الأسباب التشريحية لتنوع ألوان الزهور

اقرأ في هذا المقال


كل شخص لديه زهرة مفضلة، فيحب البعض زهور التوليب والبعض الآخر يحب السوسن والبعض الآخر يحب الزهور الأكثر تحديدًا مثل الورود البيضاء، وقد تتساءل ما الذي يجعل هذه الزهور مختلفة ولماذا لها ألوان أو ألوان مختلفة على الإطلاق، فالزهور لها ألوان مختلفة بسبب حمضها النووي كما يحدد التصبغ داخل الأزهار والجينات الخاصة بنوعها اللون الذي ستكون عليه الأزهار، ويعتقد المنظرون التطوريون أنّ هذا يساعد الملقحات في العثور على النباتات بسهولة والمساعدة في نشر بذورها.

أسباب وراء تنوع ألوان الأزهار مختلفة

عندما يفكر المرء في عباد الشمس قد يفكر فورًا في اللون الأصفر، وبالنسبة للورود قد يفكر في ألوان مثل الأحمر والوردي، وتأتي جميع الأزهار بألوان مختلفة وعلى الرغم من أنّ بعضها قد يتطابق مع الظلال فلا يمكن إنكار اختلافاتهم الجمالية.

يمكن للعلماء وعلماء النبات تهجين الأزهار وزراعتها لتكون بلون معين، وهذا هو السبب في أنّ المرء يرى الورود الحمراء في الغالب في يوم عيد الحب، ولا يرجع السبب في ذلك إلى أنّ البستانيين يختارون فقط الأزهار الحمراء لبيعها، بل لأنّهم قاموا عن قصد بزراعة زهور حمراء أكثر من أي لون آخر حتى يتمكن المهتمين من شرائها، وبشكل عام يمكن أن يعزى ذلك إلى الحمض النووي للنبات والتصبغ وعلم الوراثة.

أساسيات الحمض النووي للنبات

مثل البشر فأنّ النباتات لها حمضها النووي والحمض النووي البشري هو مفهوم يسهل علينا فهمه لأننا نراه يترجم إلى الحياة كل يوم مثل لون الشعر، وكل هذا يتوقف على الجينات الموجودة في حمضنا النووي، وفيما يلي بعض التعريفات الخاصة بالحمض النووي للنباتات وهي:

1- الحمض النووي: يتكون جزيء الحمض النووي الريبي منزوع الأكسجين من سلسلتين تلتف حول بعضهما البعض لعمل حلزون مزدوج وتحديد التعليمات الجينية التي تحدد عدد الخصائص.

2- الرموز: مصطلح يستخدم في علم الوراثة يصف الطريقة التي يترجم بها الجين البروتينات والجزيئات في (DNA) أو (RNA).

3- الجينات: أمّا الجينات هي تسلسل (DNA) أو (RNA).

النباتات تشبه البشر بهذه الطريقة، فكل نبات له خيط من الحمض النووي الذي يحدد لونه ومدى نموه وكيف ستبدو بذوره إلى آخره، وفي الأساس تم العثور على الحمض النووي للنبات داخل خلاياهم، وتحتوي كل خلية على نواة تحتوي على كروموسوم وداخل الكروموسوم يوجد الحمض النووي، وداخل هذا الحمض النووي يمكن أن يكون هناك أكثر من 45000 جين مختلف، والجينات الموجودة في الحمض النووي التي ترمز للون هي الجينات الصباغية والتنظيمية.

ومع ذلك فإنّ الحمض النووي للنبات ليس نهاية المطاف، فيمكن أيضًا أن تحدد التنشئة أو الأحداث في حياة النبات لون الزهرة، بالإضافة إلى ذلك إذا نما نبات بدون العناصر الغذائية المناسبة فقد يتغير لونها.

التصبغ في الزهور يحدد ألوانها

الشيء الحقيقي داخل الزهرة الذي يحدد لونها هو التصبغ، ورمز التصبغ موجود في الحمض النووي للزهرة، وترتبط أصباغ مختلفة بألوان أزهار مختلفة، والألوان الشائعة للزهور هي:

1- كاروتين: وهي الألوان لكل من الأصفر والبرتقالي والبني.

2- الكلوروفيل: اللون الأخضر.

3- السياندين: وهي الألوان لكل من الأحمر الداكن والوردي.

4- بيلارجونيدين: وهي الألوان لكل من الأحمر والبرتقالي الفاتح.

5- دلفيندين: وهما الألوان لكل من الأزرق والبنفسجي.

أي مزيج من هذه الأصباغ سيجعل مظهر الزهرة بألوان مختلفة، والزهور ذات البتلات البيضاء لا تحتوي على أصباغ، ويمكن استخلاص هذه الأصباغ من الزهور واستخدامها كصبغة، واستخدم علماء الأعشاب وعلماء النبات بتلات الزهور لصنع ملابس وأثاث ودهان مختلف الألوان في التاريخ، والأكثر شيوعًا تم استخدام القطيفة ونبات الهندباء لصنع اللون الأصفر.

علم الوراثة يؤثر على لون الزهور

تحتوي النباتات على أجزاء من الذكور والإناث يمكن أن تساعدها على التكاثر وعادة ما تسمى المدقة (العضو الأنثوي) وحبوب اللقاح (العضو الذكري)، ومن الممكن التفكير في هؤلاء كأمهات وآباء زهور، حيث أنّ النحل والفراشات سيأخذون حبوب اللقاح من النباتات ويساعدون في وضعها في مدقات الزهور الأخرى مما يخلق مجموعات أكبر من الزهور.

ولفهم أساسيات علم الوراثة والأنماط الجينية من الممكن توضيح ذلك بواسطة المثال التالي: لنفترض أنّ الزهرة حمراء وقد تم تلقيحها بزهرة برتقالية، وهذه الزهور هي من نفس النوع وغالبًا ما تتكاثر مع بعضها البعض، واعتمادًا على السمات المتنحية والمهيمنة سيكون النبات إما برتقاليًا أو أحمر (أو حتى مزيجًا من الاثنين!)، وبالنسبة للزهور الأرجواني أو الأحمر الوردي تكون الأنماط الجينية إما (PP) أو (Pp) على التوالي، ويمكن للعلماء تشغيل الاحتمالات من خلال أداة تسمى مربع بونت.

كيف تؤثر الأزهار على لونها

في بعض الأحيان يمكن أن تؤثر الطريقة التي نزرع بها نباتاتنا على كيفية ظهورها، حتى إذا كان المرء قد وضع زهورًا صفراء زاهية على الأرض، فهناك احتمال أن تظهر بلون مختلف إذا لم تكن تنمو في ظل الظروف المثالية، ويمكن أن تؤثر العوامل التالية على اللون وهي:

1- وجود درجة حموضة خاطئة.

2- نقص المغذيات الخاصة.

3- إجهاد النبات عن طريق درجة الحرارة أو الماء أو ضوء الشمس.

سبب تنوع ألوان الأزهار من نفس النوع

لذا إذا كان الأمر كله يتعلق بالوراثة والصبغ والحمض النووي فلماذا قد تحتوي بعض الحدائق على ألوان مختلفة في نفس النبات، وقد يكون للأزهار الملونة المختلفة في نفس النبات علاقة بالظروف التي نشأت في ظلها أو الجينات الوراثية للنبات، وتمامًا مثل البشر لديهم عيون ملونة مختلفة حتى لو كانوا من نفس الوالدين تظهر أحيانًا جينات النبات بشكل مختلف.

يمكن أن تتسبب الطفرات الجينية في أن تصبح أزهار نفس النبات ألوانًا مختلفة، ومن المعروف أيضًا أنّ خلطات الزهرة البرية تحتوي على عشرات الألوان المختلفة في الصندوق وإذا كان المرء يزرع حديقة منزله من الجيل الثاني أو الثالث فقد تكون هذه الألوان قد تهجنت نفسها.

ومن الجدير بالذكر بأنّ السبب في أنّ تكون بعض الزهور زرقاء بدلاً من الوردي من النوع نفسه؟ فهو لماذا لدى البعض منا عيون خضراء والبعض منا لديه عيون زرقاء، حيث تظهر جميع جيناتنا بطرق مختلفة اعتمادًا على والدينا، ويمكن حتى تهجين بعض أنواع الزهور للحصول على نتائج مختلفة، بالإضافة إلى ذلك إذا كان المرء يؤمن بالنظريات التطورية فسيجد أنّه من المحتمل أن يكون للزهور ألوان مختلفة لمساعدة الملقحات على الانجذاب إليها، فستجذب الألوان الزاهية لدوار الشمس أو الخزامى النحل والفراشات الذين سيأخذون حبوب اللقاح الخاصة بهم وينشرونها.

أهمية اختلاف ألوان الزهور

لكن ما هي أهمية اختلاف ألوان النباتات فقد تكون الألوان الزاهية للنباتات هي سبب استمرار وجودها، فالزهور موجودة وتستمر في العيش بسبب الطريقة التي نعتني بها ونزرعها، كما إنّ إعطائهم الماء المناسب وأشعة الشمس والعناصر الغذائية يمكن أن يجعلهم ينمون بشكل صحي وقوي، ومع ذلك لن تتاح لهم الفرصة للنمو بقوة إذا لم يتم تلقيحهم في المقام الأول، ويعتقد المنظرون التطوريون أنّ ألوان الزهور قد تكون تكيفًا تطوريًا للمساعدة في جذب النحل والطيور والفراشات التي تلقيح الأزهار.


شارك المقالة: