سلوك ثور المسك في التزاوج

اقرأ في هذا المقال


لعل رؤية الحيوانات وخاصة البرية منها في القارة الأفريقية أمراً عادياً لكون الظروف البيئية تتناسب وطبيعتها، ولعلنا نقرأ ونشاهد بعض أنواع الحيوانات القوية التي يمكن لها التعايش في الأماكن الباردة جداً والتي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى ما دون الخمسين درجة مئوية ونتساءل عن كيفية تعايشها وقدرتها على الحياة، إلا أن ثيران المسك تعتبر نموذجاً حياً على رؤية حيوانات ضخمة قوية في غاية الروعة يمكن لها التعايش وفقاً لتلك الظروف، ولكن هل تساءلنا كيف يمكن لهذه الحيوانات الضخمة أن تتزاوج وتتكاثر؟

سلوك ثيران المسك في التعايش الاجتماعي

تعتبر ثيران المسك من الحيوانات الضخمة جداً التي يصل وزن الذكور إلى ما يزيد على النصف طن، وهي تمتاز بصوفها الطويل الذي يغطي أجسادها والذي يزيد طوله في بعض الأحيان على المتر الواحد، وهي حيوانات تشبه الجواميس الأفريقية والبقر على الرغم من أن سلوكياتها تتشابه وسلوكيات الخراف والأغنام أكثر، وهي حيوانات اجتماعية بامتياز تتعايش في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية في القارة المتجمدة الشمالية وفي الجزء الشمالي من القارة الأوروبية والقارة الأمريكية الشمالية.

يمكن لهذه الحيوانات الضخمة أن تتحمل الظروف الجوية الصعبة جداً دون أن تحتاج إلى قطع مئات الأميال بحثاً عن الدفء، فهي حيوانات قادرة على حماية نفسها من البرد ومن مخاطر الحيوانات المفترسة الأخرى مثل الدببة البنية والدببة القطبية والذئاب الرمادية التي عادة ما تحاول الحصول على صغارها بصورة خاطفة، فهي تعتمد العديد من الاستراتيجيات التي تساعدها على حماية أنفسها.

إن الأعداد الكبيرة لثيران المسك هي الطريقة المثلى التي تضمن لها الاستمرار ليس من أجل الحصول على الغذاء فقط ولكن من أجل المحافظة على النسل والحياة لفترة طويلة تمتد لغاية عشرين عام أحياناً، فعلى الرغم من الصعوبات التي تمر بثيران المسك في التعايش مع الظروف المناخية الصعبة إلا أنها قادرة على أن تتدبر أمرها في التوجه شتاء إلى الأماكن المنخفضة التي يمكن من خلالها اختراق الجليد والثلج للحصول على الأعشاب، كما وتحصل تلك الثيران الضخمة على المياه في فصل الشتاء من خلال أكل الثلوج.

سلوك ثيران المسك في التزاوج

تعتبر ثيران المسك ثيران المسك من الحيوانات التي لا يسهل حصول الذكور على الإناث بصورة مباشرة، فعلى الذكور أن تثبت كفاءتها وقدرتها على التزاوج وحماية الأنثى بصورة فعاّلة من خلال مقارعة الذكور القوية الأخرى من نفس القطيع أو من القطعان الأخرى، فالذكر القوي المسيطر عليه أن يقاتل الذكور الأخرى الطامحة في الحصول على السلطة وميّزة التزاوج مع الإناث في نفس القطيع من خلال القتال المميت أحياناً، حيث يقوم ذكرين قويين بعملية ضرب الرؤوس بصورة قوية للغاية تصدر ضجيجاً لا يمكن تخيله.

تمتاز حيوانات ثيران المسك وخاصة الذكور ببنية جسدية قوية ورؤوس ضخمة للغاية وقرون كبيرة قوية أيضاً، والمذهل في الأمر أن تلك الذكور القوية عندما تصدم رؤوسها ببعضها البعض فهي تقوم بالركض بسرعات تصل لغاية ستين كيلو متر في الساعة قبيل عملية الارتطام الذي يمكن سماع صوته من مسافة ألف متر، حيث يتم الاستمرار في تلك العملية لعدة مرات حتى يستسلم أحد الذكور ويعلن خضوعه للذكر الفائز، وبعد ذلك تتم عملية التزاوج مع أنثى واحدة أو أكثر من القطيع لتنجب الأنثى غالباً عجلاً واحداً بعد مضي حوالي تسعة أشهر، حيث تقدم الأنثى الرعاية الكاملة للعجل الصغير الذي يصبح قادراً على أكل الأعشاب بعد مضي عدة أيام فقط.

تحتاج الأنثى إلى عامين حتى تصيح قادرة على عملية التزاوج، بينما الذكور يحتاجون إلى فترات أطول تصل أحياناً إلى خمسة أعوام وهي فترة النضوج الجنسي الذي يسمح لها بالمواجهة والحصول على بعض الامتيازات، ولعل عملية التزاوج تلك تستمر طيلة فصل الخريف في انتظار الدخول في الشتاء البارد وما يمر به من مصاعب قد تودي بحياة الثيران المريضة أو الضعيفة التي لا تحتمل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة.

في الختام تعتبر ثيران المسك من الحيوانات القوية التي تمتلك من السلوكيات ما يجعل منها حيوانات في غاية الإثارة، فهي لا تتزاوج قبل أن تصطدم الذكور بعضها ببعض في حالة من التنافس للحصول على الأنثى أو مجموعة الإناث، وعملية التصادم تلك تكون في غاية القوة والصخب حيث يمكن سماعها بصورة قوية من مسافات بعيدة تصل لغاية ألف متر أحياناً، وتضع الأنثى بعد ذلك عجلاً واحد ترعاه لفترة تصل لغاية العام أحياناً.


شارك المقالة: