يعاني الأشخاص من الصدمات النفسيّة الخطيرة التي تحدث بسبب تعرّضهم لبعض الحوادث والمواقف؛ سواء كانت نفسيّة أو جسديّة قاسية ومؤلمة، التي غالباً ما تقوم بترك الكثير من المضاعفات الجانبية المزعجة، كما أنّها تترافق مع الحزن الدائم والقلق الحاد، ليدخل الشخص بحالة غير طبيعية ترافقه لعدّة أسابيع، عندما يتم علاج الصدمة النفسية بصورة نهائية، يبقى عند المصاب آثار بسيطة يصعب أن يتعايش معها؛ مثل اتخاذ القرارات البسيطة أو الصعبة.
كيف نتخذ القرارات بعد الصدمات النفسية؟
من الممكن أن تكون لائحة الإيجابيات والسلبيات قد استمرت لقرون، كآلية وحيدة يتم استخدامها بشكل منتظم لاختيار القرار الصعب، إلّا أنّ العلم الجديد بدأ يبحث خلال العقود الماضية لتقديم بدائل جيدة، فعندما نُواجه ضرورة اتخاذ قرار صعب ومعقد بعد الصدمة النفسية، كالقرار الذي يتطلب لوقت قصير من التشاور وتبادل الأفكار، فلن يجدي استخدام القائمة التقليدية لجرد الإيجابيات والسلبيات.
توصلت دراسات حديثة أنّ الصدمة النفسية تؤثر على دماغ الأشخاص وتُصعب من مهمة اتخاذه للقرارات، أوضحت الدراسات التي أعطت نظرة معمقة عن تأثيرات الاضطرابات العصبية على البشر، الذين يعانون من الإدمان والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة النفسية، يعيشون حالة من الاندفاعية ويعانون في بعض الأحيان من صعوبة في اتخاذ قرارات عقلانية، كما أنّ اتخاذ العديد من القرارات يتأثر بشكل مثير بالصدمة النفسية الحادة.
اعتمدت النتائج على دراسة تم إجرائها على مجموعة من الفئران تم منحها خيارين، يتمثل الأول في الذهاب عبر متاهة مزودة بضوء معتدل، في نهايتها يتواجد حليب شوكولاتة مخفف، في حين وضع الباحثون أمام الفئران بديل آخر وهو الذهاب عبر متاهة أخرى تتوفر على أضواء شديدة ومزعجة وفي نهايتها هناك حليب شوكولاتة مركز، لاحظ الخبراء أنّه كلما كان حليب الشوكولاتة مركز أكثر، كلما كانت الفئران سعيدة، ذلك رغم تضحيتها بالمرور في متاهة مزعجة.
في نفس السياق أشارت الدراسة إلى أنّ الباحثين تمكنوا من تغيير السلوك الاندفاعي لدى الفئران من خلال التلاعب بدوائر خاصة في قشرة الفص الجبهي من الدماغ، كما أضافو أنّه في حالة التلاعب بهذه الدوائر لدى البشر الذين يعانون من اضطراب الصدمة النفسية، فقد يكون لذلك تأثيرات علاجية وفق ما شهدته نتائج الدراسة.