يعتبر العلاج بالمعنى وفق فرانكل، خطوة جيدة لطريق تطور العلاج النفسي، تظهر في الأفق أملاً في رجوع الإنسان لإنسانيته، التي قامت بأخذها اتجاهات العلاج التقليدية، بحيث تكون متجانسة، أهم ما يصف الإنسان بأنَّه إنسان: حريّته، مسئولياته عن تصرُّفاته، سعيه الدّائم إلى تحقيق معنى يجعل حياته تستحق أن تعاش. يرى فرانكل أنَّ أهداف العلاج بالمعنى تعتبر التيار الوجودي الذي حصل على نجاح كبير في إنشاء فنيات علاجية خاصَّة به مع شهادة من الآخرين.
فنيات العلاج بالمعنى
هناك فنيتان يتم استعمالهما حيال اتجاه المريض نحو عصابه، ليس بسبب الأعراض التي تتشكل عن هذا العصاب. وجد فرانكل أنَّ 77 بالمئة من المرضى الذين تمَّ علاجهم بهما قد تحسنوا، أيضاً أثبتت الفنيتان أنَّهما وصلا إلى مستوى عالٍ من الفعالية مع المستويات المرضية الأكثر عمقاً؛ لأنَّهما ليس فقط محاولات لتعديل نماذج السُّلوك، إنَّهما محاولات لإعادة التوجُّه الوجودي، أيضاً تعبير عن العلاج الوجودي في أصدق معانيه.
فنية القصد العكسي
هو التباعد بين الذَّات وبين المشكلات والمخاوف، لكن يحدث ذلك بشكل عكسي. فإذا قصد الفرد في تحدِّي مخاوفه أو الاقتراب منها، فإنَّه يكتشف أنَّها ليست بمخاوف تستحق ما كانت تسببه من آلام ومعاناة.
يتم التركيز في هذه الفنية على أهمية اكتساب العميل الشجاعة، يحاول استعادة الثقة في نفسه، فيقوم بإدخال هذه الفنية إلى ذاته، يستخدمها بنفسه دون الاعتماد على الآخرين.
فنية صرف التفكير
تعني إيقاف تثبيت التفكير على فكرة معينة أو موضوع معين يسبب القلق، فظاهرة الإمعان الفكري الزائدة عن الحد، يمكن أن يلاحظها بسهولة عند كل الناس، في محيط مختلف الثقافات، حيث يشدِّد العديدون على مراقبة أنفسهم و تحليل الدوافع المكبوتة المسببة لسلوكهم، هؤلاء في الغالب يطاردهم شبح للآثار المعوقة لماضيهم، حتى أنَّهم يصبحون بشكل فعلي معاقين.
عن طريق هذه الفنيتين يقوم فرانكل بوضع العميل في وضع يعلو به فوق عصابه، كان يستخدم العديد من الأساليب التي تساعده على تطبيق فنياته، من قبل الحوار السِّقراطي الذي يقوم من خلاله بتوجيه أسئلة واستفسارات، يحاور العميل ليستثير المعنى المكبوت لديه، ذلك يساعد على نقل العملية العلاجيّة من مرحلة إلى أُخرى، يحدُث في كلّ منها تبادل الكشف عن الذات، أيضاً إفشاء مكنوناتها بين المعالج والعميل، إذ أنَّ كشف المُعالج عن ذاته، يمثل إغراء للعميل حتى يقوم بنفس الشيء.
الموقفية
- التحدي: يواجه المعالج العميل بتحديات وأسئلة تهدف إلى استكشاف معاني الحياة والبحث عن الغاية.
- الوعي بالمسؤولية: يُشجع العميل على إدراك حريته ومسؤوليته في اتخاذ القرارات والبحث عن المعنى الشخصي.
التأمل الوجودي
- التفكير العميق: يُحث الأفراد على التفكير في أسئلة عميقة حول حياتهم، مثل “ما الذي يجعل حياتي ذات قيمة؟
- القبول: قبول وجود المعاناة كجزء طبيعي من الحياة والبحث عن الطرق لتحويلها إلى فرصة للنمو.
3. النية المتناقضة
- تغيير التركيز: يُطلب من العميل مواجهة المخاوف أو القلق بطريقة ساخرة أو متناقضة، مما يقلل من سيطرة هذه المشاعر عليه.
- التحرر من الخوف: يساعد في تقليل الخوف عن طريق مواجهة الموقف المخيف بشكل مباشر ومتعمّد.
التحوير المعرفي
- إعادة صياغة المواقف: يُساعد العملاء على إعادة النظر في الأحداث السلبية وفهمها من منظور جديد يمنحها معنى إيجابيًا.
- البحث عن الفوائد: التركيز على الجوانب الإيجابية أو الدروس المستفادة من التجارب الصعبة.
البحث عن المعنى
- التوجيه نحو المستقبل: يُساعد العملاء على تحديد أهداف ذات معنى تسعى نحو تحقيقها.
- التركيز على القيم: تشجيع الأفراد على العيش وفقًا لقيمهم الأساسية والبحث عن النشاطات التي تتوافق مع تلك القيم.
التجارب الحياتية
- الانخراط في الحياة: يُشجع العملاء على الانخراط في تجارب حياتية جديدة أو غير مألوفة لاكتشاف معانٍ جديدة.
- المشاركة الاجتماعية: التأكيد على أهمية العلاقات الاجتماعية والمساهمة في المجتمع كوسيلة لإيجاد معنى.
العلاج النفسي بالمعنى يهدف إلى تعزيز الوعي بالمعنى الشخصي والقدرة على مواجهة التحديات الوجودية بطريقة إيجابية وبناءة، من خلال استخدام هذه الفنيات، يمكن للأفراد أن يجدوا قيمة في حياتهم ويعملوا على تحقيق أهداف ذات معنى، مما يساهم في تحسين صحتهم النفسية وجودة حياتهم بشكل عام.