يمكن أن تكون تربية الأطفال تحديًا لكل الآباء والأمهات، عندما لا يزالون صغارًا، يجب على الآباء والأمهات تثقيفهم جيدًا حتى يكونوا أشخاص جيدين في المستقبل، لكن من المؤكد أن تربيتهم ليس بالمهمة السهلة، غالبًا ما يفقد الآباء والأمهات السيطرة عندما يبكون أطفالهم أو يكونون بنوبات غضب؛ لذلك ينتهي بهم الأمر بالصراخ على أطفالهم.
الصراخ على الأطفال
كل أب وأم يمرون بفترة صراخ على أطفالهم، فيجب أن يعلموا أنهم ليسوا وحدهم الذين يمرون بذلك، وليس من السهل التحكم في السلوك عندما يكون الشخص غاضبًا، والكل يسعى بأن يكونوا أباء وأمهات مميزين، لكن حقيقة الأمر تبدو أن الأمور صعبة وتحتاج الكثير من المجهود، ولكن يجب أن لا يفقد الوالدين الأمل أو يسيطر اليأس عليهم، فعلى الوالدين الكثير مما يمكن فعله لوقف الصراخ على الأبناء، وبدء عادة الاستجابة وذلك عندما يكون الوالدين غاضبين من أطفالهم.
وإن النداء بالأسماء المحببة للأبناء يمكن أن يكون مثالًا جيدا للآباء المسلمين؛ لأن أطفالهم يتعلمون عن الإسلام ما يفعلوه آبائهم، ويخاف الأطفال من الآباء عندما يصرخون عليهم، ولا يرون ما فعلوه من الخطأ، وقد يكون الأمر مؤلمًا بالنسبة لهم، وهذا يخلق جدارًا بين الآباء والأبناء.
وجهة نظر الإسلام بالصراخ على الأطفال
إذا وجد الآباء أنفسهم يصرخون على أطفالهم كثيرًا، فإنهم يرسلون إليهم رسالة مفادها أن الآباء ليسوا مسيطرين على سلوكهم، ولا يمكنهم أن يكونوا مسؤولين، ويفترضون أنهم مسؤولون ويتصرفون بشكل فيه عدم ضبط النفس، ويشجع الصراخ الأطفال على عدم الاتصال والتواصل بين الآباء والأبناء، وينفصل الأطفال عن عن الآباء عند تكرار نوبات الغضب منهم، مما يؤدي لاحقًا إلى أن يصبحوا أكثر عرضة لضغط الأقران.
ونظرًا لأن رد الفعل الغاضب هو سلوك مكتسب، فيمكن التخلص منه وتحويله إلى استجابة إيجابية، يمكن تعلم الرد وعدم الرد عندما يشعر الشخص بالضيق والإحباط والغضب، ويتطلب الأمر صبرًا وكثيرًا من الممارسة، ولكن النتيجة تستحق العناء عندما نعرف ما يمكن أن تكون عليه النتيجة، ويمكن إجراء أي تغيير إيجابي في حياته عندما يكون لديه سبب وجيه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كُنْتُ جَالِسًا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فأحَدُهُما احْمَرَّ وجْهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ فَقالوا له: إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: تَعَوَّذْ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَقالَ: وهلْ بي جُنُونٌ”، صحيح بخاري.
والدافع هو الذي سيبقي مستمراً عندما يواجه الوالدين صعوبة بعد يوم طويل، وخير دافع لمعاملة الأبناء هو مرضاة الله تعالى، والفعل يجب أن يكون القصد منه هو رضا الله تعالى وليس رضا للشخص نفسه أو لأطفاله أو لزوجته أو أي شخص آخر، ورضا الله تعالى يكون بأن يصبح الوالدين نموذجًا يحتذى به لأطفالهم، فعن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس؛ فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع”، سنن أبي داود.
وإرضاء الله تعالى يكون من خلال المزيد من السيطرة على سلوكهم في الغضب، والتصرف بإيجابية مع مواقف الغضب، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع م الوالدين الأبناء، والسيطرة على الغضب يتطلب وقتًا وصبرًا، والمثابرة والسعي للتخلص من الصراخ، ويجب على الوالدين عند الغضب وقبل الصراخ أن يستعيذوا بالله تعالى من الشيطان، والاستمرار في تكرارها حتى يهدأوا قليلاً، ويمكن كذلك قيام الوالدين بالوضوء للحصول على تأثير مهدئ إضافي.
فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” متفق عليه، فلا يجب على الآباء الاستهانة بالصراخ على الأبناء باعتبارها مسألة تافهة أو أنهم مجرد أطفال ولن يتذكروا أي شيء.
وفي النهاية يجب على الوالدين تقديم اعتذار صادق لأطفالهم، في كل مرة يتصرفوا فيها بشكل سيء بدافع الغضب والصراخ، ولا يجب أن يكون الاعتذار من الوالدين سريعًا؛ لأنه يظهر فقط عدم مصداقيتهم وهم غاضبون ويصرخون، فيجب على الوالدين امتلاك سلوكهم ويتعلموا من أخطائهم وتصرفاتهم بشكل أفضل وتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالهم في المرات القادمة.