نظرية العلاج بالمعنى في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تمَّ الوصول إلى مصطلح العلاج بالمعنى عن طريق كتابات فرانكل في سنة 1938، عمل فرانكل على تطوير وإنشاء طريقة إرشادية علاجية، ذلك على أساس الافتراض الذي يقول أنَّ المعنى في الحياه هو الجوهر والأساس للوجود، يعتقد أنَّه عندما يجد الأفراد المعنى في حياتهم، فإنَّهم سيصبحون أشخاصاً أصحَّاء بشكل نفسي ونشطين روحياً. أصل العلاج بالمعنى الاتجاه الإنساني في العلاج النفسي، أيضاً علم النفس الذي يعتبر القوَّة الثالثة في علم النفس بعد التحليل النفسي والسلوكية.

مكانة نظرية العلاج بالمعنى بين النظريات

قامت النظريات التحليلية بفرض سيطرتها على مجال علم النفس لوقت طويل، برغم المبالغات والفرضيات غير المعقولة والتناقضات التي لا يتقبلها العقل ولا المنطق التي توجد فيها، بعد ذلك جاءت المدرسة السلوكيَّة، التي شبَّهت الإنسان بالحيوان وقضت على إنسانيته وكرامته، ظهرت بعد ذلك النظريات الإنسانية؛ حتى ترجع للإنسان كرامته وتنظر إليه بشكل أكثر منطقية.

من الممكن أن تندرج نظرية العلاج بالمعنى تحت اللواء الخاص بها، الفضل الأساسي في اكتشاف نظرية العلاج بالمعنى هو فيكتور فرانكل، الذي بدأ في عمر السَّادسة عشرة بمراسلة فرويد مؤسِّس النظرية التحليلية.

العالم فيكتور فرانكل

قدَّم فيكتور فرانكل 29 كتاباً، بدأ بنشر أولى مقالاته في سنِّ التاسعة عشرة، ذلك بدعوة من فرويد في المجلة الدولية للتحليل النفسي سنة 1924، كما قام بتقديم أعمال أُخرى في المجلَّة الدوليَّة لعلم النفس الفردي، بدعوة من أدلر. أول كتب فرانكل هو (الطبيب والجوهر من العلاج النفسي إلى العلاج بالمعنى)، الذي قام بنشره سنة 1946، الذي قام بتنقيحه إضافة إليه مبادئ العلاج بالمعنى.

بعد سرد خبرته للسنوات الثلاث التي بقي فيها في معسكر الموت النازي، يقول ألبورت: (بالرَّغم من فقدان كل شيء وتحطُّم كل القيم، معاناة الجوع والقسوة وتوقُّع الموت أيّ لحظة، كيف وجد فرانكل أنَّ حياته تستحق أن تعاش؟ رجل مثل هذا جدير بأن نستمع إليه).

في عام 1969م قام فرانكل بعرض كتابه (إرادة المعنى)، في مقال له عام 1981، قدَّم ميسينى عرض واضح لحياة فرانكل وفنياته العلاجية ونظرياته وكيف حاول طتوير نظريته في الشخصيّة، بحيث كان تركيزه على البعد الروحي وعلى أهمية المعنى في حياة الإنسان وعلى القيم الابتكارية و الخبراتية والاتجاهاتية، أيضاً شرح واضح لطرق استخدام العلاج بالمعنى مع أصحاب الضمائر المحبطين؛ من أجل مساعدتهم في إيجاد معنى واضح لحياتهم، أكَّد من خلال ممارساته التعليمية والكلينيكية على الحقيقة، التي قام بالتعبير عنها جميع الكتاب والشعراء، هي أنَّ الحُب يعتبر أقصى وأعلى هدف للكائنات الإنسانية، أيضاً أنَّ خلاص الإنسان إمّا أن يكون من خلال الحُب أو في أن يحب.

المفاهيم الأساسية لنظرية العلاج بالمعنى

  • إرادة المعنى: تعتبر إرادة البحث عن معنى في الحياة الدافع الأساسي لسلوك الإنسان، بعكس النظريات التي ترى أن الدافع الرئيسي هو اللذة أو السلطة.

  • الحرية والمسؤولية: يؤكد العلاج بالمعنى على حرية الإنسان في اختيار موقفه تجاه الظروف التي يمر بها. ومع هذه الحرية تأتي المسؤولية، حيث يُطلب من الأفراد تحمل مسؤولية خياراتهم وأفعالهم.

  • معنى الحياة: لا يوجد معنى عام للحياة، بل يجب على كل فرد أن يجد معنى لحياته الخاصة. يمكن العثور على هذا المعنى من خلال العمل، العلاقات الشخصية، وحتى في المعاناة والألم.

  • السمو الذاتي: يشير إلى قدرة الفرد على النظر إلى ما هو أبعد من احتياجاته الشخصية لتحقيق هدف أسمى، مثل خدمة الآخرين أو السعي نحو تحقيق قيم إنسانية.

تطبيقات العلاج بالمعنى

  • التعامل مع الأزمات: يمكن استخدام العلاج بالمعنى لمساعدة الأفراد الذين يواجهون أزمات حياتية، مثل الفقدان، المرض، أو الاكتئاب، من خلال مساعدتهم في العثور على معنى في تجاربهم.
  • تطوير الذات: يشجع الأفراد على استكشاف قيمهم وأهدافهم الحياتية والعمل نحو تحقيقها.
  • التحفيز الشخصي: يساعد الأفراد في العثور على الدوافع التي تحفزهم للعيش بشكل أكثر إشباعًا وتفاؤلاً.

أساليب العلاج بالمعنى

  • التأمل الوجودي: يساعد الأفراد على التفكير في حياتهم وما يمنحها معنى، وتشجيعهم على اتخاذ قرارات بناءً على هذا الفهم.

  • التوجيه بالقيم: يشجع الأفراد على تحديد القيم التي يرغبون في العيش من أجلها والعمل على تحقيقها.

  • إعادة تأطير المواقف: مساعدة الأفراد على النظر إلى مواقفهم وتجاربهم من منظور جديد يمكن أن يمنحهم القوة والتفاؤل.

النقد والانتقادات لنظرية العلاج بالمعنى

رغم فعالية العلاج بالمعنى في العديد من الحالات، إلا أنه يواجه بعض الانتقادات، خاصة فيما يتعلق بقدرته على معالجة الحالات النفسية الشديدة. بعض النقاد يرون أنه يفتقر إلى البنية العلمية الصارمة لبعض الأساليب العلاجية الحديثة.

العلاج بالمعنى هو نهج علاجي يُركّز على البحث عن المعنى الشخصي كوسيلة للتغلب على التحديات النفسية والوجودية، من خلال التركيز على الحرية الفردية والمسؤولية والبحث عن القيم الشخصية، يقدم هذا العلاج إطارًا قويًا لمساعدة الأفراد في التعامل مع الأزمات وتحقيق حياة أكثر إشباعًا.


شارك المقالة: