يعتبر علم النفس من أهم الفروع الإنسانية التي تدرس سلوك الكائن الحي وخصوصاً السلوك الإنساني، لذلك فهو يقوم بالبحث في هذا السلوك بكافة أشكاله والتي تُلاحظ بالعين أو التي تكمن في نفس الفرد؛ يتم دراستها ومراقبتها من خلال الأجهزة والمختبرات العلمية، لذلك تستند هذه الأبحاث والدراسات على طرق علمية من أجل الوصول إلى الحقائق وجمع المعلومات عن السلوك البشري.
مفهوم السلوك في علم النفس:
يمكن اعتبار سلوك الكائنات الحيّة أساس الدراسات العلمية والنفسية، يقوم علم النفس بالتركيز بصورة أساسية على السلوك وأشكاله؛ سواء كانت هذه الأشكال قابلة للقياس أو غير قابلة للقياس، كما أنه يدرس معايير السلوك الصحيح وغير الطبيعي وظروف ظهوره، قام علم النفس بحصر السلوك عن طريق بعض التعريفات والمفاهيم.
تعتبر السلوكات حالات من التفاعلات التي تحدث ما بين الكائنات الحية وعالمهم الخارجي وبيئتهم؛ في أغلب الحالات يتشكل السلوك من خلال ردود سلوكية عن طريق التعلم الفردي والتدريب والملاحظة والتعرض للخبرات في مواقف متعددة، يمكن أن نعرف السلوك كذلك أنّه عدد من الاستجابات التي يقوم الفرد بإصدارها لمعظم المحفزات البيئية، حيث تمثل البيئة كافة التأثيرات التي تحفّز آلية ظهور سلوك.
يوجد كذلك مجموعة من التعاريف المتعددة للسلوك مثل؛ هو كافة أنواع الاستجابة التي يظهرها الكائن الحي نتيجة الموقف الذي واجهه، قال علماء النفس كذلك أنّ السلوك يظهر بطريقة شمولية كنشاط معقد يتكون هيكله من 3 جوانب أساسية وهي:
- الجانب المعرفي: هو عدد من العمليات العقلية والمعرفية التي يقوم الشخص باستخدامها؛ ذلك حتى يتصوّر الأحداث التي تحصل من حوله، كذلك كيفية تفاعله معهم بالطرق التي يكون فيها الشخص منفرد من خلال استخدام المعاني والرموز، من هذه العمليات الهامة؛ الإدراك والتعبير الرمزي والتصور والتذكر واللفظي واللغوي وغيره.
- الجانب الحركي: هو جميع ردود الفعل الجسدية التي تتكون عند الفرد؛ ذلك نتيجة تعرضه لمثير معين، هذه الاستجابات تظهر من خلال صور عن الاستجابات الحركية لبعض التعاليم اللفظية، كذلك ممارسة الكتابة والرياضة أو تشغيل الموسيقى وركوب السيارات وغيرها الكثير من الأمور.
- الجانب العاطفي: هو حالة عاطفية يتعايش الفرد معها عن طريق استجاباته السلوكية للمثيرات المختلفة؛ أي الحالات الداخلية التي ترافق سلوك محدد، كالشعور بالفرح والسعادة نتيجة القيام بنشاط معين أو الشعور بالراحة أو عدم الراحة لمثير آخر أو أي نشاط آخر.
أنواع السلوك في علم النفس:
- السلوك المتجاوب: هو من أنواع السلوك الذي يقوم المحفز السابق له بالتحكّم به، فعند حدوث التحفيز يتشكّل سلوك الاستجابة بسرعة كبيرة، على سبيل المثال عندما نقطع البصل والدّموع في العينين، يمكن أن نعتبر هذا النوع من السلوكات الأقرب إلى السلوك اللاإرادي؛ لأنّه من أنواع السلوك التي لا يمكن أن تتأثر بالمنبهات التابعة له، فهو ثابت ولا يتغير فالمحفز الذي يغير هذا السلوك فقط.
- السلوك الإجرائي: هو أحد أنواع السلوك التي تنتج من خلال الاستجابات التي تحدّد عن طريق عوامل البيئة؛ مثل العوامل الاجتماعية والدينية، بشكل عام يتم إخضاع السلوك الإجرائي للنتائج الخاصة به، حيث إنّ طريقة المنبهات والأبعاد قد تُطفئ السلوك أو تدعمه وقد تقويه، فقد لا يكون لها أي تأثير كبير على الاستجابة السلوكية، كما أنّه لا يمكن فهم جميع الظروف التي تحيط بشخص ما؛ سواء في الحاضر أو الماضي.
خصائص السلوك البشري:
القدرة على التنبؤ:
هو أن يُخضع سلوك البشر للعديد من الأنظمة المحددة والمعقدة، فعندما يكون من الممكن أن تحدد مكونات هذا النظام، يمكن التنبؤ لحدوث السلوك وتوقعه، حيث أنّ المعدلات السلوكية والباحثين النفسيين يرون أن البنية الذاتية ممثلة في تاريخ الظروف الاجتماعية والمادية المؤثرة على الشخص؛ سواء في الماضي أو الحاضر وهذا هو ما يحدد طبيعة سلوكه.
حيث أنّ فهم وتوضيح كافة جوانب وظروف الحياة التي قامت بالتأثير على الفرد أثناء حياته يساهم بشكل مرن تنبؤ السلوك المحدد في الظروف المحددة التي يكون فيها، ذلك بالاستناد على الهدف ومعرفة شاملة بالظروف البيئية، إلا أنّه في بعض الأحيان تصبح عملية التنبؤ بسلوك الفرد مستحيلة؛ بسبب صعوبة التمكن من فهم وتوضيح جميع الظروف البيئية لحياته بصورة كاملة.
القدرة على التكيف:
هو إعادة تشكيل وتنظيم المثيرات البيئية التي تسبق أو التي تلحق السلوك، كما تساهم في ظهور استجابات سلوكية محددة، لذلك إنّ إعادة تجميع الأحداث وتنسيقها بطرق محددة ومدروسة تسعى إلى إظهار سلوك محدد، ذلك من خلال اللجوء إلى المبادئ والقوانين النفسية السلوكية.
القابلية للقياس:
يعتبر سلوك الإنسان أحد الظواهر المعقدة؛ ذلك لأنّه ينقسم لقسمين أساسيين، الأول قابل للقياس وواضح أمّا الآخر فهو غير مرئي ولا يمكن قياسه، فقد أدى ذلك إلى أن يختلف العلماء في طرق التفسير والقياس؛ طور بعضها سلوك قياسي مباشر مثل قوائم الملاحظة والقوائم الشائكة، أمّا آخرون فقد طوّروا طرق غير مباشرة مثل اختبارات الذكاء أو الاختبارات الشخصية أو الاستدلال السلوكي عن طريق البحث في الجوانب السلوكية المختلفة.