الفهود وصغارها

اقرأ في هذا المقال


الفهد هو عداء مرقط، حيث إذا ولد حيوان ليركض فهو الفهد، ولقد تعجب الناس من هذا الحيوان الذي يعد أسرع الثدييات البرية لآلاف السنين، وتُظهر المقابر المصرية والمعابد الصخرية صورًا للفهد وقد استخدمت العديد من الثقافات القديمة الفهد في براعة الصيد، وهو ما يشبه إلى حد كبير الطريقة التي تستخدم بها الصقور في العديد من البلدان لمرافقة الصيادين، ولقد زين الفهد بلاط الملوك والملكات والأباطرة وما زالت جمالها ونعمتها المذهلة تدهش العالم اليوم.

الحياة الاجتماعية في السافانا

تم العثور على الفهود في المقام الأول في السلاسل الشرقية والجنوبية من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مع عدد قليل من السكان في شمال أفريقيا وإيران، حيث إنّهم ليسوا انفراديين ولا اجتماعيين لكنهم قليلون من الاثنين، فالإناث معزولة إلّا عندما يكون لديها صغار، وبعض الذكور منفردين ولكن الذكور ذوي الصلة، وعادة ما يكونون إخوة يعيشون في مجموعات صغيرة تسمى التحالفات، والذكور البالغين أكبر من الإناث ولديهم (بدة) على منطقة الكتف يمكن رؤيتها أيضًا على الأشبال.

الفهود مسالمة إلّا في وقت التكاثر عندما يتشاجر الذكور على الإناث ومن المعروف أنّهم يقتلون بعضهم البعض، وتصطاد الفهود بمفردها وليس لديها أي من السلوكيات الجماعية التي تمارسها الأسود.

الحيوان العدّاء

الفهود طويلة ونحيلة وتعد من العدائين في عالم القطط، فطبيعة أجسادهم تجعلهم فريدون للركض بسرعة كبيرة ولمسافات قصيرة إلى حد ما، مما يسمح لهم بالقبض على الفريسة التي لا تستطيع القطط الكبيرة الأخرى الحصول عليها، وتبدأ قدرة الفهد على الركض بعموده الفقري المرن والذي يسمح للأرجل الأمامية بالتمدد للأمام في كل خطوة، ومخالبها صلبة وحادة مثل المرابط، مما يمنح القط قوة جر كبيرة عند الجري، ويمكن للفهد سحب مخالبه قليلاً ولكن الأغماد اللحمية التي تحمي مخالب معظم القطط غائبة في الفهد، ومعظم المخالب مكشوفة طوال الوقت لذا فهي لا تبقى حادة مثل القطط الأخرى.

قطعة صغيرة مخروطية الشكل من الجلد العاري على ظهر كل رجل أمامية تعمل بمثابة مكبح، ويُستخدم الذيل الطويل للقط كدفة أثناء المطاردة عالية السرعة، كما أنّ فتحات الأنف والرئتين والقلب المتضخمتين هي تكيفات تساعد الفهد على بذل نفسه، وأثناء الجري يغطي الفهد من 20 إلى 22 قدمًا (6 إلى 6.7 متر) في خطوة واحدة، وتقريبًا نفس المسافة مثل حصان السباق، ولكن الفهد أسرع بكثير.

مطاردة الفريسة

مطاردة الفريسة صعبة على الفهد، فبمجرد القبض عليه يمسك الفهد بفريسته لدغة خانقة في الرقبة، ويرتدي الفهد بكثافة ويمكن أن تصل درجة حرارة جسمه إلى 105 درجة فهرنهايت (41 درجة مئوية)، ويستغرق تنفسه ودرجة حرارته 20 دقيقة للعودة إلى طبيعتهما، وهو نفس الوقت الذي تستغرقه الفريسة في الاختناق، ويمتلك الفهد أسنانًا أصغر وممرات أنف أكبر من القطط الكبيرة الأخرى وهو ما قد يكون تكيفًا يسمح للقط باستنشاق المزيد من الهواء خلال فترة التعافي بعد العدو.

الموئل والنظام الغذائي

يعيش الفهد في أجزاء من إفريقيا ويعيش عدد قليل من السكان في إيران، ويفضلون الأراضي العشبية والسهول المفتوحة، وهنا يتم تمويههم جيدًا ولديهم مساحة للجري على فرائسهم، وبمجرد أن يتعافوا من مطاردة وجبة يجب أن تأكل الفهود بسرعة، حيث يمكن للفهود أو الأسود أو البابون أو آوى أو النسور أو الضباع أن تطردهم بعيدًا.

الفهود ليست قوية بما يكفي لإخفاء أو حراسة صيدها لذلك لديهم فرصة واحدة فقط لتناول وجبتهم، ويجب أن تقتل في كثير من الأحيان وتنفق طاقة أكثر من القطط الكبيرة الأخرى، ويأكلون لحم الظباء (ليس الجلد أو العظام عادةً) والطيور التي تعيش على الأرض والأرانب والنيص والنعام، وعلى عكس الحيوانات المفترسة الأفريقية الأخرى لا تبحث الفهود عادة عن الطعام، بل يميلون إلى الصيد في الصباح ومرة ​​أخرى عند الغسق، ويمكنهم الصيد في منتصف النهار إذا اضطروا إلى ذلك ولكنهم يفضلون الراحة أثناء حرارة النهار.

الفهود تصطاد بالعين المجردة ولكن قبل أن تهاجم القطة أو حتى تبدأ في مطاردة فريستها، ويراقب الفهد قطيعًا من مكان مرتفع مثل تل أو شجرة، وينتقي فريسته -ربما فردًا صغيرًا أو كبيرًا جدًا ولا يتماشى تمامًا مع بقية القطيع، أو الذي يتجول بعيدًا عن القطيع- ويزحف أقرب ما يمكن دون أن يلاحظه أحد، ويطارد فريسته في وضع شبه رابض مع خفض رأسه ويتجمد أو يسقط على الأرض لتجنب اكتشافه.

يحاول الفهد الوصول إلى مسافة حوالي 165 قدمًا (50 مترًا) قبل أن يتقاضى رسومًا، وقد تعتقد أنّ فريسة الفهد لا تحظى بفرصة، ولكن الفهود لا تصطاد دائمًا الفريسة التي تطاردها، وفي الواقع تصطاد الفهود فريستها في نصف محاولات الصيد التي تقوم بها.

لغة وصوت الفهود

لقد توصل بعض العلماء إلى التوصل بأنّ الفهود أكثر صوتًا (ولديها مفردات أكبر) مما كان يعتقد في الأصل، فنداء غرد يشبه إلى حد ما لحاء كلب صغير، وغالبًا ما ينطق به كل من الذكور والإناث وله مجموعة متنوعة من المعاني، بدءًا من: “صباح الخير”، إلى: “لست سعيدًا بك”، وحتى: “ماذا كان الأمر مخيفًا نوعًا ما!”، وتستخدم الأمهات نفس الصوت للاتصال بأشبالهن، ومنها أيضًا القرقرة والتذمر والزمجرة والهمسة والسعال والأنين والثغاء، ولكن الفهود لا تستطيع أن تزأر مثل الأسود أو النمور.

لقد تعلم العلماء أنّه خلال موسم التزاوج يصدر ذكور الفهد صوتًا فريدًا يسمى (لحاء التلعثم)، وهو نداء إيقاعي ومتكرر للغاية يبدو وكأنه تقاطع بين خرخرة ومعدة قرقرة، ويبدو أنّ لحاء التلعثم يلعب دورًا في جعل الأنثى المتاحة وفي حالة مزاجية للتكاثر.

صغير الفهد وحياته

يُطلق على صغار الفهود اسم الأشبال وعادة ما تولد في أجنة من ثلاثة إلى خمسة، وبالرغم من أنّ إناث الفهود تلد عادة ثلاثة إلى خمسة أشبال، ولكن بعض الإناث لديها ما يصل إلى ثمانية أشبال، وتكون عمياء عند الولادة ومغطاة بطبقة سميكة من الفراء تسمى الوشاح، مما يساعد على حمايتها من الحيوانات المفترسة، وفي البرية تتمتع أشبال الفهد بمعدل وفيات مرتفع حوالي 90 بالمائة ويقدر أنّ 50 إلى 75 بالمائة من أشبال الفهود تموت قبل أن يبلغوا ثلاثة أشهر من العمر.

يولد الأشبال بكل بقعهم لذلك يظهرون أغمق بكثير من الكبار، ولديهم أيضًا شريط من الفراء الفضي الطويل يسمى الوشاح الذي يمتد إلى أسفل ظهورهم، وقد يساعد هذا الفراء الإضافي على حماية الشبل من الطقس أو تمويهه في العشب الطويل.

في عمر ستة أشهر تقريبًا تعلم الأم صغارها كيفية الصيد وتجنب الحيوانات المفترسة، وتعيش الأشبال مع أمهاتها لمدة 18 شهرًا تقريبًا ولكنها غالبًا ما تصبح فريسة للأسود والفهود والضباع، ووجد العلماء أنّ الأسود والضباع تقتل ما يصل إلى 70 في المائة من أشبال الفهود، ولحماية صغارها تقوم الأم بتحريكهم بشكل متكرر، ويبقى رفاق الفضلات معًا لمدة ستة إلى ثمانية أشهر أخرى ويتقاسمون المنطقة، ثم تتوجه الإناث لتعيش بمفردها بينما يبقى الذكور معًا في مجموعات صغيرة حتى ينضجوا.

حماية الفهود

بمجرد انتشارها في جميع أنحاء إفريقيا وشبه الجزيرة العربية ووسط الهند اختفت الفهود من مناطق شاسعة من مداها التاريخي، ويصطاد الفهود نهارًا مما يعني أنّ السياح الذين يقومون برحلات السفاري إلى موطن الفهد يمكن أن يؤثر على روتينهم اليومي.

موطن الفهود هو السافانا المفتوحة وهي أكثر المناطق التي يرجح أن يشغلها البشر، وهناك حوالي 7000 فهد متبقٍ في موائلهم الأصلية بعد أن كان ما يصل إلى 100000 قبل 100 عام فقط، كما يقوم أصحاب المزارع بإطلاق النار عليهم أحيانًا لأنّ القطط تتغذى على الماشية، وتساعد متنزهات الحياة البرية في إفريقيا على حماية بعض الفهود مع تقلص موطنها، وتلعب حدائق الحيوان دورًا مهمًا في تأمين مستقبل الفهود.


شارك المقالة: