يضُم علم النفس التربوي دراسة الكيفية التي يتعلم بها الأفراد، كما يتضمن مواضيع متعددة؛ مثل نتائج ومخرجات الطالب التعليمية والعملية التعليمية، كذلك الاختلافات الفردية في التعلم والمتعلمين الموهوبين وصعوبات التعلم، يركّز علماء النفس الذين يعملون في هذا المجال على كيفية تعلم الأفراد للمعلومات الجديدة وطرق الاحتفاظ بها.
ماذا تعرف عن علم النفس التربوي؟
لا يتوقف هذا الفرع من علم النفس على الاهتمام بعملية التعلّم في مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة المراهقة، بل يضم أيضاً العمليات الاجتماعية والعاطفية والمعرفية التي تشارك في عملية التعلم طوال العمر، كما يشمل علم النفس التربوي مجموعة من التخصصات كعلم النفس التنموي وعلم النفس السلوكي وعلم النفس المعرفي.
صار التعاون بين علماء النفس في عملية التعليم وكذلك المُعلمين والإداريين من الأمور الضرورية في هذا الوقت، ذلك من أجل الوصول إلى تعليم أفضل للطلاب، يشمل هذا العمل إيجاد طرق حديثة لمعرفة الطلاب الذين يحتاجون إلى المساعدة، مع تطوير البرامج التي تعمل على مساعدة هؤلاء الطلاب، حتى ابتكار طرق تعليمية جديدة.
المواضيع التي يهتم بها علماء النفس التربويين:
- تكنولوجيا التعليم: يتم هنا إيجاد الطرق التس تساهم في مساعدة الطلاب على التعلم عن طريق الوسائل التكنولوجية المختلفة.
- المُتعلمين الموهوبين: يساعد الطالب الذي يمتلك مواهب منفردة في مجالات دراستهم التعليمية.
- التعليم الخاص: يساعد الطالب الذي يحتاج إلى تعليم متخصص يناسب الاحتياجات الخاصة به.
- التعليم النظامي: يتم دراسة طرق تعلم البشر في إطار مُنتظم.
- التصميم التعليمي: تصميم المواد التعليمية.
شخصيات بارزة في علم النفس التربوي:
- جون لوك: هو أحد الفلاسفة الإنجليزيين، كذلك أول من قام باقتراح مفهوم (تابولا راسا) أو الفكرة التي تقول بأنّ العقل يكون من الأساس فارغ عند الولادة، تتطور المعرفة فيه عن طريق التجربة والتعلم.
- ويليام جيمس: هو أحد العلماء النفسيين الذي برز بشكل كبير، اشتهر بمجموعة من محاضراته التي كانت بعنوان (محادثات المُعلمين في علم النفس)، التي ركزت على الكيفية التي يساعد فيها المُعلمين الطلاب في التعلم.
- ألفريد بينيت: هو أحد الفلاسفة الفرنسيين الذي قام بتطوير أول اختبارات الذكاء.
- جون ديوي: هو أحد العلماء النفسيين الذين أثروا في علم النفس التربوي، كما كان أحد المصلحين التربويين، الذي كتب بصورة مكثفة عن التعلّم التقدمي، كذلك أهمية التعلم من خلال العمل.
- بورهوس فريدريك (ب. ف. سكينر): هو أحد العلماء السلوكيين، قام بتقديم مفهوم الإشراط الاستثابي، كانت أبحاثه تدور حول التعزيز والعقاب، ما زالت مهمةً في التعلم حتى هذا العصر.
تاريخ علم النفس التربوي:
يعتبر علم النفس التربوي من أهم الفروع العلمية الصغيرة بشكل نسبي، الذي تطوّر ونمى بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لم يظهر علم النفس التربوي كعلم منفصل حتى نهاية القرن التاسع عشر، كان محل الاهتمام الأول عند الفلاسفة التربويين في وقت سابق.
اعتبر الكثير من الأشخاص أنّ يوهان هيربارت يعد أبو علم النفس التربوي، حيث اعتقد هيربارت أنّ تركيز الطالب على موضوع الدراسة له دور كبير على نتائج التعلم، كما كان يرى أنّه يجب أن يأخذ المُعلم هذا الاهتمام بعين الاعتبار إلى جانب المعرفة الموجودة سابقاً عند الطلاب عندما يتعلق الأمر بتحديد نوع التعليم الذي يناسبه.
قام الفيلسوف ويليام بتقديم إسهام كبير في هذا المجال، حيث اعتبر نص الكتاب الذي قُدّم في عام 1899 للمُعلم عن علم النفس من أول الكتب الخاصة بعلم النفس التربوي، في نفس الوقت استطاع عالم النفس الفرنسي ألفريد بينيت أن يطوّر اختبارات ذكائه، التي صممت بشكل خاص من أجل مساعدة الحكومة الفرنسية من تحديد الأطفال الذين يعانون من التأخر، حتى يقدموا لهم برامج تعليمية خاصة، في الولايات المتحدة كان لجون ديوي تأثير كبير في التعليم.
كان ديوي يمتلك أفكار تقدمية وكان يرى أنّه يجب أن تركّز المدارس على الطالب وليس على المواد الدراسية، كان يرى ديوي أنّ التعلم النشط آمن وأنّ التجربة العملية هي أحد أجزاء عملية التعلم، في الآونة الأخيرة قام عالم النفس التربوي بنيامين بلوم بتطوير تصنيف مهم من أجل وصف الأهداف التعليمية المختلفة، كانت النطاقات الثلاث الأعلى لهذه التصنيفات هي التي تصف أهداف التعلم المعرفي والنفسي والعاطفي.
وجهات النظر الرئيسة في علم النفس التربوي:
المنظور السلوكي:
يدل هذا المنظور على أنّ جميع السلوكات يتم تعلمها عن طريق التكيّف، كما يقوم علماء النفس الذين تبوا هذا المنظور على مبادئ التكيف الفعالة؛ من أجل تفسير كيفية حدوث التعلم، على سبيل المثال العديد من المعلمين قادرين على إعطاء رموز مميزة يمكن استبدالها بأمور مرغوبة؛ كالحلوى أو الألعاب لمكافأة السلوك الجيد.
بالرّغم من أنّ هذه الطرق قد تكون جيدة وتفيد في بعض الحالات، إلّا أنّه تمّ انتقاد النهج السلوكي بسبب عدم قدرته على تقديم تقييم أو تفسير في مواضيع أخرى؛ كالإدراك والسلوك والدوافع الذاتية للتعلم.
المنظور التنموي:
يقوم هذا المنظور بالتركيز على طرق اكتساب الأطفال للمهارات والمعارف الحديثة خلال نموهم، تعد مراحل جان بياجيه الشهيرة في التطور المعرفي من الأمثلة على النظرية التنموية المهمة، التي تبحث عن كيفية نمو الأطفال بشكل فكري.
عن طريق فهم طرق تفكير الأطفال في مراحل نموهم المختلفة، يكون علماء النفس قادرين على الفهم بصورة أفضل ما يمكن للأطفال أن يكونوا قادرين على فعله في كل مرحلة من مراحل النمو، يمكن أن يساعد هذا الأمر المُعلم على بناء استراتيجيات ومواد تعليمية بشكل أفضل تستهدف فئة عمرية محددة.
المنظور المعرفي:
يعتبر المنظور المعرفي من أكثر المناظير انتشاراً في الوقت الحاضر، ذلك بسبب اعتماده على الطرق التي تسهم فيها العديد من الأشياء؛ مثل الذكريات والعواطف والمعتقدات والدوافع في عملية التعلم، يقوم علم النفس المعرفي بالتركيز على فهم كيفية تفكير البشر وتعلمهم وتذكرهم وطرق معالجتهم للمعلومات، يهتم علماء النفس التربويون الذين تبنوا هذا المنظور بفهم طرق تحفيز الأطفال للتعلم وتذكر الأشياء التي يتعلمونها، كذلك طرق حل المشاكل.
نظرية البنائية:
هي أحد أحدث نظريات التعلم التي تقوم بالتركيز على كيفية بناء الأطفال لمعرفتهم بالعالم، تعتمد البنائية على التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر في كيفية تعلم الأطفال، تأثَّر هذا المنظور بالعمل الذي قام به عالم النفس ليف فيجوتسكي، الذي اقترح أفكار كمنطقة النمو القريبة والدعائم التعليمية (السقالات التعليمية).
يعتبر علم النفس التربوي أحد المجالات الحديثة بشكل نسبي، إلّا أنّه يستمر في التطوّر، حيث أصبح الناس يهتمون بشكل كبيرفي معرفة الطرق التي يتعلّم بها الأشخاص، في يومنا هذا وصل عدد أعضاء الجمعية الأمريكية لعلم النفس لأكثر من 2000 عضو.