من خلال استخدام تقنية تصوير جديدة وواعدة، استطاع الباحثون من إظهار أنّ الأفراد المتضررين من الاكتئاب قد شهدوا انخفاض في المادة البيضاء في أدمغتهم، حيث أنّه قد تبين أنّ الاكتئاب مسبب أساسي لانخفاض المادة البيضاء في الدماغ، تلك المادة التي تحتوي على الدوائر العصبية التي تسمح لخلايا الدماغ بالتواصل مع بعضها والتي تقوم بدعم وظيفة الدماغ.
سبب نقص المادة البيضاء في الدماغ:
غالباً ما يكون السبب وراء نقص المادة البيضاء في الدماغ وراثي، سواء بطرق سائدة أو بطرق ترتبط بالجسم الجنسي الذي يتم التعبير عنه بالرمز X، يوجد حالات غير وراثية تظهر بشكل عشوائي بسبب طفرة في جين معين، في هذه الحالة ليس هناك خطر من إصابة طفل آخر بالمرض نفسه.
قد يكون المرض ناتج عن مشاكل في الأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم المزمن، التهاب الأوعية الدموية، أيضاً التدخين لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بالأصل، مثل السكر وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم، إضافة إلى مرض باركنسون أو جلطات المخ.
يغير الاكتئاب بنية المادة البيضاء بالدماغ:
لا يكون التغيير مجرد تغيُّر في المزاج واستجابات عاطفية قصيرة الأجل تواجهنا في الحياة اليومية، بل هو مرض شائع يؤدي إلى معاناة كبيرة ويضر بحياة الناس في أي مكان وأي وقت، في المدرسة أو العمل أو حتى في المنزل، حيث يؤثر الاكتئاب على أكثر من 300 مليون شخص بالعالم، هو السبب الأساسي للإعاقة والسبب الثاني للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29.
تمَّ استخدام وظيفة التصوير المتطورة من أجل رسم خريطة هيكل المادة البيضاء في دماغ أكثر من 3000 شخص، حيث وصف الباحثون كيف وجدوا أنَّ سلامة المادة البيضاء قد قلَّت عند المشاركين الذين أبلغوا عن أعراض الاكتئاب، مقارنة مع المشاركين غير المتأثرين، حيث يشيرون أن النتائج ينبغي أن تساعدنا على فهم أفضل لبيولوجيا الاكتئاب وتحسين التشخيص والعلاج، إضافة إلى أنَّ الدراسات السابقة قامت بربط الانقطاع في المادة البيضاء مع مشاكل في التفكير ومعالجة المستويات العاطفية.
تشكل المادة البيضاء نصف الدماغ البشري، كما تضم ملايين حزم الألياف العصبية أو المحاور، التي تعمل بربط الخلايا العصبية معاً في مناطق الدماغ المختلفة، حيث يمكن أن ينظر إليه على أنّه يحتوي على الدوائر العصبية التي تكمن وراء مختلفة من الدماغ، مع تقدم تقنيات التصوير اكتشف العلماء المزيد عن دور المادة البيضاء وكيف يمكن أن يؤثر تغييرها على وظيفة الدماغ الطبيعية، كما يساهم في الاضطرابات النفسية.
