دور الثغور في احتباس المياه في الخلايا النباتية

اقرأ في هذا المقال


يتم تصنيف النباتات على أنّها نباتات وسطية الحجم تتكيف مع بيئة تتوفر فيها المياه، والنباتات الجفافية تتكيف مع المناطق ذات توافر المياه المنخفض والنباتات المائية التي تتكيف مع وجود كميات كبيرة من الماء أو للنمو بالكامل في الماء، وتمتلك هذه النباتات هيكل ثغري يساعد على الاحتفاظ بالماء داخل الخلايا النباتية لكي تستمر النبتة بالعيش، ومن هذا الهيكل تكمن عملية تكيف النباتات مع وفرة أو قلة المياه في بيئتها.

كيف تتكيف النباتات مع احتباس المياه

تتكيف أنواع النباتات الوسطية (Mesophytes) مع بيئة يتوفر فيها الماء بشكل عام في التربة ويمكن استخراجه عن طريق النتح لتوفير احتياجات النبات، ويمكن للنباتات المتوسطة أن تحد من فقد الماء عن طريق إغلاق الثغور، ولكن الجفاف إلى أقل من (30٪) من إجمالي محتوى الماء يؤدي عادة إلى موت النبات.

وقد تظهر النباتات الوسطية تكيفات إما مع الجفاف أو التشبع بالمياه بدرجات مختلفة اعتمادًا على الأنواع، فبعضها كالذرة يُكوّن الأرنشيما أو النسيج الهوائي أو فراغات هوائية (aerenchyma) استجابةً للتشبع بالمياه، بينما في البعض الآخر مثل: الأرز ، يكون موجودًا دائمًا، يشير وجود بشرة أكثر سمكًا وأوراق كثيفة وثغور غائرة وتعديل في التمثيل الضوئي أو البناء الضوئي إلى زيادة التكيف مع ظروف الجفاف.

تكيفات النباتات في حالة الجفاف

وتشمل التكيفات الأخرى مع الجفاف تجنب الجفاف فعلى سبيل المثال تسبب الشتاء المفرط في فقدان البذور وفقدان الأوراق أو الأجزاء الهوائية الأخرى، بينما تتكيف نباتات الجفافيات أو الجافوف (Xerophytes) مع البيئات التي تكون فيها المياه نادرة جدًا بشكل عام، حيث تعرض مجموعة من التعديلات بما في ذلك: الثغور الغارقة (التي تحاصر طبقة من الهواء غير المثير) وكذلك فتح الثغور في الليل.

وآليات التمثيل الضوئي المعدلة والطبقة السميكة والنضرة (الأوراق السميكة أو عدم وجود الأوراق ووجود السيقان اللحمية المعدلة)، الصبار وبعض نباتات العنجد أو الفربيون أو الحلبلوب هي أمثلة على نباتات الجفاف، كما تتكيف النباتات المائية لتعيش مغمورة أو مغموسة جزئيًا في الماء، وتعرض الأوراق والسيقان المعدلة وغالبًا ما تحتوي على فراغات هوائية (aerenchyma) لتزويد الأعضاء تحت الماء بالأكسجين.

كيف يساعد هيكل النبات والأسطح في تكيف النباتات

تواجه النباتات البرية معضلة من حيث كيفية الحصول على كمية كافية من ثاني أكسيد الكربون والضوء من أجل التمثيل الضوئي دون فقد كميات كبيرة من الماء عن طريق تعريض الأسطح التبخيرية الكبيرة للغلاف الجوي، ففي النباتات الجافة تقل المنطقة المعرضة وتحدث معدلات نمو أقل، كما تُظهر النباتات الوسطية ذات مساحة الأوراق الكبيرة أيضًا تكيفات لتقليل فقد الماء.

والأسطح مغطاة بطبقة من الدهون والكوتين والسوبرين والشموع مما يقلل من فقد الماء ويقلل من وصول مسببات الأمراض إلى خلايا الورقة، يعد الكوتين وهو بوليمر (polymer) من الأحماض الدهنية طويلة السلسلة يشكل شبكة صلبة من خلال روابط الإستر أي مركّب عضويّ، ويحتوي السوبرين على أحماض دهنية طويلة السلسلة مرتبطة من خلال روابط استر مع أحماض ثنائية الكربوكسيل (dicarboxylic) والأحماض الفينولية (phenolics).

كما إنّه الطلاء السائد للأجزاء الموجودة تحت الأرض من النبات ويوجد أيضًا في شريط كسباري (Casparian strip) من الجلد الباطن، يرتبط الكوتين والسوبرين بالشمع وهو دهون حمضية أو دهون أسيلية (acyl lipids) طويلة السلسلة تكون صلبة في درجات الحرارة المحيطة، وتترسب البشرة في طبقات حيث أولاً طبقة جليدية من الكوتين والشمع والكربوهيدرات على جدار الخلية أو البشرة ثم طبقة من الكوتين والشمع وأخيراً طبقة سطحية شمعية معرضة للغلاف الجوي.

البنية التركيبية للثغور

الثغور عبارة عن مسام يتم من خلالها تبادل الغازات مع الورقة، ويتكون المسام من خليتين متخصصتين وهما: الخلايا الحامية التي تفتح وتغلق المسام وغالبًا ما ترتبط بالخلايا الفرعية، ويؤدي هيكل المسام إلى التجويف تحت الفم المحاط بخلايا النسيج الوسطي الإسفنجي.

وقد تكون الثغور نفسها غارقة من أجل تقليل حركة الهواء التبخيري، وعادةً ما تكون ثغور ثنائيات الفلقة على شكل الكلى في حين أنّ ثغور الحشائش تكون على شكل أثقال صغيرة، وفي كلا النوعين يتم ترتيب الألياف الدقيقة لجدار الخلية بشكل شعاعي مما يؤدي إلى تضخم المسام عندما تنتفخ الخلايا الحامية.

كيفية عمل وتنظيم الثغور

يتم تنظيم فتحة الثغور بإحكام من قبل النبات في نظام يدمج متطلبات ثاني أكسيد الكربون مع إجهاد الضوء والماء، وغالبًا ما تختلف الفتحة الفموية وفقًا لإيقاع الساعة البيولوجية (ليلًا ونهارًا)، كما تؤدي تركيزات ثاني أكسيد الكربون المنخفضة في الخلايا الحامية إلى الفتح بينما تؤدي تركيزات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة إلى الإغلاق.

كما تفتح الثغور في معظم الأنواع عند الفجر وتظل مفتوحة في وضح النهار مع توافر المياه الكافية، حيث قد يكون هذا جزئيًا بسبب تغيير تركيزات ثاني أكسيد الكربون نتيجة لعملية التمثيل الضوئي والتنفس، كما أنّ خلايا الحرس الثغري أو الخلايا الحامية للثغور، تكون حساسة جدًا للإجهاد المائي، حيث ينتج عن فقدان التورط الموضعي ذبول الخلايا الحامية (الإغلاق المائي السلبي) وإغلاق الفم.

وينتج عن الإجهاد المائي في أماكن أخرى من النبات إنتاج حمض الأبسيسيك (ABA) مما يؤدي إلى إغلاق الفم، ومن المحتمل أن تتضمن آلية استشعار (ABA) بروتينات مستقبلات (ABA)، وقد تتضمن عمل الكالسيوم كمرسل داخل الخلايا يغير نشاط قناة أيون الغشاء مما يؤدي إلى حدوث انتفاخ وإغلاق فغي متغير، فتمتص الخلايا الحامية (+K) وتزيد من التورم في ظروف مواتية مما يؤدي إلى تورم الخلايا وفتح المسام.

يُفقد البوتاسيوم بسرعة من الخلايا الحامية أثناء إغلاق الفم، ويتم توفير القوة الدافعة لامتصاص البوتاسيوم بواسطة مضخة بروتون غشاء البلازما، ويتم تحفيز هذا أثناء فتح الفم ويعتقد أنّ فرط استقطاب الغشاء الناتج يفتح قنوات (+K) في غشاء البلازما مما يسمح بتدفق (+K) السلبي، وهذا جنبًا إلى جنب مع تدفق (–Cl) والأنيونات العضوية مثل: مالات (malate) يزيد من التورم، وعندما تغلق الثغور يتم فتح قنوات أيونية أخرى لغشاء البلازما مما يؤدي إلى تدفق سريع للأنيونات وانخفاض في التورم.

التكيفات الثغرية لخلايا نباتات الجفاف

تُظهر نباتات الجفاف عددًا من التكيفات مع الإجهاد المائي بما في ذلك الثغور الغارقة والجلد السميك والنضارة، والتكيف الرئيسي هو وجود أيض حامض المخلدات أو أيض الحمض العصاري (CAM – Crassulacean acid metabolism)، وتُظهر نباتات أيض الحمض العصاري إيقاعًا متخصصًا لعمل الفم الذي يقلل من فقد الماء.

وإلى جانب عملية التمثيل الغذائي الفريدة الخاصة بهم فأنّه لا تفتح ثغورهم إلّا في الليل عندما يقومون بإصلاح ثاني أكسيد الكربون كذكور في الفجوة، ثم تظل الثغور مغلقة خلال النهار عندما تكون الخسائر التبخيرية أكبر.


شارك المقالة: