كيف نحمي أطفالنا من الأنباء الصادمة؟

اقرأ في هذا المقال


من الممكن أن تكون الأخبار السيئة التي يتم وردها عبر تغطية وسائل النشر المرئية ومنها التلفزيون عصية على فهم الأطفال، خاصة تلك التي تغطي بالصور والفيديوهات حوادث القتل والموت والدمار، أو تنقل مقابلات مع الناجين أو المتضررين وبمشاهد وصور تكسر قلوب الكبار، فما بال قلوب الصغار؟

كيف نحمي أطفالنا من الأنباء الصادمة؟

هناك العديد من الأمثلة التي أثارت استغراب الدارسين للآثار النفسية التي تنج عن حادث تفجير قنبلة قبل بضعة أعوام أنّ الأطفال الذين لازموا التلفاز لمشاهدة ذلك الحدث وتغطيته الإعلامية لمدّة تجاوزت ستِّ ساعات عانوا من الشدة النفسية والتأثر البالغ بقدر أكبر من الأطفال الذين شهدوا التفجير نفسه على أرض الواقع، حيث أنّ تلك الشدة النفسية أصابتهم حتى من لم يكن له أي معرفة بأيٍّ من المتواجدين في ساحة الحدث.
هذا العصر هو عصر أخبار الأربع والعشرين ساعة، التي تقوم بنقل الأحداث الأليمة على مدار الساعة لكل فرد في المنزل حتى الأطفال، فقد تؤثر عليهم بشكل سلبي إذا لم ننتبه لخطورة ذلك، خاصة على الأطفال في عمر ما قبل المدرسة الذين هم في الشريحة العمرية الأكثر خوفاً من حدوث أحداث مماثلة لهم ولعائلاتهم؛ ذلك بسبب ضعف قدرتهم على الربط الزماني والمكاني في هذا العمر، في حين أنّ الأطفال الأكبر في العمر يكونون أكثر قدرة على معرفة الأحداث البعيدة وتمييز الفرق بينها وبين القريبة.
يجب أن ننتبه بشكل تام لتلك الشريحة العمرية من الأطفال الذين هم ما دون سنّ السادسة، مع عدم السماح لهم بمجالسة الكبار خلال متابعة هكذا أخبار أو حتى تجنب الصدفة في حصول ذلك، فقد وجد الباحثون أيضاً أنّ الأفلام التسجيلية بالخاصة قد تثير القلق لدى الطفل، كما تتعلق في ذاكرته أكثر من الصور الثابتة في الصحف المطبوعة أو الأخبار التي يسمعها عن طريق المذياع، لذلك أفضت نتائج عدد من الدراسات على الأطفال الذين هم أكبر عمراً أنّه لا يجب إخفاء الأخبار تماماً، وعدم السماح لهؤلاء الأطفال بمشاهدتها أحياناً بالصدفة، وكأنّها سر من الأسرار.
يجب أن نقوم بتحديد وقت المشاهدة بتغيير المحطة التلفزيونية بعد وقت قصير كي لا نظهر أمّا الأطفال فزعنا من مشاهدتهم لتلك البرامج الإخبارية، فنعطيها أكثر من حقها أو حجمها، في نفس الوقت نكون قد قصرنا فترة المشاهدة، هنا نحن نتحدث عن الأطفال في عمر المدرسة وليس قبل ذلك السن طبعاً.
من المهم جداً حماية أطفالنا من مشاهدة تلك البرامج إلا أنّه في الحقيقة لا نستطيع أن نشكل حاجز بشكل تام في هذا العمر وهذه الأيام، إنّ فعلنا فهذا سيثير استغراب الطفل وقد يثير لديه مزيد من القلق بالتالي تتعقد المشكلة، لذلك ينصح بأن تحصل تلك المشاهدات وحتى للأخبار المقروءة في وجود الأهل، ليتسنى لهم مراقبة حالة الطفل ومدى تأثره والشرح والتعليق المبسط على بعض المشاهد المؤلمة بشيء من الواقعية، لكن مع إجلاء الصورة له بأن خطراً مماثل كهذا الخطر سيبقى بعيداً عنهم كمثال.
يجب أن نستغل الفرصة لشرح أساليب الوقاية وطرق التصرف في حوادث أخرى؛ كالزلازل والفيضانات، مع تقديم النصح حول ما يجب فعله في حال التعرض لأخطار مشابهة لما يراه الطفل في التلفاز أو ما يقرأ عنه في الصحف، إلى جانب ذلك يجب على الأهل أن يكونوا جاهزين للإجابة عن تساؤلات الطفل العديدة عن قضايا كبيرة كالحياة والموت والحرب والأحداث المهمة، أيضاً إصلاح بعض الأفكار الخاطئة في فهم الطفل ومدى استيعابه لما رأى ويرى أو ما سيرى.
من المهم جداً أن نتحدث مع الطفل عن شعوره حيال رؤيته لبعض المشاهد المؤلمة، مع ترك المجال له ليقوم بتوضيح مشاعره بطريقته ولغته الخاصة، كذلك بناء أبجديته في شرح ما يدور في ذهنه بدل أن تتم تلك المحاورات بين الطفل وذاته، فيكون لبعض المشاعر تأثيرات سلبية على نفسيته في المستقبل.
من جهة أخرى يجب أن نقوم بالتركيز في حواراتنا مع الأطفال على توضيح أنّ الأمور السيئة تكون واردة الحصول، إلا أنّ الأمور الجيدة واردة الحصول أيضاً وبشكل أشيع، إنّ العديد من البشر هم مؤذون للآخرين، لكن الغالبية العظمى من الناس هم مصدر مساعدة للآخرين في الأزمات والمصائب، هذا مهم في تعليم الطفل كيفية استعادة التوازن النفسي والعاطفي في مواجهة السيئ والجيد في حياته العملية والعملية وفي المستقبل البعيد.

المصدر: الصدمة النفسية، أحمد محمد عبد الخالقالصدمة النفسية، عدنان حب اللهالضغوط والصدمات النفسية، فاطمة النوايسةالطب النفسي المعاصر، أحمد عكاشة


شارك المقالة: