الكروموسومات الجنسية:
في البشر والعديد من الأنواع الحيوانية الأخرى يتم تحديد الجنس بواسطة كروموسومات معينة، حيث اكتشف الباحثون ما يسمى بالكروموسومات الجنسية، وتم تمهيد الطريق من الاكتشاف الأولية للكروموسومات الجنسية في عام 1891 إلى فهم وظيفتها الحقيقية من خلال الجهود الدؤوبة التي بذلها العديد من العلماء على مدار سنوات عديدة، وكما يحدث غالبًا خلال مسار طويل من الاكتشاف لاحظ العلماء ووصفوا الكروموسومات الجنسية قبل فترة طويلة من معرفتهم بوظيفتها.
بحلول ثمانينيات القرن التاسع عشر أنشأ العلماء طرقًا لتلوين الكروموسومات، بحيث يمكن تصورها بسهولة باستخدام مجهر ضوئي بسيط، إذ باستخدام طريقة التلوين هذه تمكن العلماء من مراقبة انقسام الخلايا وتحديد الخطوات التي حدثت أثناء كل من الانقسام والانقسام الاختزالي.
جاء أول مؤشر على أن الكروموسومات الجنسية تختلف عن الكروموسومات الأخرى من التجارب التي أجراها عالم الأحياء الألماني هيرمان هينكينج في عام 1891، حيث أثناء استخدام مجهر ضوئي لدراسة تكوين الحيوانات المنوية في الدبابير لاحظ هينكينج أن بعض خلايا الحيوانات المنوية للدبابير تحتوي على 12 كروموسومًا، بينما كان لدى البعض الآخر فقط 11 كروموسوم.
أيضًا أثناء ملاحظته لمراحل الانقسام الاختزالي المؤدية إلى تكوين خلايا الحيوانات المنوية هذه لاحظ هينكينج أن الكروموسوم الثاني عشر الغامض بدا ويتصرف بشكل مختلف عن الكروموسومات الـ 11 الأخرى، وفقًا لذلك أطلق على الكروموسوم الثاني عشر اسم عنصر X لتمثيل طبيعته غير المعروفة.
ومن المثير للاهتمام أنه عندما استخدم هينكينج مجهرًا ضوئيًا لدراسة تكوين البويضات في إناث الجنادب، لم يكن قادرًا على تحديد العنصر X، وبناءً على مراجعاته افترض هينكينج أن هذا الكروموسوم الإضافي العنصر X يجب أن يلعب دورًا ما في تحديد جنس الحشرات ومع ذلك، لم يتمكن من جمع أي دليل مباشر لدعم فرضيته.
تنوع أنظمة تحديد الجنس:
في البشر ترث الإناث كروموسوم X من كل والد بينما يرث الذكور دائمًا كروموسوم X من أمهم وكروموسوم Y من والدهم وبالتالي، تحتوي جميع الخلايا الجسدية في الإناث البشرية على كروموسومين X وجميع الخلايا الجسدية في الذكور البشرية تحتوي على كروموسوم X واحد وكروموسوم Y واحد.
ينطبق الشيء نفسه على جميع الثدييات المشيمية الأخرى، حيث ينتج الذكور الأمشاج X و Y وتنتج الإناث فقط الأمشاج X في هذا النظام المشار إليه باسم نظام (XX-XY) يتم تحديد الذكورة بواسطة خلايا الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسوم Y.
ومع ذلك لا يدرك الكثير من الناس أن نظام تحديد الجنس (XX-XY) هو مجرد واحد من مجموعة متنوعة من هذه الأنظمة داخل مملكة الحيوان، وفي الواقع يمكن أن يكون تحديد الجنس مختلفًا جدًا بين الكائنات الحية المختلفة على سبيل المثال، في نظام(XX-XO) الموجود في الصراصير والجنادب وبعض الحشرات الأخرى تحدد خلايا الحيوانات المنوية التي تفتقر إلى كروموسوم X (يشار إليها باسم O) الذكورة، إذ هنا تحمل الإناث اثنين من الكروموسومات X (XX) وتنتج فقط الأمشاج مع الكروموسومات X، ومن ناحية أخرى يحمل الذكور كروموسوم X واحدًا (XO) وينتجون بعض الأمشاج مع كروموسومات X وبعض الأمشاج التي لا تحتوي على كروموسومات جنسية على الإطلاق.
على الرغم من الأمثلة السابقة فإن الذكور لا يمارسون الجنس دائمًا مع زوج الكروموسوم غير المتطابق، على سبيل المثال يعتمد نظام تحديد الجنس (ZZ-ZW) المستخدم في الطيور والثعابين وبعض الحشرات على الإناث لحمل زوج الكروموسوم غير المتطابق (ZW) والذكور لحمل الزوج المتطابق (ZZ).
من السهل رؤية أن تحديد الجنس هو مجرد مسألة مجموعة متنوعة من الأمشاج، حيث تنشأ تحديدات شخصية الذكر والأنثى من مجموعة متنوعة من أنماط توليفة الأمشاج المختلفة وكلها نتيجة للترميز الجنسي في الكائنات الحية التي تتكاثر جنسيًا.
الجينات المرتبطة بـالكروموسوم (X):
عندما يكون الجين موجودًا على الكروموسوم X، ولكن ليس على الكروموسوم Y فيُقال إنه مرتبط بـ X، حيث أن الجينات المرتبطة بـ X لها أنماط وراثية مختلفة عن الجينات الموجودة على الكروموسومات غير الجنسية (الجينات الذاتية)، وذلك لأن هذه الجينات موجودة بأعداد نسخ مختلفة عند الذكور والإناث.
نظرًا لأن الأنثى لديها اثنين من الكروموسومات X سيكون لديها نسختان من كل جين مرتبط بـ X على سبيل المثال، في ذبابة الفاكهة التي مثل البشر بها XX أنثى وXY من الذكور، هناك جين لون عين يسمى الأبيض موجود على كروموسوم X وستحتوي ذبابة الفاكهة على نسختين من هذا الجين.
إذا كان الجين يأتي في أليلين مختلفين فان الذكر لديه إمكانيات وراثية مختلفة عن الأنثى نظرًا لأنه يحتوي على كروموسوم X واحد فقط مقترنًا بـ Y، فسيكون لديه نسخة واحدة فقط من أي جينات مرتبطة بـ X على سبيل المثال، في مثال لون عين الذبابة الأنماط الجينية التي يمكن أن يمتلكها الذكر مهما كان الأليل الذي يرثه الذبابة بالنسبة للجين المرتبط بـ X، فإنه سيحدد مظهره لأنه ليس لديه نسخة جينية أخرى حتى لو كان الأليل متنحيًا في الإناث، وبدلاً من متماثل الزيجوت أو متغاير الزيجوت يُقال إن الذكور مصابين بالدم في الجينات المرتبطة بالكروموسوم X.
الاضطرابات الوراثية المرتبطة بالكروموسوم (X):
يمكن تطبيق نفس المبادئ التي نراها في العمل في ذباب الفاكهة على علم الوراثة البشرية، حيث في البشر ترتبط الأليلات في حالات معينة بما في ذلك بعض أشكال عمى الألوان والهيموفيليا وضمور العضلات بـ X، وهذه الأمراض أكثر شيوعًا عند الرجال منها لدى النساء بسبب نمط وراثة مرتبط بالكروموسوم X.
يستكشف هذا باستخدام مثال تكون فيه الأم متغايرة الزيجوت من أجل أليل مسبب للمرض، حيث يقال إن النساء اللاتي لا تتشابه الزيجوت مع أليلات المرض كن حوامل وعادة لا يظهرن أي أعراض بأنفسهن، ولدى أبناء هؤلاء النساء 50٪ فرصة في للإصابة بهذا الاضطراب لكن فرصة الفتيات للإصابة بهذا الاضطراب ضئيلة ما لم يكن الأب مصابًا به أيضًا، وبدلاً من ذلك سيكون لديهن 50٪ فرصة أن يكونوا ناقلين.
تظهر الصفات المتنحية المرتبطة بـ X في الذكور أكثر من الإناث لأنه إذا تلقى الذكر أليل سيئًا من والدته فلن يكون لديه فرصة للحصول على أليل جيد من والده الذي يوفر Y لإخفاء شخص سيء، ومن ناحية أخرى غالبًا ما تتلقى الإناث أليل طبيعيًا من آبائهن مما يمنع ظهور أليل المرض.
الهيموفيليا:
اضطراب بشري مرتبط بـ X هو الهيموفيليا وهي حالة متنحية لا يتجلط فيها دم الشخص بشكل صحيح، وقد يعاني الشخص المصاب بالهيموفيليا من نزيف حاد بل يهدد حياته من مجرد جرح صغير، والهيموفيليا ناتجة عن طفرة في أي من الجينين وكلاهما يقع على الكروموسوم X، حيث يعمل كلا الجينين على ترميز البروتينات التي تساعد في تجلط الدم.