الأسرة نواة المجتمع ككل، وإذا كانت الأسرة على أساس سليم فمن الأرجح أن المجتمع ككل سيكون في حالة جيدة وهكذا، بشكل عام التزم رسل الله تعالى وهم القدوة الأول للإنسان، بمؤسسة الزواج والأسرة، كما جعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم للزواج أسلوب حياة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمجموعة من الصحابة: “إنَّما أنا أعلمُكُم باللَّهِ وأخشاكم له و لكنِّي أقومُ و أنامُ وأصومُ و أفطِرُ و أتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِبَ عن سُنَّتي فليسَ منِّي”، الحديث صحيح.
وسائل التماسك الأسري في الإسلام
لا شك أن الإسلام يركز بشكل كبير على العلاقات الأسرية والتماسك بينها، ولاحظ علماء الشريعة الإسلامية أنه عندما يدرس المرء القوانين الموجودة في الإسلام وما الحكمة من ورائها، يجد المرء أنها وُضعت لتأسيس وحماية وتعزيز وإدامة ضرورات معينة للحياة، ومن ضروريات الحياة كما تتصورها الشريعة الإسلامية هي: الدين، الحياة، الروابط والعلاقات الأسرية، والقدرة العقلية والثروة والممتلكات.
من هنا لا يحتاج المرء إلا إلى التأمل في القوانين الصارمة المتعلقة بالحفاظ على قدسية الأسرة لفهم التركيز الكبير الذي يضعه الإسلام على الأسرة، في كثير من المجتمعات غير المسلمة على سبيل المثال، لا تعتبر الزنا والأفعال الأخرى التي تضرب أساس الأسرة ذاته جرائم، أما في الإسلام الوضع مختلف جداً، يحض الإسلام جميع أفراد الأسرة على معاملة بعضهم البعض معاملة حسنة مع تجنب الأعمال الفاسدة التي تسيء إلى أنفسهم وتُضرّ بأي زواج.
قال تعالى في محكم كتابه: “وَلَا تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلًا”، الإسراء، 32، إن هذه النصائح ليست مجرد كلمات جوفاء، بل يجب بدلاً من ذلك، أن يتم دعم العقاب أيضًا بقوة القانون لبعض الأعمال الأكثر فظاعة؛ التي لا يمكن التغاضي عنها، لأن الله تعالى أمر بذلك.
وعلى وجه الخصوص يُقدّم الله تعالى الإرشاد للبشرية فيما يتعلق بالسلوك مع جميع أفراد الأسرة، حيث ركز الله تعالى في كتابه العزيز على السلوك السليم للمسلم تجاه أفراد عائلته الآخرين، بما في ذلك الوالدين والأبناء والأزواج والأقارب الآخرين.
التماسك الأسري بين أفراد الأسرة
لقد طلب الله تعالى من عباده أن يعاملوا والديهم بأفضل طريقة ممكنة، يجب أن يكون المسلمون شعبًا ممتنًا، يجب أن يكونوا شاكرين لله تعالى ولكل من يعملونهم بشكل صحيح بعد الله تعالى، ربما لا يوجد من يستحق امتنان الإنسان أكثر من والديه، وهكذا فإن آيات عديدة من القرآن الكريم تتطرق إلى مسألة معاملة الوالدين، وفي الواقع وفي أكثر من مكان ربط الله تعالى السلوك الجيد تجاه الوالدين ارتباطًا وثيقًا بأمره بأن يعبدوه وحده.
على سبيل المثال الآية التالية من كتابه جل وعلا: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”، النساء، 36.
ويذكر الله تعالى المؤمنين أن والديهم ولا سيما الأم، مرّوا بجهد كبير ومشقة لتربية طفلهم، وبالتالي فهم يستحقون في المقابل الحب والاحترام والامتنان.
ويجب أن يعم التماسك الأسري بين جميع أفراد الأسرة، من أبناء أو آباء أو أجداد أو أقارب؛ لكي نكون مُطبّقين لأوامر الله تعالى ومرضاته.