اقرأ في هذا المقال
تنص نظرية كولبرج للتطور الأخلاقي كما يراها هو على أنّنا نتقدم في الحياة ونتطور من خلال ثلاثة مستويات من التفكير الأخلاقي التي تبني تطورنا المعرفي، حيث توسع لورنس كولبرج في العمل السابق للمنظّر المعرفي المشهور جان بياجيه من أجل شرح التطور الأخلاقي عند الأطفال والذي كان يعتقد أنّه يقوم باتباع سلسلة من المراحل.
نظرية كولبرج في علم النفس التنموي:
حدد كولبرج ثلاثة مستويات من التطور الأخلاقي وهي؛ ما قبل التقليدي والتقليدي وما بعد التقليدي، كل مستوى له مرحلتان متميزتان، خلال المستوى السابق يتم التحكم في إحساس الطفل بالأخلاق من الخارج، كما يقبل الأطفال ويؤمنون بقواعد شخصيات السلطة مثل الآباء والمعلمين، أيضاً يحكمون على الإجراء بناءً على عواقبه، خلال المستوى التقليدي يرتبط إحساس الفرد بالأخلاق بالعلاقات الشخصية والمجتمعية.
حيث يستمر الأطفال في قبول قواعد شخصيات السلطة ولكن هذا لأنّهم يعتقدون أنّ هذا ضروري لضمان العلاقات الإيجابية والنظام المجتمعي الذي يعيشون فيه، خلال مستوى ما بعد التقليدي يتم تعريف إحساس الشخص بالأخلاق من حيث المبادئ والقيم الأكثر تجريد لديه، يعتقد الناس الآن أنّ بعض القوانين غير عادلة ويجب تغييرها أو إلغاؤها، تعرضت نظرية كولبرج لانتقادات كثيرة بسبب تحيزها الثقافي والجنساني تجاه الرجال والفتيان البيض من الطبقة العليا فقط، كما أنّه يفشل في تفسير التناقضات في الأحكام الأخلاقية.
توسع لورانس كولبرج في العمل السابق للمنظر المعرفي جان بياجيه سيعاً لتوضيح التطور الأخلاقي للأطفال، يعتقد كولبرج أنّ التطور الأخلاقي مثل التطور المعرفي ويتبع سلسلة من المراحل، استخدم فكرة المعضلات الأخلاقية التي تقدم أفكار متضاربة حول قيمتين أخلاقيتين، لتعليم الأولاد الذين تتراوح أعمارهم بين عشرة إلى ستة عشر عاماً حول الأخلاق والقيم، أشهر معضلة أخلاقية خلقها كولبرج هي معضلة هاينز، التي تناقش فكرة إطاعة القانون مقابل إنقاذ الأرواح، أكد كولبرج أنّ هذه هي الطريقة الفردية والأسباب حول المعضلة هي التي تحدد التنمية الأخلاقية الإيجابية.
بعد تقديم معضلات أخلاقية مختلفة للناس، راجع كولبرج ردود الناس ووضعهم في مراحل مختلفة من التفكير الأخلاقي، وفقاً لكولبيرج يتقدم الفرد من القدرة على الأخلاق ما قبل التقليدية (قبل سن التاسعة) إلى القدرة على الأخلاق التقليدية (المراهقة المبكرة)، كذلك نحو تحقيق الأخلاق ما بعد التقليدية (بمجرد تحقيق فكرة بياجيه عن الفكر التشغيلي الرسمي)، الذي يحققه القليل فقط بشكل كامل، يحتوي كل مستوى من مستويات الأخلاق على مرحلتين توفران الأساس للتطور الأخلاقي في سياقات مختلفة.
مراحل التطور الأخلاقي لكولبرج:
حدد كولبيرج ثلاثة مستويات للتفكير الأخلاقي؛ ما قبل التقليدي والتقليدي وما بعد التقليدي، يرتبط كل مستوى بمراحل معقدة بشكل متزايد من التطور الأخلاقي.
ما قبل التقليدية:
طوال المستوى السابق يتم التحكم في إحساس الطفل بالأخلاق خارجياً، يقبل الأطفال ويؤمنون بقواعد شخصيات السلطة، مثل الآباء والمعلمين، لم يتبنى الطفل ذو الأخلاق السابقة التقليدية أو يستوعب اتفاقيات المجتمع فيما يتعلق بما هو صواب أو خطأ، لكنّه يركز بدلاً من ذلك إلى حد كبير على العواقب الخارجية التي قد تحدثها بعض الإجراءات، يشمل هذا المستوى العديد من المراحل كالتالي:
- المرحلة الأولى (الطاعة وتوجيه العقوبة): تركز المرحلة الأولى على رغبة الطفل في الانصياع للقواعد وتجنب العقاب، على سبيل المثال يُنظر إلى الفعل على أنّه خطأ أخلاقي لأنّ الجاني يُعاقب؛ فكلما كانت العقوبة على الفعل أسوأ كلما زاد إدراك الفعل السيئ.
- المرحلة الثانية (التوجيه الآلي): تعبر هذه المرحلة عن (ما الفائدة من ذلك بالنسبة لي؟)، حيث يتم تحديد السلوك الصحيح من خلال ما يعتقد الفرد أنه في مصلحته، يُظهر منطق المرحلة الثانية اهتمام محدود باحتياجات الآخرين، فقط إلى الحد الذي قد يعزز فيه مصالح الفرد الخاصة، نتيجة لذلك لا يعتمد الاهتمام بالآخرين على الولاء أو الاحترام الجوهري، بل على العقلية؛ على سبيل المثال عندما يطلب والديه من الطفل القيام بعمل روتيني. يسأل الطفل ما الفائدة من ذلك بالنسبة لي؟، ثم يقدم الوالدان حافز للطفل بمنحه مخصص معين.
التقليدي:
على مدار المستوى التقليدي يرتبط إحساس الطفل بالأخلاق بالعلاقات الشخصية والمجتمعية، يستمر الأطفال في قبول قواعد شخصيات السلطة، لكن هذا يرجع الآن إلى اعتقادهم أن هذا ضروري لضمان العلاقات الإيجابية والنظام المجتمعي، يكون الالتزام بالقواعد والاتفاقيات صارم إلى حد ما خلال هذه المراحل، نادراً ما يتم التشكيك في مدى ملاءمة القاعدة أو عدالتها.
مثلاً يقبل الطفل بشكل أعمى القواعد والأعراف لأهميتها في الحفاظ على مجتمع فاعل، يُنظر إلى القواعد على أنّها هي نفسها بالنسبة للجميع، يُنظر إلى الامتثال للقواعد من خلال القيام بما يفترض على المرء أن يفعله على أنّه قيمة ومهمة، التفكير الأخلاقي هنا يتجاوز الحاجة إلى الموافقة الفردية المعروضة عما قبل، فإذا كان شخص ما ينتهك القانون، فربما يفعل الجميع وبالتالي هناك التزام وواجب لدعم القوانين والقواعد، يظل معظم أعضاء المجتمع النشطين في هذه المستوى، حيث لا تزال الأخلاق تمليها في الغالب قوة خارجية.
ما بعد التقليد:
على مدار المستوى ما بعد التقليدي يتم تعريف إحساس الشخص بالأخلاق من حيث المبادئ والقيم الأكثر تجريد، يعتقد الناس الآن أن بعض القوانين غير عادلة ويجب تغييرها أو إلغاؤها، يتميز هذا المستوى بإدراك متزايد بأنّ الأفراد كيانات منفصلة عن المجتمع وأنّ الأفراد قد يعصون القواعد التي تتعارض مع مبادئهم الخاصة.
المبادئ التي تتضمن عادةً حقوق الإنسان الأساسية مثل الحياة والحرية والعدالة وترى القواعد على أنها آليات مفيدة ولكنّها قابلة للتغيير، بدلاً من الإملاءات المطلقة التي يجب إطاعتها دون سؤال، نظراً لأنّ الأفراد ما بعد التقليديين يرفعون تقييمهم الأخلاقي للموقف على الأعراف الاجتماعية، فإنّ سلوكهم خاصة في هذه المستوى، يمكن في بعض الأحيان الخلط بين سلوكهم وسلوكهم في المستوى ما قبل التقليدي، تكهن بعض المنظرين بأن الكثير من الناس قد لا يصلون إلى هذا المستوى من التفكير الأخلاقي المجرد.
يتم النظر إلى العالم على أنّه يحمل آراء وحقوق وقيم مختلفة، يجب احترام وجهات النظر هذه بشكل متبادل باعتبارها فريدة لكل شخص أو مجتمع، تعتبر القوانين عقود اجتماعية وليست مراسيم صارمة، يجب تغيير أولئك الذين لا يروجون للرفاهية العامة عند الضرورة لتلبية أكبر فائدة لأكبر عدد من الناس، يتم تحقيق ذلك من خلال قرار الأغلبية والتسوية الحتمية، كما تستند الحكومة الديمقراطية نظرياً إلى هذا المستوى.
يعتمد التفكير الأخلاقي على التفكير المجرد باستخدام المبادئ الأخلاقية العالمية، بشكل عام المبادئ المختارة مجردة وليست ملموسة وتركز على أفكار مثل المساواة أو الكرامة أو الاحترام، فالقوانين صالحة فقط بقدر ما تستند إلى العدالة والالتزام بالعدالة يحمل في طياته التزام بعصيان القوانين الظالمة، يقوم الناس باختيار المبادئ الأخلاقية التي يريدون اتباعها، فإذا انتهكوا هذه المبادئ فإنّهم يشعرون بالذنب، بهذه الطريقة يتصرف الفرد لأنّه من الصواب الأخلاقي القيام بذلك (وليس لأنه يريد تجنب العقوبة) أو لأنّه من مصلحته أو متوقع أو أنّه قانوني أو تم الاتفاق عليه مسبقاً.
بالرغم من أنَّ كولبرج قد أصرّ على وجود هذا المستوى، إلا أنّه لاقى صعوبات في حصر الأفراد الذين يعملون بشكل مستمر على هذا المستوى.
انتقادات نظرية كولبرج:
تم انتقاد كولبيرج لأنّه أكّد أن المرأة تبدو ناقصة في قدرات التفكير الأخلاقي عندما يتم مقارنتها بالرجل، كما انتقدت كارول جيليجان (1982) باحثة مساعدة في كولبرج نظرية معلمها السابق؛ لأنّها كانت تستند بشكل كبير على البحث من خلال استخدام الرجال البيض من الطبقة العليا والفتيان، كما جادلت بأن النساء لسن قاصرات في تفكيرهن الأخلاقي وبدلاً من ذلك اقترحت أن الذكور والإناث يفكرون بشكل مختلف؛ تركز الفتيات والنساء أكثر على البقاء على اتصال والحفاظ على العلاقات الشخصية.
تعرضت نظرية كولبرج لانتقادات كثيرة بسبب تأكيدها على العدالة لاستبعاد القيم الأخرى، ممّا أدى إلى أنّها قد لا تعالج بشكل كافي حجج أولئك الذين يقدرون الجوانب الأخلاقية الأخرى للأفعال، بالمثل يجادل النقاد بأنّ مراحل كولبرج منحازة بشكل ثقافي وأن المراحل العليا على وجه الخصوص تعكس نموذج غربي للعدالة قائم على الفكر الفردي، هذا متحيز ضد أولئك الذين يعيشون في المجتمعات غير الغربية التي تركز بشكل أقل على الفردية.
نقد آخر لنظرية كولبرج هو أنّ الناس يظهرون في كثير من الأحيان تناقض كبير وواضح في أحكامهم الأخلاقية، يحدث هذا في الغالب بالمعضلات الأخلاقية التي تنطوي على الشرب والقيادة أو مواقف العمل حيث يُظهر المشاركون أنّهم يفكرون في مرحلة تنموية أقل، في العادة ما يستخدمون المنطق القائم على المصلحة الذاتية أكثر من الاستدلال الذي يحركه السلطة والنظام الاجتماعي، يجادل النقاد بأن نظرية كولبرج لا يمكّنها أن تقوم بتفسير مثل هذه التناقضات.