كيف نستخدم علم النفس العكسي؟

اقرأ في هذا المقال


من المؤكد أنّنا لم نقم باستخدام علم النفس العكسي حتى لو لم نلاحظ أو كنا على علم بالقوة التي يتمتع بها، في الأساس يرتبط الأمر بتبني موقف للآخرين، عادةً ما يكون المراهق في عملية إثبات الهوية، إذا كان يكره شيء ما فيحاول شخص ما توجيهه أو تكييفه، لذلك من أجل تجنب هذا الإحساس يقوم باختيار عدم القيام بما يقترحونه، حتى لو كان في أعماقه يعرف أنّه الخيار الأفضل.

ما هو علم النفس العكسي؟

يُعزى هذا المفهوم إلى الطبيب النفسي فيكتور فرانكل ويستند فعاليته على مفاعلة، فهي عملية تحفيزية ندافع عن طريقها عن حريتنا ونكشف عن أنفسنا ضد الأشخاص الذين نعتقد أنهم يحاولون أن يقمعونا، في بعض الحالات فقط من خلال الشعور بأنّنا نسيطر على حياتنا، فإننا نتشبث بقرار يتعارض مع ما قيل لنا، فنحن لسنا على استعداد لتفقد قوتنا أو استقلالنا.
كما أنّ علم النفس العكسي يعتبر من الأساليب الجيدة من أجل التعامل مع العديد من شخصيات الأفراد؛ خصوصاً الأصغر في السن وابتداءاً بمرحلة الطفولة، في الغالب ما بكونون من الشخصيات العنيدة ويمتلكون مشاعر الحساسة، عندما نصدر أمر أو نطرح فكرة في صيغة نهي، فهذا يحفّز منهج المفاعلة لدى إحدى الأنماط المذكورة وعادة ما يكون محمل بطاقة سلبية أو مشاعر سلبية تجاه أمر ما.
تعمل المفاعلة reactance كما يتم تبسيطها في فرض منهج فكر يستند على التلاعب غير المؤذي كشرط أخلاقي بعقل الشخص، الذي يهتم باستقلاليته والواثق بقرارته بمعدل غرور بشري طبيعي يتفاوت من شخص لآخر، فيبدأ الشخص يشعر بالحصار ونزع الاختيار عنه، فيكون في الغالب رد الفعل بالقيام بالعكس تماماً؛ مثل إيجاد ثغرة تنقذه من ما فرض عليه في لا وعيه.

كيف نستخدم علم النفس العكسي؟

يتم استخدام علم النفس العكسي غالباً مع الأطفال في وقت مبكر؛ بسبب مرونة أفكار الأطفال وعدم وعيهم بشكل كامل بالتلاعب العقلي في مرحلة الطفولة، كذلك لأنّ المشاعر البسيطة مثل العناد والإحساس بالاهتمام على شكل أوامر ونواهي تظهر في ذهن البالغين بشكل أسرع؛ ذلك حسب سرعة نموهم العقلي، فبات أشهر خبراء الأطفال منذ منتصف الثمانينيات أو أوائل التسعينيات تحديد في نصح الآباء بالعديد من التقنيات للتعامل مع الطفل باستخدام الأوامر العكسية والمفاعلة.
يمكن أن نخبر الطفل الصغير ألّا يقوم بلمس كائن معين من أجل إثارة فضوله، كما يكفي أن نقول له ألا يفتح باب الخزانة حتى ينتابه الفضول الهائل لفتحه، فعلم النفس العكسي هو أنّه إذا أردنا أن يقوم شخص ما بإجراء شيء ما، فسوف نطلب منه القيام بالعمل المعاكس؛ حتى يختار الإجراء الذي نريده بالفعل.

كيف نبدأ علم النفس العكسي؟

فلنتخيل أنّ الطفل الذي يبلغ عمره 5 أعوام يرفض أن يتناول الخضروات، فالأم تُصر على إجباره على أن ينهي كل شيء في الطبق، لكن يبدو أنّه لا توجد طريقة إذا استمرت الأم في إخباره عن الطعام، فكل شيء سينتهي بشكل سيء، الأمر ليس بهذه البساطة فعند إخبار الطفل بعدم أكله، فسوف يهرب وسوف تبقى الخضروات، قبل أن نقوم بعمل سابق علينا أن نعطي الخضراوات طريقة جذابة؛ فلا تبدو الخضروات في طبق ممل بل على العكس تماماً.
عندما نقوم بدء بزيادة جاذبية الطبق فلن يفيد كثيراً، لكن عندما يكون الشيء ممنوعاً يصبح مرغوباً، هذا صحيح في مرحلة الطفولة بشكل خاص؛ لأنّ الآباء يحظرون في كثير من الأحيان على أطفالهم الأشياء التي مروا بها في مرحلة ما والحاجة إلى الاستقلال، فقد يكون هناك سبب آخر للتناقض يتعلق بالأمن الذي نشعر به في موقف معين، إذا شعرنا بعدم الأمان وشخص ما يحرضنا على المخاطرة، فقد نختار السلوك الأكثر شيوعاً عن سلوك الأغلبية.

كيف نطبق علم النفس العكسي؟

قبل أن نستخدم تقنية علم النفس العكسي، يجب أن نكون على دراية بالشحص الذي سنقدم له هذه التقنية ولماذا، فتلك الأمور من أهم الشروط اللازمة قبل استخدام تقنية علم النفس العكسي، إذا كان الطفل لا يرتدي ملابسه أو لا يذهب للمدرسة أو لا يتوقف عن مشاهدة الكثير من البرامج التلفزيونية فعلم النفس العكسي مفيد له، لكن إذا كان الشخص يريد إقناع العملاء بشراء منتج جديد، فقد يضطر إلى التفكير بشكل أفضل.
إذا حُرم الطفل من أداء الواجب المنزلي وانتهى الأمور بأن ينهي ذلك الواجب فهذا جيد جداً، مع ذلك فإنّ الأمر في بعض الأحيان لن يسير بشكل جيد، لذلك يجب أن يعرف الشخص مدى صبره قبل أن يقوم باستخدام علم النفس العكسي، فكلما زادت الحاجات إلى تأكيد الذات (الحاجة إلى الشعور باتخاذ القرارات التي يقوم الشخص باتخاذها بمحض إرادته)، زاد احتمال اتباع مسار مختلف عن المسار الذي نشير إليه.
على سبيل المثال الشخص الذي لا يحب أن يتلقى الأوامر على الإطلاق، سيكون أحد المرشحين بشكل جيد لعلم النفس العكسي للعمل معه، لذلك يجب أن يعرف الشخص الذي يريد استخدام هذا العلم إذا قام بوضع علم النفس العكسي موضع التنفيذ في المناسبات التي لم يكن قادرعلى تجنبها، من المهم أن يضع في اعتباره أن عليه القيام بذلك بعناية؛ لأنّه في بعض الأحيان يمكن أن تنقطع أفكاره ولا يسير العمل كما هو متوقع ومخطط له.
يجب أن نضع في اعتبارنا كل ما سبق؛ فالتلاعب العاطفي غير المرئي يحتاج إلى ممارسة؛ كما يوجد العديد من الطرق السلبية الخاصة بالتلاعب؛ مثل الابتزاز والشتائم ، لكن يوجد أنواع أخرى من التلاعب غير الضار والعاطفي.

علم النفس العكسي عند البالغين:

قد يكون المثال الذي ذكرناه عن الطفل الذي لا يستصيغ تناول الخضروات من الأمور الأساسية التي نفهما؛ لأنّه صغير الحجم ويمكن أن نتعامل معه بسهولة، لكن يجب أن نعلم أنّ علم النفس العكسي يستخدم كثيراً في الشركات، على سبيل المثال شركة تقدم دورات تدريبية اختيارية لموظفيها، لكن بما أنّ هذه الدورات تبدأ بعد ساعات العمل فلا أحد يشترك فيها، بعد ذلك يعلم المديرون وسيتم تخفيض عدد ساعات الدورات إلى النصف وإلّا سوف تضيع هذه الموارد.
مع هذه الحركة الاستراتيجية لا ترغب الشركة بشكل فعلي إزالة الدورات، لكن العامل يدرك أن لديه شيئً له قيمة وأنّه إذا لم يستخدمه فسوف يكرس نفسه لشيء آخر لا علاقة له به، فلا أحد يحب أن يخسر شيء ما له قيمة موضوعية بالرغم من أن هذا الشخص لم يعطها، فإذا دفعت الشركة العامل إلى إدراك ذلك، فسوف يبدأ في حضور الدورات حتى لو كان ذلك مرهقاً؛ بحيث لا تتم إزالتها.

المصدر: علم النفس، محمد حسن غانمعلم النفس العام، هاني يحيى نصريعلم النفس، د.قدري حنفي


شارك المقالة: