مبادئ علم النفس التنموي

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علم النفس التنموي (Developmental psychology) من أهم الدراسات الخاصة بتطور البشر ونموهم خلال مراحل نموه المتعددة؛ ذلك منذ الولادة وحتى مرحلة الشيخوخة، كما أنّه أحد فروع علم النفس الذي يدرس التغيرات في المراحل المختلفة عند الإنسان وفي سلوكه وكيف يؤثر ويتأثير بمن حوله .

مبادئ علم النفس التنموي:

مبدأ الاتجاه المشترك للنمو أو التنمية:

بالرغم من أنّ وتيرة التطور أو النمو تختلف من فرد لآخر وفي فترات مختلفة من الحياة، فإن درجة التطور أو النمو قد تختلف كذلك، لكن اتجاه التطور أو النمو يظل كما هو في جميع الحالات، إن رأس الجنين هو الذي يطور شكله أولاً؛ فلا يتغير حجمها كثيراً كما هو الحال بالنسبة لأجزاء أخرى من الجسم بعد ولادة الطفل، تتطور الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين إلى قدرتها الوظيفية الكاملة في مرحلة مبكرة جداً؛ تتطور الأجزاء الخارجية لاحقًا؛ لذلك يمكن القول أن اتجاه التطور يكون من الرأس إلى الساقين ومن الداخل إلى الخارج.

مبدأ الاتجاه المشترك للنمو:

وفقاً للنمو والتطور تنقسم حياة الفرد بشكل عام إلى أربعة أجزاء؛ الرضاعة من الولادة حتى خمس سنوات والطفولة المتأخرة من خمس سنوات إلى اثني عشرة سنة؛ ثم المراهقة من اثني عشرة سنة إلى ثمان عشرة سنة وسن الرشد من ثمان عشرة سنة وما فوق، بالرغم من أنه قد تم مسح كيفية حدوث النمو والتطور خلال هذه الفترات المختلفة من الحياة، إلا أنه ليس هو الحال أن النمو والتطور لفترة معينة من الحياة يتوقفان بمجرد انتهاء فترة المرحلة الواحدة؛ إن عملية النمو أو التطور هي سمة مستمرة من سمات الحياة البشرية أو لأي كائن حي، كما تستمر من البداية وتتخطى حدود فترة إلى أخرى.
بالطبع هناك متوسط ​​العمر الذي يصل فيه عمومًا عضو أو طرف أو جهاز من جسم الإنسان إلى مرحلة النضج ويمكنه أداء وظيفته بشكل جيد جداً وهو ما يمكن توقعه من شخص في ذلك العمر، حتى لو لم ينضج المرء بما يكفي لأداء عمل معين حسب العمر الذي يجب أن يكون قادر على القيام به وفقًا لمعايير النمو والتطور، فلا ينبغي الاستنتاج أن عملية النمو والتطور قد توقف الآن إلى الأبد. ينبغي توقع استمرار العملية بعد هذا الحد من العمر – إنّه مبدأ الاستمرارية.

مبدأ التطور المتسلسل:

بالرغم من وجود نمط مماثل للنمو والتطور في جميع الحالات، تختلف السرعة والدرجة وفقاً للاختلافات الفردية؛ مع ذلك فإنّ تسلسل النمو والتنمية هو نفسه في جميع الحالات بالتسلسل هو نفسه، فإنّنا نعني في جميع الحالات الفردية، أنّ بعض الأجزاء أو الأعضاء تنمو في الحجم والوزن أولاً، لا يستطيع الطفل الوقوف حتى يطور قدرته على الجلوس؛ لذا فإنّ تسلسل التطور هو أن يتعلم الطفل الجلوس أولاً قبل أن يتمكن من الوقوف؛ يتعلم الوقوف أولاً قبل أن يتمكن من المشي.
تسلسل ظهور الأسنان اللبنية هو نفسه في جميع الحالات، وكذلك تسلسل سقوطها؛ بعضها يسقط أولاً والبعض بعده والبعض الآخر لاحقًا، خلال السنوات الثلاث الأولى ينمو الطفل بسرعة في الحجم والوزن؛ لكن هناك تسلسل في هذا التطور كذلك، فيما يتعلق بأي جزء ينمو أولاً وما بعد ذلك، بالمثل تم العثور على تسلسل مشترك فيما يتعلق بالتغيرات الجسدية قبل أن تكون فترة الإزعاج الفعلي، فإذا كانت هناك حالة يختلف فيها التسلسل، فينبغي اعتباره استثناءً.

مبدأ النضج أو الجاهزية:

يجب على الإنسان أن يؤدي عدد من الوظائف في حياته، قد يكون بعضها صعب بشكل كبير أو معقد ويتطلب نمو كامل للهيكل العظمي والعضلي والعصبي في جسم الشخص، تنضج الطبيعة أولاً عضلات الطفل وأعصابه، لتمكينه من أداء وظيفة يكون هذا النوع من النضج ضروري لها، هذا النضج مقيد بزمن ولأنواع مختلفة من الوظائف، هناك حاجة إلى أنواع مختلفة من النمو الهيكلي والعضلي والعصبي؛ فلا يمكن لأي قدر من الجهود لتدريب الطفل على القيام بشيء لم يحقق النضج أو الاستعداد له أن يفعل الشيء نفسه.

مبدأ سرعة النمو:

مؤشرات النضج لا تظهر على فترات منتظمة؛ فالطفولة هي فترة النمو المتسارع عندما تظهر مؤشرات النضج في جوانب مختلفة من النمو، خلال مرحلة ما قبل المدرسة وسنوات الدراسة المبكرة، تتباطأ وتيرة النمو؛ فهي فترة نمو متباطئ، لكن حتى خلال فترة النمو المتباطئ تحدث تغيرات جسدية وعقلية وعاطفية كبيرة، يوجد طفرة في النمو في الطول مع بداية المراهقة، تسارعت مراحل معينة من النمو قبل أن تتناقص تدريجياً إلى مستوى البالغين.

مبدأ الفروق الفردية:

لقد تحدثنا عن الفروق الفردية في جميع الإشارات إلى النمو والتنمية؛ فهي موجودة على الرغم من حقائق النمط المشترك والتسلسل المشترك، تعتبر الفروق الفردية طبيعية بسبب الاختلافات الجينية والبيئية التي يمتلكها المرء عن الآخرين، تُلاحظ الفروق الفردية فيما يتعلق بظهور الأسنان اللبنية، فيما يتعلق بالوقت الذي يبدأ فيه الطفل في المشي بشكل مستقل، فيما يتعلق بظهور علامات البلوغ في حالة المراهق والفتاة. في بعض الحالات يكون النضج أبكر من البعض الآخر، البعض لا ينضج حسب سنه ويتخلف عن الآخرين.

اختلاف معدلات النمو:

لا تحافظ الجوانب المختلفة للنمو على وتيرة موحدة للتطور طوال الوقت، في عمر اثنا عشر شهر يستخدم الطفل من ثلاث إلى خمس كلمات، لكن خلال الأشهر الثلاثة إلى الأربعة التالية قد لا يكتسب أي كلمات جديدة ؛ قد يكون ذلك بسبب استخدام طاقته في اكتساب مهارة الحركة، من المحتمل كذلك أنه قد ينسى الكلمات التي حصل عليها بالفعل، يستمر هذا حتى خلال فترة المراهقة، فقد يتأثر التقدم الدراسي سلباً خلال هذه الفترة بسبب الطاقة المفرطة المستخدمة في عملية النمو والتطور السريع؛ فقد تؤثر العوامل الاجتماعية والعاطفية على العمل المدرسي.
تنمو أجزاء من الجسم بمعدلات متفاوتة خلال فترات الحياة المختلفة، كما تنمو الأجهزة العصبية بسرعة خلال السنوات الأولى، إلى جانب هذا النمو يحدث تطور سريع في مهارة التحكم في التلاعب الجسدي وتوسيع القدرات الفكرية، خلال فترة المراهقة المبكرة يحدث نمو سريع في الجهاز التناسلي؛ حيث تزداد الاهتمامات الجنسية الاجتماعية والقدرات العاطفية بشكل متزامن أو بعد ذلك بوقت قصير.

العوامل التي تؤثر على معدل ونمط النمو:

في الفقرات السابقة تم إعطاء بعض الأنماط العامة للنمو والتطور ولكن في بعض الحالات نجد انحرافات عنها، هناك عوامل معينة مسؤولة عن هذه الانحرافات، في بعض الحالات تكون الحوادث الجينية هي الأسباب؛ بسبب هذا يحدث التغيير في معدل ونمط النمو والتنمية.
إذا كان هناك تداخل خاصة خلال فترة ما قبل الولادة عندما يطور الجنين أعضائه وأنظمته في الجسم، فسيكون تأثيره الدائم على نمو وتطور الطفل بعد الولادة، سيصبح الطفل متخلف عقلي إذا كان هناك تلف في الدماغ أثناء فترة ما قبل الولادة أو خلال الأيام الأولى من الرضاعة، إذا لم يحصل الطفل بعد الولادة على بيئة يمكن أن تلبي احتياجاته الجسدية والنفسية بشكل كامل، فإنّها تحبط كذلك نمو وتطور الطفل؛ يجب أن تحصل احتياجاته الأساسية على الإشباع الكامل.
أكد الباحثون على أهمية التغذية والنشاط والراحة والتحديات النفسية وفرصة التعلم والأمن في المودة والانضباط الكافي والتفاهم وفي تحقيق الإمكانات المتأصلة في الطبيعة، فإذا كانت كل هذه العوامل متجانسة فسيكون التطور سريع وإلى الحد الممكن، لا يمكن أن يكون هناك نمو صحي إذا كان الطفل لا يحصل على تغذية كافية، فقد تؤدي الحرمان النفسي كذلك إلى إنتاج شخصية تالفة.
وكما يعتبر الإشعاع والتلوث من العوامل الأخرى التي تؤثر على النمو والتطور بطريقة معاكسة بشكل خطير، قد يكون سبب الكريتينية كذلك بسبب نقص ملح اليود واليود هو العلاج، فالطفل المحروم من دفء المودة والذي يشعر بعدم الأمان، قد يصاب بالخوف والقلق كجزء من طبيعته، فتكون النتيجة شخصية عصابية، فقد تعاني مثل هذه الشخصية كذلك من الضغائن أو الانفعال المتفجر، من ناحية أخرى إذا حصل الطفل على نظام غذائي كافي وبيئة من المودة والأمان، كذلك تعليم جيد وعوامل مواتية أخرى في ظروفه، فسوف يتطور إلى أقصى إمكاناته.
وكما تتمتع شخصية الإنسان بمرونة كبيرة جداً والتي من خلالها يمكن أن تشكل تأخيرات مؤقتة؛ ذلك يعتبر بشرط أن يتم إزالة العوامل المزعجة والموترة في الوقت المناسب أو أنّ الضرر الذي ينتج عن الحادث لا يكون مدمر للغاية، كما أنّ بيئة الحماية الزائدة عن الحد غير مرغوب فيها أيضاً كذلك؛ لأنّها لن تمنح الطفل كذلك أي فرصة لتطوير مناعة ضد جراثيم الحياة العادية المتواجدة من حوله، من المرجح كذلك أن يصبح الطفل المدلل بشكل مفرط مدلل، من أجل تطوير المقاومة المرغوبة والقوة الأخلاقية، فإنّ الشدائد الظرفية مفيدة كذلك إذا لم تكن شديدة جداً.


شارك المقالة: