يُعتبر احترام شخصية طفل الروضة، واعتراف الأفراد المحيطين بمكانته، والقيام بتلبية احتياجاته الرئيسية، وتنمية ميوله واهتماماته، من الأمور التي تُساهم بتكوين شخصية الطفل، وتوضيح مظاهرها، وبالمقابل فإنَّ الاستخفاف بالطفل أو إهماله يُعدّ إساءة له، وهذا بدوره يؤدي إلى إضعاف شخصيته.
العوامل المؤثرة في تكوين شخصية طفل الروضة:
تُعَدّ عملية الاهتمام بتطوير شخصية طفل الروضة، من الأمور بالغة الأهمية؛ وذلك لأنها تقوم على الاهتمام بتطوير مستقبل الطفل كله، حيث أنَّ شخصية الطفل تُمثّل النتيجة النهائية لعملية تفاعل الطفل مع البيئة المحيطة، وتتكون من العديد من العناصر البيولوجية، الاجتماعية، والنفسية، والتي من شأنها أن تُساهم بالتأثير على سلوكيات الطفل، وتعمل على تمييزه عن الآخرين، بما يختص بأساليب التعامل والحديث والتكيّف مع البيئة، وتوجد العديد من العوامل التي تُساهم بالتأثير على تكوين شخصية طفل الروضة، نذكر منها:
العوامل الفيزيائية المؤثرة في تكوين شخصية الطفل:
فعندما يمتلك طفل الروضة جسماً سليماً، خالي من الإعاقة، فإنَّ ذلك يُساهم بالتأثير في بناء شخصيته بصورة إيجابية، ويسمح له بالحركة على نحو سليم، وكما يُساهم الاتزان في عمل الغدد الصماء، وصحة الأجهزة العصبية والعقلية بالتأثير بشكل إيجابي في تكوين شخصية طفل الروضة، ويتضمن ذلك بقيام الطفل بعمليات التفكير السليمة، والسلوكيات السويّة الطبيعية، وبالمقابل فإنّ إصابة طفل الروضة بإعاقة بدنية، أو خلل في عمل الغدد والأعصاب، يُساهم بالتأثير بصورة سلبية في تكوين شخصية طفل الروضة.
الوراثة وتأثيرها في تكوين شخصية الطفل:
تحظى العوامل الوراثية بالأثر الأكبر في تكوين شخصية الطفل، ولها دور في عملية تحديد نمط السلوكيات الخاصة بالطفل، حيث أنَّ نمو الطفل الجسمي فيما يتعلّق بسرعته أو بطئه، وغير ذلك من مظاهر النمو، كلُّ هذه الاشياء تكون مرتبطة بشكل وثيق بعملية الوراثة، وتدخل في عملية بناء شخصية الطفل، وعلى كل حال، فالوراثة مرتبطة وبصلة وثيقة ببيئة الطفل المحيطة.
النضج وتأثيره في تكوين شخصية الطفل:
تُساهم عملية النضج بالتأثير بصورة كبيرة في تكوين شخصية الطفل، فهي تتضمن عمليات النمو المختلفة، وحصول التغييرات المنتظمة، فمثلاً لا يستطيع الطفل القيام بعملية الرسم إلا إذا كانت عضلاته ناضجة، ويتمكّن من الإمساك بالقلم بالشكل الصحيح.
الثقافة وأثرها في تكوين شخصية الطفل:
والمقصود هنا هو ثقافة المجتمع بصورة كلية، والعادات والمعتقدات والقيم، ومدى الترابط الاجتماعي، والحصيلة اللغوية، ويقوم المجتمع بالمساهمة بتكوين شخصية الطفل المتكاملة عن طريق تنشئة الطفل اجتماعياً وبصورة سليمة، بدايةً بمرحلة روضة الأطفال.
الأسرة وأثرها في تكوين شخصية الطفل:
تُعتبر الأسرة النواة الرئيسية والتي تُساهم بالتأثير على سلوكيات طفل الروضة، وتقوم على ملاحظة ومُتابعة شخصيته، ويكون تأثيرها بصورة كبيرة، حيث أنه عندما تكون الأسرة تتصف بالتنظيم والتكاتُف والتعاون، تنمو شخصية طفل الروضة بشكل سليم، وبالمقابل تُساهم الخلافات الموجودة بالأسرة والتفكك الأسري بالتأثير على شخصية الطفل، حيث تنمو بصورة مضطربة غير سوية.
البيئة وأثرها في تكوين شخصية الطفل:
تؤثر البيئة التي ينمو فيها طفل الروضة بشكل كبيراً في عملية تكوين شخصيته، حيث يبدأ الطفل بالتعرف على بيئته عن طريق المراقبة المستمرة لكل شيء يُحيط به، وعن طريق التجارب التي مرَّ بها أو الأفراد الآخرين، وكذلك الألعاب التي يقوم بممارستها مع أصدقائه، والنشاطات المتنوعة بالإضافة إلى سماعه للقصص، وهنا يظهر الدور الفعّال لروضة الأطفال، من خلال قيامها بتدريب الطفل على الأخلاق الحسنة، والتي تنسجم مع مجتمعه الذي يتواجد فيه، كما تعمل على مساعدة الطفل ليقوم بالتفاعل مع بيئته.
التعليم وأثره في تكوين شخصية الطفل:
يكتسب الطفل في الروضة وعن طريق نشاطه العقلي، العديد من المبادئ الرئيسية والتي تُساعده في تكوين شخصيّته، وتكيُّفه مع مجتمعه، ومثال ذلك امتلاك الطفل للقيم الجيدة، واختيار القرارات المناسبة، بالإضافة إلى امتلاكه للمهارات وللخبرات وغير ذلك من الأشياء التي تُساعده بصقل الشخصية، وتهيئته للمرحلة الابتدائية، ويُقدّم برنامج روضة الأطفال في العادة بصورة مدروسة في نطاق تربوي واضح المظاهر، حيث يتضمّن الكثير من النشاطات المتنوعة، وهذا من شأنه مساعدة طفل الروضة في تكوين شخصيته، وقيامه بالتوافق الاجتماعي، وإعداده للمستقبل.
تعمل روضة الأطفال بتهيئة المناخ المناسب لطفل الروضة؛ وذلك من أجل قيام الطفل باستكشاف البيئة المحيطة، وذلك من خلال توفير المواد وأدوات اللعب الملائمة، والتي تُساعد الطفل في الاستكشاف، فمن خلال استعمال الطفل لهذه المواد وقيامه بالتجريب، ستتكون لديه مهارات وخبرات عديدة، وهذا بدوره يُساهم بزيادة ثقة الطفل بذاته وقدراته.
كما تقوم رياض الأطفال بتهيئة المجالات العديدة لتعايش الطفل مع أقرانه، من خلال الألعاب الجماعية، مما يزرع في نفس الطفل العديد من القيم الإيجابية، كالتعاون، التكاتف، احترام الآخرين، وكيفية استخدام الوقت، بالإضافة إلى الخبرات الأخرى التي يقوم باكتسابها من رياض الأطفال، كالنظافة، الالتزام بالقواعد، الاستقلالية، وقدرته في أن يُعبر عن ما يشعر به، من ألم، طموحات، ورغبات، في جو من الحرية والاطمئنان، فكلُّ هذه الأشياء جميعها ستكون عوامل فعّالة في تكوين شخصية طفل الروضة.