خلد الماء وصغاره

اقرأ في هذا المقال


خلد الماء أو خلد الماء بطي المنقار (Platypus) هو نوع صغير من الثدييات شبه المائية التي تعيش في الساحل الشرقي لأستراليا، ويشتهر خلد الماء بمظهره الفريد وينتمي إلى مجموعة صغيرة من الثدييات تسمى (monotremes)، والتي لا يوجد منها سوى ثلاثة أنواع يعد خلد الماء جنبًا إلى جنب مع إيكيدنا قصير الأنف وإيكيدنا طويل الأنف الثدييات الوحيدة المعروفة بوضع البيض بدلاً من الولادة لتعيش صغارًا، مما يجعلها فريدة حقًا مما يؤدي إلى عدم الاعتراف بها على أنّها ثدييات حقيقية لفترة طويلة، ومع ذلك فإنّهم يمتلكون ويطعمون صغارهم باستخدام غددهم الثديية وهي السمة الأساسية التي اشتق اسمها من فئة (Mammalia).

مظهر خلد الماء

خلد الماء هو حيوان له جسم صغير انسيابي مغطى بفراء مقاوم للماء قصير وكثيف يتنوع في اللون من البني الداكن على ظهره مع بني فاتح أو فضي الجانب السفلي ووسطه بلون البرقوق، ولديهم أطراف قصيرة ذات أقدام خلفية مكففة جزئيًا وذيل عريض مسطح (يشبه ذيل القندس) التي تستخدم كدفة عندما تكون تحت الماء، وأقدامهم الأمامية مكشوفة بالكامل وتساعد على دفع خلد الماء عبر الماء ويمكن إرجاعها عندما تكون على الأرض وكشف أظافرها الكبيرة لمساعدتها عند المشي أو الاختراق في ضفاف النهر.

من أكثر سمات خلد الماء تميزًا وغرابة هو المنقار الكبير الواسع الذي يشبه منقار البطة، ومنقار خلد الماء ناعم ومرن ومغطى بالعديد من المستقبلات الحسية التي تساعده على اكتشاف الإشارات الكهربائية الصغيرة المنبعثة من أنواع فرائسها، ومناقيرهم حساسة جدًا للمس، وغالبًا ما تستخدم لفحص الطين على قاع النهر بحثًا عن يرقات الحشرات الصغيرة التي تتغذى عليها في أغلب الأحيان، والذكور أكبر في الحجم من الإناث ولديها حافز سام على الكاحل لكل قدم خلفية تستخدم لطرد الذكور المنافسين خلال موسم التكاثر.

موطن خلد الماء

خلد الماء هو حيوان موجود على الساحل الشرقي لأستراليا من كوكتاون في كوينزلاند في الشمال وصولاً إلى جزيرة تسمانيا في الجنوب كما تم تقديمه إلى جزيرة كانغارو في جنوب أستراليا، ويسكنون الجداول والأنهار وبعض البحيرات التي لديها بنوك مناسبة لحفرها ومصدر دائم للمياه، كما إنّها مناسبة للغاية لبيئتها شبه المائية ولديها أفضل الخصائص الفيزيائية للتعامل مع الحياة داخل وخارج الماء مع فرائها الكثيف الذي يساعد في الحفاظ على أجسامها الدافئة معزولة حتى في أبرد المياه.

تختلف نطاقات منازلهم اعتمادًا على نظام النهر المحدد ويمكن أن تختلف في الحجم من أقل من كيلومتر واحد إلى أكثر من 7 كيلومترات، وتتداخل مع تلك النطاقات من الأفراد الآخرين على الرغم من طبيعتهم الانفرادية، ويُعتقد أنّ خلد الماء ناجح جدًا كأنواع حيوانية لأنّها قادرة على البقاء على قيد الحياة في مثل هذه البيئة المتخصصة في أكثر قارات العالم جفافاً.

تكاثر خلد الماء والصغار

خلد الماء هو حيوان منعزل على الرغم من احتلاله لمجموعات متداخلة من المنزل إلّا أنّه لا يجتمع إلّا خلال موسم التكاثر أو عندما ترعى الأم صغارها، كما إنّهم صيادون ليليون قادرون على إغلاق عيونهم وآذانهم وخياشيمهم عند الغوص إلى قاع النهر بحثًا عن الطعام، وخلال النهار يستريحون في الجحور التي يتم حفرها في ضفاف النهر باستخدام أظافرهم الطويلة والعريضة وأرجلهم الأمامية القوية، وهناك نوعان مختلفان من الجحور التي يستخدمها خلد الماء، فواحد للراحة وواحد لحضانة بيضهم وإرضاع صغارهم.

قد تستخدم الحيوانات الفردية عددًا من جحور الراحة في نطاق موطنها، ويبلغ طول جحور الراحة عادةً حوالي 5 أمتار ولكن يمكن أن يصل طول جحور الحضانة إلى 30 مترًا ويمكن أن تحتوي على أكثر من غرفة تعشيش واحدة.

يحدث التكاثر بين أواخر الشتاء وأوائل الربيع (يوليو – أكتوبر) في الماء، حيث يستخدم الذكور نتوءات السم لتوصيل جرعة مؤلمة من السم لمنافسيهم، وكجزء من طقوس المغازلة تحمل الإناث حزمًا من الأوراق الرطبة إلى حجرة التفريخ في نهاية جحورها وتسد النفق بالتربة، وبعد فترة حمل تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع تضع أنثى خلد الماء ما بين بيضة واحدة وثلاث بيضات كروية صغيرة يبلغ حجمها 1.5 سم فقط وتكون ناعمة وجلدية.

بعد فترة حضانة تبلغ حوالي 10 أيام تفقس الصغار في حالة متخلفة للغاية يبلغ طولها 1 سم تقريبًا، وأعمى بلا شعر ولديها براعم حادة للأطراف، ويتم إرضاعهم من قبل والدتهم في غرفة الحضانة لمدة تصل إلى 5 أشهر وهم يرضعون الحليب على فروها الذي تفرزه غددها الثديية، ويكون خلد الماء الصغير أفتح في اللون من الأفراد الأكبر سنًا و 85٪ من حجمهم البالغ عندما يصبحون مستقلين لأول مرة، وتميل خلد الماء إلى العيش لحوالي 10 سنوات في البرية ولكن يمكن أن تصل إلى سن 17 أو أكثر عندما تكون في الأسر.

حمية خلد الماء

خلد الماء هو حيوان ثديي صغير آكل اللحوم ويتكون نظامه الغذائي تقريبًا من كائنات مائية تعيش في القاع، وتشكل الحشرات الصغيرة (اليرقات) غالبية نظامها الغذائي إلى جانب قشريات المياه العذبة الصغيرة والقواقع والضفادع الصغيرة والأسماك الصغيرة، ونظرًا لحقيقة أنّ عيونهم وآذانهم وفتحتي أنفهم مغلقة عندما يكونون تحت الماء، فإنّ خلد الماء يعتمد فقط على منقاره من أجل العثور على الطعام.

يمكن للمستقبلات الحسية الصغيرة التي تغطيها اكتشاف الإشارات الكهربائية الناتجة عن حركة الكائنات في الماء، وحقيقة أنّها شديدة اللمس تعني أنّها يمكن أن تشعر أيضًا بأنواع الفرائس عند فحص الطين على قاع النهر، وعند صيد خلد الماء يخزن الطعام في أكياس الخدين الموجودة على جانبي الفم والتي يتم طحنها باستخدام الحواف القرنية التي يمتلكها خلد الماء بدلاً من الأسنان.

خلد الماء والتهديدات

خلد الماء هو حيوان متخصص للغاية تطور للبقاء على قيد الحياة والازدهار في بيئات محددة للغاية ويحمي نفسه من الحيوانات المفترسة عندما يستريح أثناء النهار عن طريق الاختباء في جحور ضفاف النهر، ومع ذلك فإنّ صغر حجمها يعني أن العديد من الأنواع الحيوانية تفترسها في جميع أنحاء نطاقاتها المحلية، وتشمل الحيوانات المفترسة الأكثر شيوعًا الطيور الجارحة مثل الصقور والنسور والثدييات الكبيرة بما في ذلك الدنغو والكلاب والقطط وشياطين تسمانيا والزواحف مثل الثعابين والسحالي والتماسيح.

على الرغم من حقيقة أنّها منتشرة على نطاق واسع وتعتبر شائعة محليًا في بعض الأماكن، فقد تم اصطيادها على وشك الانقراض في القرن الثامن عشر، مما أدى إلى انخفاض وتجزئة أعداد خلد الماء في بعض المناطق، ونظرًا لتطورها المحدد للغاية فهي أيضًا معرضة بشدة للتغيرات في موائلها الطبيعية.

خلد الماء وحالة حفظ

حتى عام 2014 كان خلد الماء يعتبر حيوانًا أقل قلقًا من الانقراض من قبل الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة (International Union for Conservation of Nature – IUCN)، ومع ذلك نظرًا للانخفاض المستمر في أعدادها السكانية فإنّها تعتبر من الأنواع التي أصبحت الآن على وشك التهديد، ومع بقاء ما يصل إلى 300000 فرد بالغ في البرية أصبح خلد الماء مهددًا بشكل متزايد في جميع أنحاء مداها الطبيعي، وتم إنشاء عدد من برامج التربية في الأسر لمحاولة زيادة أعداد عشيرة خلد الماء في مناطق معينة.

المصدر: فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.


شارك المقالة: