اقرأ في هذا المقال
تعتقد ماريا منتسوري أن تعزيز الفضول والشجاعة يتم عن طريق التعلم الذي يجب أن يكون تحضيراً للحياة، ويتضمن ذلك تعزيز الصفات التي من شأنها أن تساعد على استخدام المعرفة الأكاديمية؛ ليكون عضواً مساهماً في المجتمع.
كيف يعزز منهج منتسوري الفضول والشجاعة عند الأطفال
يتغير العالم اليوم باستمرار ويخلق مشاكل جديدة يجب حلّها، ويقدم أفكارًا لم تكن متخيلة حتى قبل بضعة عقود قصيرة، وللمساعدة في إعداد الأطفال يجب أن يتم مساعدتهم على التفكير وحلّ المشكلات ومعرفة كيفية معالجة المعلومات بشكل فعال، والثقة والفضول والإبداع هي ثلاث صفات ستضعهم في موضع النجاح والشجاعة.
الثقة عند الأطفال
وهي معرفة ما تعرفه وما لا تعرفه، فضلاً عن الاستعداد لطلب المساعدة أو المعلومات الإضافية عند الضرورة، كما أنها أيضًا إحدى نتائج عقلية النمو، وتناقش الدكتورة ماريا منتسوري في بحثها بعض الاختلافات بين النموذجين اللذين تصنفهما عقلية النمو والعقلية الثابتة، حيث تتمثل عقلية النمو في الرغبة في قبول التحديات والاعتراف بأن الطفل قادر على تعلم شيء لا يعرفه.
ولمساعدة الأطفال على تطوير هذه القدرة، يجب أن يتم توفير لهم الوقت لفهم العمليات أثناء تعاملهم مع المشكلات، ومنحهم الفرصة لتقييم عملهم، وتشجيعهم على المجازفة لمحاولة تعلم أشياء جديدة، والرضا الذي يجدون في عملهم يمنحهم نعمة وسهولة مثل تلك التي تأتي من الموسيقى.
الفضول عند الأطفال
الفضول هو رغبة قوية في معرفة شيء ما ويساعد على تطوير دافع داخلي أو ذاتي للقيام بالأشياء، فعندما يشعر الطفل بالفضول يمكنه العمل لفترة أطول وبجهد أكبر في العمل لأنه مهتم، وطوّرت ماريا منتسوري بحثًا حول نظرية فجوة الفضول، والفكرة هي أنه عندما لا يتم معرفة شيئًا ما، فإنه يتم الشعور بالفضول ويريدون سدّ الفجوة بين ما يتم معرفته وما لا يتم معرفته بعد.
ونتيجة لذلك تسعى ماريا منتسوري جاهدة لملء هذه الفجوة، وتم تصميم الفصول الدراسية في منتسوري على جميع المستويات لإثارة الفضول، وتتيح فصول الأعمار المختلطة للطلاب فرصة المراقبة والتساؤل وعن العمل الذي لم يقوموا به بعد، ويُمنح الطلاب وقتًا للتساؤل في كتلة العمل الصباحية لمدة ثلاث ساعات.
ويتم تدريب المعلمين على إعطاء أو إزالة ما يحتاجه الطفل فقط لمواصلة عملهم في البناء الذاتي والتعلم، وهذه الهدية هي أحد الأشياء التي تساعد في تطوير الطلاب إلى متعلمين مدى الحياة؛ لأنه كلما زادت معرفتهم كلما أرادوا أن يعرفوا المزيد.
وعند الحديث عن المقدمة الأولية لقوانين الكون، صرحت منتسوري إنه عندما يتم إعطاء الأطفال معلومات محدودة، ينشأ فضول أكبر، ولا يمكن إشباعه أبدًا، لذلك سوف تستمر مدى الحياة.
الإبداع عند الأطفال
الإبداع هو استخدام الخيال أو الأفكار الأصلية، وهو تمرين عقلي يستخدم لرؤية شيء غير موجود بعد وهو خاص وهدية من البشر، والعمل على هذا الإبداع هو الابتكار أو الاختراع، وهو ضرورة لحل المشكلات في العالم سريع التحدي، ولم يعد كافياً لتعليم الأطفال كيف تم القيام بالأشياء في الماضي، وبدلاً من ذلك يجب عليهم تحديهم للتفكير والإبداع والابتكار.
ويقوم فصل منتسوري بذلك بعدة طرق، وبساطة المادة تسمح للأطفال بالاستكشاف، حيث أن مجموعة واسعة من أعمال المتابعة تلهم الإبداع، ويتم تحدي الأطفال بشكل منتظم لرؤية الأشياء من وجهات نظر مختلفة سواء كانت عملية تكاثر طويلة أو ثقافة بلد مختلف، ويتطلب الإبداع الشجاعة حتى يتم منح الأطفال بيئة آمنة وداعمة لتجربة أشياء جديدة.
ولا يصبح الخيال عظيماً حتى يستخدمه البشر ليبدعوا، بالنظر إلى الشجاعة والقوة، فالثقة والفضول والإبداع يعملون جميعاً معًا لمساعدة الطفل على أن يصبح عضوًا قادرًا وعاطفيًا ومساهمًا في المجتمع، وتوفر مدارس منتسوري بيئة معدة عن قصد، بما في ذلك المعلمين المدربين على تنمية الطفل، والمواد المصممة بعناية لمساعدة الطفل على فهم المفاهيم والعمليات، وجدول زمني يمكّن الطفل من التساؤل والاستكشاف.
والثقة تُطلق العنان للفضول ومن المعلومات الجديدة التي تمّ إيجادها يكتشف الإبداع وهذا هو ولادة الابتكار، ونُقل عن منتسوري قولها أعتقد أن الابتكار هو أقوى قوة للتغيير في العالم، حيث يعلم الجميع أن الأطفال يمتلكون القوة، لذا يجب أن يتم أعدادهم لهذا التحدي من خلال دعم تنميتهم من الثقة والفضول والإبداع.
وعلى مرّ السنين استضاف مرشدو منتسوري العديد من الأحداث داخل الحرم المدرسي لتعميق فهم المجتمع لمنتسوري وكيفية تنفيذها، وبصفتهم أحد الوالدين، حضروا عددًا قليلاً من هذه الأحداث ويمكنهم أن يقولوا بصراحة إن كل فرد قد عزز تقديرهم لتفاني المرشدين والمساعدين لطلابهم.
أهم مبادئ تعليم منتسوري في تعزيز الفضول والشجاعة
أحد أهم مبادئ تعليم منتسوري هي تنمية حب التعلم مدى الحياة من خلال تشجيع الطفل وتعزيزه بالفضول الفطري، ويتم طرح هذا الموضوع بانتظام في الأحداث، وفي المحادثات حول ما يميز منتسوري عن طرق التعليم التقليدية، وأفضل تلخيص قدمته ماريا منتسوري عندما قالت إن طريقتها المفضلة لمقابلة أسئلة طلابها هي يا له من سؤال رائع!
وهذه الاستجابة كما تبدو بسيطة، قوية جدًا حقًا، فإذا كنت قد قضيت أي وقت مع أطفال، فأنت تعلم أنهم يطرحون أسئلة مخلصين ومثابرين وفي بعض الأحيان لا هوادة فيها، حيث لا شيء يدخر فضول الأطفال، وسوف يسألون أسئلة حول كل ذلك.
فعندما يكونون صغارًا جدًا، يأخذ الأطفال كل شيء من حولهم ويجمعون بيانات لا حصر لها من محيطهم، ويبدأون في تخزين تلك البيانات وتصنيفها وتحديد كميتها وفرزها، لمعالجة العالم بتكرار لا حصر له لمن؟ ماذا متى اين وبالطبع لماذا؟
مع تقدمهم في السن تزداد أسئلتهم وتصبح أكثر تعقيدًا عندما يبدأون في استخدام عقولهم المنطقية وتطوير خيالهم حيث يبدأون في ممارسة التفكير المجرد.
وطرح الأسئلة هو الطريقة الأساسية التي يستخدمها الأطفال للتعلم، لذلك عندما يقابل الكبار أسئلتهم بعبارات مثل يا له من سؤال رائع!، فهم يرسلون رسالة قوية، رسائل قوية متعددة، وفي الواقع يتم تعليم الأطفال إنه يُسمح لهم بالمشاركة بنشاط، بل والتحكم في تعلمهم، وأن فضولهم ودوافعهم لمعرفة المزيد والمزيد عن العالم هو أمر إيجابي وعظيم، وأن صوتهم مهم ويسمع.
وبالطبع هناك بعض الأسئلة التي تستدعي إجابات بسيطة، لكن سيتم فعل ذلك لقول إن معظم الأسئلة التي يطرحها الطفل ليست بسيطة، فمعظم الأسئلة هي إشارة إلى أن المشابك العصبية تشتعل، وأن الفضول الفكري يعمل، وأن الاكتشاف يحدث، وأنه في لحظة يكون فيها الطفل مصدر إلهام وحافز للتعلم.
والهدف النهائي للدليل في بيئة منتسوري ليس ملء رأس الطفل بالإجابات والحقائق، بل الهدف النهائي هو تعزيز القدرة الحقيقية على التعلم مدى الحياة.
وفي النهاية تشير ماريا منتسوري إلى أن هناك طرق لتعزز منتسوري الفضول والشجاعة وذلك من خلال مساعدتهم في إعداد الأطفال والبيئة المُعَدّة، حيث يجب أن يتم المساعدة على التفكير وحل المشكلات ومعرفة معالجة المعلومات بشكل صحيح، والثقة والفضول والإبداع هي من أهم مبادئ منتسوري النجاح.