تشريح طبقة البشرة والاسطوانة الوعائية في الجذر

اقرأ في هذا المقال


يمكن تتبع المناطق والأنسجة المختلفة التي يتكون منها الجذر بدراسة مقطع مستعرض لجذر حديث، وسوف يتضح ارتباط هذه الانسجة بالأجهزة النسيجية الرئيسية الثلاثة وهي الضامة والأساسية والوعائية وذلك في منطقة الشعيرات الجذرية كما يلي: البشرة والقشرة والأسطوانة الوعائية، وفي هذا المقال سيتم التركيز على دراسة تشريح جزئين رئيسين هما البشرة والأسطوانة الوعائية.

البشرة في الجذر

تتميز البشرة في الجذور عادة بعدم وجود طبقة الأدمة والتي توجد ببشرة السيقان والأوراق، كما يقوم الجذر في جزء منه بمهمة امتصاص الماء والأملاح من التربة عن طريق الشعيرات الجذرية وهذه الشعيرات تظهر في منطقـة الشعيرات الجذرية، وتقع هذه المنطقة خلف منطقة الاستطالة مباشرة، وتقوم معظم خلايا البشرة في هذه المنطقة بتكوين شعيرات دقيقة يكتمل نضجها حيث يكتمل نضج الخشب، ورغم أنّ مهمة الامتصاص يقع عبئها على الشعيرات الجذرية -ذلك لأنّ السطح المستمر يزداد كثيرًا مع تكوين هذه الشعيرات- إلّا أنّه قد ثبت أنّ خلايا البشرة ذاتها قد تقـوم هي أيضًا بالامتصاص.

تسمى طبقة البشرة نظرًا لوجود هذه الشعيرات باسم الطبقة الوبرية أو طبقة الشعيرات الجذرية، ومما يجدر ذكره أنّ الشعيرات الجذرية موجودة في جذور معظم النباتات الأرضية، بينما الغالبية العظمى من النباتات المائية تكون خالية من الشعيرات الجذرية، غير أنّه لو تركت جذور نبات بري (كالذرة) لتنمو في بيئة مائية فأنّ الجذور المتكونة عندئذ تكون خالية من الشعيرات الجذرية، وعلى العكس من ذلك فأنّه لو نقل نبات مائي مثل ايلوديا وترك لينمو في بيئة طينية فأنّ ذلك يؤدى إلى تحفيز الجذور على تكوين الشعيرات في هذا النبات المائي الذي تخلو جذوره من الشعيرات عند نموه في البيئة المائية.

تنشأ الشعيرة الجدرية عن طريق تعدد الجدار الخارجي لخلية البشرة مكونًا أنبوبًا ضيقًا ذا جدار خلوي رقيق جدًا، يمتد إليه البروتوبلازم ليبطن الجدار بطبقة رقيقة أيضًا كما تتجه النواة الى وسط الأنبوب أو طرفه، ويتألف جدار الجزء الأنبوبي من المواد البكتية ومادة الكالوز وهي مادة كربوهيدراتية متعددة التسكر إضافة إلى السليلوز، ويصبح للشعيرة فجوة كبيرة نسبياً وتقوم الشعيرة الجذرية بوظيفتها لوقت قصير عادة بعده تتمزق ثم تسقط أو تتحلل ليحل محلها شعيرات أخرى حديثة في مقدمة الجذر بجوار منطقة الاستطالة، وذلك اثناء استمرار الجذر في النمو وبذلك تتدرج الشعيرات من حيث العمر بحيث تكون الشعيرات الحديثة أقرب الى قمة الجذر وتبعًا لذلك تواجه منطقة الشعيرات تربة جديدة باستمرار.

أمّا المنطقة التي تذوى بها الشعيرات فقد تتحول فيها خلايا البشرة وفي حالات كهذه تستطيع طبقة البشرة أن تصعد لفترة طويلة متحولة هي ذاتها الى طبقة القشرة الخارجية، كما هي الحال في جذور بعض النباتات التي لا تمارس التغلظ الثانوي، ولكن ما يحدث في معظم الأحيان هو أن تتمزق خلايا البشرة وتتحول خلايا الطبقة التي تحتهـا لتكون طبقة النشرة الخارجية.

في بعض السحلبيات الاستوائية التي تعيش فوق أشجار النبات الهوائي والتي لها جذور هوائية، حيث تحتوى تلك الجذور على منطقة خارجية تقع خارج طبقة القشرة الخارجية مباشرة تسمى البرقع وتمثل بشرة عديدة الطبقات، إذ أنّها تنشأ من البشرة الأولية عن طريق انقسامات محيطية متتالية، وبذلك يمكن اعتبار هذه المنطقة من حيث نشوئها مماثلة لطبقة البشرة في الجذور العادية.

نسيج الفيلامين يتكون من طبقة واحدة الى عدة طبقات من الخلايا وتحدها من الداخل طبقة القشرة الخارجية، والخلايا محكمة التركيب غير حية ذات جدر ثانوية مغلظة من الداخل بتغلظ حلزوني أو شبكي وخلايا الطبقة الخارجية منها تحتوى جدرها الخارجية على نقر دقيقة، وتمتلئ هذه الخلايا بالهواء في وقت الجفاف أمّا مع وجود الرطوبة سواء عن طريق المطر أو الندى فأنّ خلايا البرقع تمتلئ بالماء.

لذلك كان يعتقد أنّ للبرقع وظيفة امتصاصية كتلك التي لطبقة الشعيرات الجذرية في الجذور العادية، إلّا أنّ البحوث الحديثة اثبتت بأنّ خلايا البرقع بالإضافة الى خلايا الاكسودرمس (Exodermis) تكاد تكون غير منفذة للماء وبعض الاملاح، مما يحمل على الاعتقاد بأنّ لطبقة البرقع وظيفة وقائية فهي بتغلظ جذرها وتسويرها تصبح قادرة على حماية الجذر الهوائي من فقدان مائه خلال أنسجة القشرة ولاسيما مع وجود طبقة القشرة الخارجية ذات الجذر المتحولة أيضًا.

الأسطوانة الوعائية

يحد الأسطوانة الوعائية من الخارج الدائرة المحيطة التي تعتبر الطبقة الخارجية من الأسطوانة الوعائية تليها مباشرة الى الداخل الأنسجة الوعائية، وتتميز الدائرة المحيطة في الجذر بأنّه ضيق نسبياً ويتكون عادة من طبقة واحدة أو طبقتين من خلايا الحمة، ويندر أن يكون من عدة طبقات كما في جذر نبات الصبير حيث أنّ الدائرة المحيطة تكون عادة مستمرة إلّا أنّها قد تصبح غير متصلة عندما تتاخم الأذرع الخشبية مباشرة طبقة الاندودرمس.

وكثيراً ما تتعرض بعض خلايا هذه الطبقة الى فقدان التميز إذ سرعان ما تستعيد قدرتها على الإنقسام وتصبح منشئة لتراكيب جديدة نتيجة تكوينها لمرستيمات ثانوية، فمنها تنشأ الجذور الجانبية ومنها يتكون الكامبيوم الفليني الذي تنتج عنه بعد ذلك طبقة البريدرم، كما أنّ جزء من الكامبيوم الوعائي ينشأ منها، وخلايا الدائرة المحيطة البرانكيمية قد تقوم بوظيفة الخزن كسائر الخلايا البرانكيمية، كما أنّها قد تدخر بخلايا أو تكون قنوات افرازية كما في جذور نباتات العائلة الخيمية، وفي الجذور المسنة قد تتغلظ خلايا البريسيكل بمادة الليغنين أو السوبرين كما هي الحال في جذور نبات السمار.

الأنسجة الوعائية

ينتظم الخشب واللحاء في الجذر الابتدائي انتظامًا قطريًا بمعني أنّ الخشب واللحاء يقعان على أنصاف أقطار متبادلة، وذلك بالاضافة الى أنّ عناصر الخشب الأول تتجه للخارج أما الخشب التالي فيتجه للداخل أي أنّ الخشب يكون حينئذ خارجي الخشب الأول، وفي جذور ذوات الفلقتين يحتل نسيج الخشب في أغلب الأحوال مركز الجذر أو قد يفسح المجال لنخاع ضيق وتتخذ عناصر الخشب عندئذ مركزي هيئة عمود مركزي يتجه بحواف بارزة نحو الدائرة المحيطة تحتضن فيا بينها مجموعات اللحاء في حين يفصل بين اللحاء والخشب نسيج يارنكيمي.

أما في جذور ذوات الفلقة الواحدة فيوجد عادة نخاع واسع نسبيًا ولاسيما في النباتات العشبية منها، ويختلف عدد الأنواع الخشبية اختلافًا كبيرًا في المجموعات المختلفة من النباتات، ففي جذور ذوات الفلقتين يكون العـدد صغيرًا إذ يتراوح ما بين ذراعين وثمانية أذرع، ويندر أن يصل العدد الى ۱۱ او ۱۲ ذراعًا كما  هو الحال في الجذور الهوائية لنبات التين البنغالي، أما في جذور ذوات الفلقة الواحدة فقد يصل عدد الأذرع الخشبية الى ١٥ او ٢٠ مع وجود بعض الحالات التي يظهر بها عدد محدود من الأذرع الخشبية كجذر نخلة التمر.

لقد تبين أنّ عدد الأذرع الخشبية بالجذر قد يكون ثابتًا في بعض الأنواع وقد يتغير في أنواع أخرى، كما أنّ هذا التغير قد يكون محدودًا بمعنى أن تظهر الجذور ثنائيه الاذرع أو رباعية الاذرع في بعض الأنواع، وثلاثية أو سداسية في أنواع أخرى، وكما تبين أنّه نتيجة لقلة الأذرع العشبية بذوات الفلقتين فأنّ عدد العناصر الخشبية في الذراع الواحدة يكون كبيرُا إذا ما قورن بعددها في الأذرع الخشبية بجذور ذوات الفلقة الواحدة، وفي عاريات البذور والتريديات تحتوي الجذور على عدد قليل من الاذرع الخشبية.

في الذراع الخشبي الواحد توجد العناصر الوعائية الضيقة للخارج هي تمثل الخشب الأول الذي تنضج العناصر بصورة مبكرة، أما الداخلية فتكون الخشب التالي الذي تصبح عناصره بصورة لاحقة، ويتكون الخشب الأول من عناصر حلزونية أو حلقية أو سلمية قادرة عـلى التعـدد والاستطالة أثناء نمو الجذر في حين يتكون الخشب التالي من عناصر شبكية او منقرة أقل قابلية على التمدد وتزداد اتساعًا باقترابها من المركز، وقد يحتوي جذرها الثانوية على نقر مصفوفة.

ينضج اللحاء بنفس طريقة الخشب بحيث تتواجد عناصر اللحاء الأول للخارج وعناصر اللحاء التالي للداخل، أما الخلايا الواقعة بين الخشب واللحاء والتي تكون عادة ذات طبيعة برانكيمية فتقوم -في الجذور التي يحدث بها تغلظ ثانوي- باستعادة قدرتها على الانقسام وتكوين كامبيوم وعائي ينتج عن نشاطه ظهور الأنسجة الثانوية، أمّا في الجذور التي لا يحدث بها مثل هذا التغلظ فإنّ هذه الخلايا قد تبقى برانكيمية دائمة أو تتحول الى خلايا سكرنكيمية.


شارك المقالة: