من المجحف أن ننكر قيمة علم الإرشاد والتوجيه النفسي للقدماء عبر العصور الغابرة، ولكن لا تملك تلك العصور على اختلاف تطوّرها العلمي والإبداعي القدرات التقنية الحديثة، التي جعلت من هذا العلم علماً مستقلاً قادراً على مجاراة علم النفس بشكل عام من حيث الأهمية والضرورة، ولا ننكر أن علم الإرشاد النفسي قد تطوّر في المئة عام الأخيرة بوتيرة سريعة جعلت له الكثير من الأبحاث والمؤلفات والأبواب التي تعالج جميع المشاكل النفسية.
مراحل تطور الإرشاد النفسي عالميا
1. مرحلة العصر القديم
تمتاز هذه المرحلة بوجود عدد من الفلاسفة والحكماء الذين ذاع صيتهم وصولاً إلى عصرنا الحالي أمثال أفلاطون وأرسطو وغيرهم، ولكن لا يعتبر هؤلاء الفلاسفة أشخاص مختصون في مجال الإرشاد النفسي بصورة عميقة كالتب نراها اليوم، فهم أشخاص كانوا يقومون بإصدار أرائهم بصورة عامة وتخيّلهم للمجتمع المثالي دون انتقاد أو معالجة شخص بعينه، ولم يقم هؤلاء العلماء بمعالجة المشاكل الإرشادية وتدوينها بصورة منتظمة كالتي نراها عليها اليوم.
في مرحلة ما أصبح المرشد النفسي يقوم بعمله من خلال مبادئ الدين الذي ينتمي إليه، وأصبح الشيخ أو القسيس و الكاهن هم الذين يقومون بتيسير أمور أفراد المجتمع ويمنحونهم النصائح التي تساعد على إسعادهم وتخلّصهم من المشاكل النفسية التي يعانون منها، وأصبح الدين وسيلة من وسائل نشر العلم والمعرفة ومعالجة أبرز المشاكل النفسية التي كانوا يعتبرون سبب حصولها خروج الفرد عن تعاليم الدين، وفي هذه المرحلة لم يكن لعلماء النفس الدور الكبير في العملية الإرشادية، ولم يكونوا أصحاب الاختصاص في معالجة الأفراد الذين لا يستطيعون النجاح من خلال الوسائل الإرشادية الصحيحة.
2. مرحلة العصر الحديث
بدأت هذه المرحلة منذ مطلع القرن العشرين حث بدأ هذا العمل يأخذ منحنى أكثر دقّة وموضوعية، وبدأ الدين بالانصهار والخروج بصورة أكثر انسيابية من نطاق المشاكل النفسية، وتعدّدت خلال هذه المرحلة الأساليب الإرشادية، وأصبح التدوين والتسجيل وسيلة حديثة لتمكين المرشد النفسي من تطوير نفسه واكتساب الخبرات من الآخرين، وخلال العصر الحديث ازدادت أيضاً المشاكل النفسية لكن ازدادت معها الحلول أيضاً وأصبح الإرشاد النفسي علماً وصل من الأهمية الى درجة العالمية وعدم قدرة المجتمعات في الاستغناء عنه.