلًا بشكل طبيعي، أحد الحلول لذلك هو تقديم ائتمان المشاركة الجماعية، عرضت إحدى الدراسات ذلك من خلال فصل الفصول الدراسية إلى مجموعات صغيرة تتكون من الطلاب ذوي المشاركة العالية والمنخفضة المشاركة وتقديم ائتمان للمجموعة بأكملها إذا شارك جميع أعضائها في يوم معين، وجد هؤلاء الباحثون مستويات مشاركة متزايدة في الطلاب ذوي المشاركة المنخفضة بنظام الائتمان الجماعي هذا.
علم النفس الإيجابي والمعلم:
التعليم الإيجابي ليس فقط من أجل الطلاب، جادل أحد المعلقين بأنه لا يجب أن تكون سعادة الطالب هي الهدف من التعليم فحسب، بل يجب أن تكون سعادة المعلم أيضًا هدف التعليم، فالمعلمين السعداء سيقودون بشكل مباشر إلى الطلاب السعداء ، من خلال مساعدة طلابهم على ربط التعليم بالسعادة، كما يفعل المعلمون، حتى المدرسين الذين يعتقدون أن رفاهية الطالب جزء أساسي من التدريس يمكن أن يشعروا بالعبء إذا طُلب منهم تلبية كل من الاحتياجات الأكاديمية والعاطفية لطلابهم.
كانت بعض التطبيقات المبكرة لعلم النفس في التعليم الأكثر وضوح في علم النفس الإيجابي، فالتعليم الإيجابي ليس بالضرورة فكرة جديدة، لكنه إعادة تأكيد لما يعتقد الآباء والمدافعون عن التعليم أنّه يجب أن يكون الهدف النهائي للتعليم سعادة الطلاب، إذا كان المفكرون منذ عهد أرسطو يعتقدون أن السعادة يجب أن تكون الهدف الرئيسي للتعليم، فإنّ التعليم الإيجابي هو حركة ضرورية.
إذا طُلب من المعلمين زيادة عبء العمل عليهم، فيجب اتخاذ خطوات لضمان سعادتهم كذلك، هذا سبب آخر للتركيز على سعادة المعلم وكذلك سعادة الطلاب، بعد كل شيء ترتبط سعادة المعلم بسعادة الطالب، أظهرت الأبحاث أن رواتب المعلمين يمكن أن تؤثر على نتائجهم التعليمية، على وجه التحديد كان المعلمون الذين شعروا أن أجورهم منخفضة بشكل غير عادل في الفصول الدراسية التي تم تصنيفها على أنها تتمتع بمستويات أقل من الدعم العاطفي، على العكس من ذلك انتهى الأمر بالمدرسين الذين حصلوا على رواتب أعلى مع الطلاب الذين أظهروا تعبيرات وسلوكيات عاطفية أكثر إيجابية.
بعبارة أخرى تجاهل التعلم الاجتماعي والعاطفي من جوانب التعليم؛ فالتعلم العاطفي مهم باعتباره وسيلة وقائية لمنع سلوك الشباب الإشكالي وتعزيز الصحة العقلية والرفاهية،. يمكن استخلاص بعض أنشطة التعلم العاطفي من برنامج مرحلة ما قبل المدرسة لتعليم علم النفس الإيجابي؛ مثل تحديد مصادر السعادة الشخصية والتعبير الحر عن المشاعر المختلفة في الحركة والفن والكلام وتعبيرات الوجه ووصف الذكريات السعيدة، كما يوجد العديد من برامج علم النفس الإيجابي في التربية:
- مخطط الحالة اليومية: يساعد مخطط الحالة المزاجية اليومي الطلاب على تتبع مزاجهم على مدار اليوم (ويمكن تعديله ليشمل اليوم الدراسي فقط)، سيساعد مخطط التقرير الذاتي البسيط هذا الطلاب على فهم مزاجهم بشكل أفضل على مدار اليوم والأسبوع، يمكن للمدرسين كذلك استخدامه كمخطط للمزاج الجماعي لتتبع مستويات مشاركة الفصل.
- خطوات إيجابية نحو الرفاهية: ورقة العمل هذه المكونة من صفحة واحدة هي ببساطة قائمة بالأشياء التي يجب وضعها في الاعتبار من أجل الرفاهية، يتضمن نصائح حول الحفاظ على المنظور والتمرين والاسترخاء والنوم والتواصل مع الآخرين، ستكون هذه ورقة عمل جيدة لتوزيعها على الطلاب للاحتفاظ بها في خزائنهم أو مجلداتهم كتذكير دائم ويمكن كذلك تعليقها في الفصل الدراسي.
- ورقة عمل ثلاث أشياء جيدة: هذه ورقة عمل لتمرين الأشياء الجيدة الثلاثة والتي تطلب من شخص ما سرد ثلاثة أشياء جيدة حدثت له كل يوم، كذلك التفكير في تلك الأشياء، تحتوي ورقة العمل هذه على مساحة لمدّة أسبوعين من الإدخالات ومساحة للتأمل، بعد كل يوم يجب على المرء أن يفكر في سبب حدوث الأشياء الجيدة وكيف يمكنهم تغيير سلوكهم (إذا لزم الأمر)؛ لجعل هذه الأشياء الجيدة تحدث في كثير من الأحيان.
- أنشطة اليقظة الذهنية للأطفال: تعتبر اليقظة أمر مهم في الفصل الدراسي؛ لأن المعلمين وأولياء الأمور يطلبون من الأطفال بشكل كبير الانتباه، لكن لا يقدمون لهم أي تعليمات حول كيفية القيام بذلك، تتضمن بعض أنشطة اليقظة الذهنية للأطفال ما يلي:
- يقظة الجرس: أي يتم قرع الجرس والطلب من الطلاب أن يستمعوا حتى لا يمكنهم سماع الجرس بعد الآن؛ تعتبر هذه طريقة لتهدئة الفصل الدراسي.
- مسح موجز للجسم: مثل صوت أقدام على الأرض، حيث يبدأ الطلاب بالتركيز على شعور أقدامهم على الأرض، ثم زيادة تركيزهم على وزنهم على الكرسي.
- التنفس اليقظ: – وهي عملية الشهيق والزفير الصحيحة.
- الاهتمام باليقظة: حيث يُطلب من الطلاب أن يفكّروا في رغبتهم في أن يكونوا سعداء، ثم رغبات زملائهم في الفصل في أن يكونوا سعداء، ثم يُطلب من الطلاب أن يتمنوا أن يكون زملائهم في الفصل سعداء.
- صندوق الامتنان: يُطلب من الطلاب كتابة الأشياء التي يشعرون بالامتنان لها على شرائط من الورق وإسقاط تلك القطع من الورق في صندوق، ثم تتم قراءة جميع الشرائط بصوت عالي في نهاية الأسبوع.
- مجموعات التعلم التعاوني: تقسيم الفصل إلى مجموعات صغيرة للعمل على مهمّة أو موضوع معين، ثم تعليم هذا الموضوع للمجموعات الصغيرة الأخرى في الفصل.
- الاستجابة البناءة النشطة: جعل الطلاب يمارسون الاستجابات النشطة على عكس السلبية والبناءة؛ ذلك مقابل الاستجابات الهدامة.