من خلال مناهج البحث في الإرشاد النفسي وتقسيماته يمكن القول أنّ الإرشاد الجمعي يقوم على أساس من المجموعات الإرشادية التي يتمّ تكوينها بناء على مجموعة من الأسس تتعلّق بالفئة العمرية وطبيعة المشكلة والثقافة والمكان والزمان، ولعلّ الإرشاد الجمعي الذي نقصده هنا أصبح أسلوباً إرشادياً أكثر رواجاً وقبولاً بين الأفراد والجماعات كون المسترشد ليس مجبراً على الإدلاء بمعلومات محرجة ودقيقة بالنسبة إليه، مما يجعل من العملية الإرشادية ذات فائدة كبيرة تغيّر العديد من المفاهيم بصورة سريعة وغير مكلفة.
الأمور التي على المرشد مراعاتها قبل البدء بتكوين المجموعات الإرشادية
1. تحديد إمكانيات المساعدة
على المرشد النفسي أن يحدّد الإمكانيات المتوفّرة لديهم والتي سيتم تقديمها من خلال المجموعات الإرشادية، وأن يتمّ عرض هذه الإمكانيات بصورة سريعة على المسترشدين وما سيتم تقديمه لهم من خلال استعراض المشكلة النفسية، وهل تصلح هذه المشكلة لأن ترقى لتصبح مشكلة نفسية ذات تأثيرات كبيرة، وإن كانت كذلك فهل تشكّل خطراً على المسترشد وتستوجب حلولاً سريعة، فإن كانت كذلك فالأمر يتم التعامل معه من قبل المرشدين بما هو واجب، وإن لم يكن كذلك فيقتصر الأمر على عملية التوجيه فقط بصورة سريعة.
2. تحديد المجموعة التي سيكون المسترشد جزء منها
لابدّ وأن يكون المرشد النفسي قادراً على فرز المسترشدين بناء على شخصيتهم وفئتهم العمرية، والثقافة التي يتمتّعون بها وطبيعة الدين والبيئة التي انحدروا منها، وخصوصية المشكلة النفسية التي يعانون منها، فإن توافقت هذه الأمور أو معظمها في شخصية المسترشدين يتمّ وضعهم في مجموعة واحدة ويتم عمل خطّة قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى في كيفية التعامل معهم ومعالجة المشكلة النفسية التي يعانون منها بسورة جماعية.
ولا بدّ وأن يكون لدى المرشد النفسي قاعدة معلومات حول شخصية الخاضعين للعملية الإرشادية في المجموعة الواحدة ومعرفة أبرز العقبات التي يعانون منها، ونبذة عن ماضيهم بحيث يتمكّن من التعامل معهم بصورة جديرة.
3. التأكد من الإرادة والقدرة على التعامل مع المجموعة الإرشادية
لا بدّ وأن تكون المجموعات الإرشادية ذات قاعدة مبنيّة على أساس من التوافق والإرادة التامة في التواصل والتفاعل مع باقي أعضاء المجوعة الإرشادية، وأن تكون العملية الإرشادية ذات مسوّغات تسمح للمسترشدين في عرض أراءهم ومقترحاتهم وأخذها بعين الاعتبار للتأكد من مدى جاهزيتهم للعملية الإرشادية.
4. أخذ الضمانات اللازمة من المسترشد بالالتزام وتغيير السلوك
لعلّ العملية الإرشادية بصورة عامة وسيلة مساعدة تقوم على كشف الذات وتعرية المشكلة بعد ان يتمّ تحديدها لدى المسترشد، ولكن إن لم تتوافر لدى المسترشد الرغبة في التغيير فلن يتغيّر مهما تغيّرت الوسائل والخطط والأساليب الإرشادية، وهذا الأمر يرتبط بصورة كبيرة في العملية الإرشادية الجمعية التي تقوم على مبدأ المعالجة بصورة ترابطية مكشوفة أمام مجموعة من الأشخاص.
ولا بدّ أن يقوم المسترشد بتقديم الضمانات اللازمة التي تثبت مدى التزامه بالعملية الإرشادية، وتؤكد مدى التزامه بالتعليمات وبالأوقات وسرية العملية الإرشادية، وأخذ الضمانات اللازمة التي تؤكد ضرورة التغيير الإيجابي لدى المسترشد نحو الأفضل، وغير ذلك يتحمّل المسترشد جزءاً من المساءلة.
5. مساعدة الآخرين في تغيير سلوكهم نحو الأفضل
من الطبيعي والبديهي أن الإنسانية هي الجزء الأكثر أهمية في العملية الإرشادية في الإرشاد النفسي، ومن الطبيعي أيضاً أن يكون المسترشد قادراً على التفاهم مع من هم حوله بصورة لائقة، بحيث يقوم بتقديم كافة الطرق الممكنة لمساعدة باقي أعضاء المجموعة الإرشادية التي ينتمي إليها، وفي هذه الحالة يرى المسترشد خطورة تفاقم المشكلة ومدى الضرر الذي من الممكن أن يحصل لبعض المسترشدين في حال لم يتمّ التعامل مع المشكلة النفسية بصورة سريعة وجدية وحاسمة.
إنّ المجموعات الإرشادية التي يتمّ استحداثها ووضع المسترشدين كمشاركين رئيسيين فيها تعتبر وسيلة مجدية في علاج الكثير من المشاكل النفسية الإرشادية، وتتيح المجال للمسترشد في التعبير عن رأيه والاستفادة من غيره والاطلاع على المزيد من المشاكل النفسية التي تدعو إلى القلق والخوف من التطور غير الملاحظ في شخصية المسترشد.
ولعلّ طرق تكوين المجموعات من أكثر الوسائل الإرشادية التي تبيّن مقدار المهارة التي يمتلكها المسترشد في السيطرة على المجموعة الإرشادية والقدرة على التعامل مع مجموعة من المسترشدين يتشابهون في الخصائص وطريقة التفكير، وبالتالي التعامل معهم بطريقة احترافية تعالج جلّ المشاكل النفسية الإرشادية التي يعانون منها بصورة سريعة وذات جهد أقل.