عند الحديث عن الزواحف نجد أنفسنا مضطرين للحديث عن التماسيح صاحبة القوّة والضخامة والجرأة على المواجهة، حيث أنها تَحتّل صدارة الحيوانات المفترسة رفقة الأسود والنمور، ولكن إذا ما نظرنا إلى السلحفاة المتعارف عليها فهي تعتبر واحدة من أنواع الزواحف فإننا ننظر إليها نظرة وديعة لا يوجد منها أي مخاطر، ولكنّ هذا الأمر غير صحيح كون السلحفاة البرية منها والبحرية تمتلك القدرة على أن تكون من الحيوانات القوية، بل ومن أقوى الحيوانات وأكثرها خطورة، فما مدى خطورة السلحفاة، وأين تكمن خطورتها؟
ما مقدار قوة السلحفاة
تعتبر السلحفاة بنوعيها الرئيسيين البرية منها والبحرية من أكثر الحيوانات بطئاً في الحركة، فهي حيوانات وديعة في نظر الكثيرين كونها حيوانات لا تعتدي على أحد، ولا تمتلك أنياباً حادة ولا مخالب قوية ولا يمكنها الركض كالعديد من الحيوانات المفترسة، ولكن إذا ما تمّ قراءة واقع السلحفاة سنجد أن الأمر مختلف قليلاً فهي حيوانات قوية للغاية، وتعتبر من الحيوانات المُعمّرة التي يمكن لها أن تعيش لغاية مئة عام وربّما زيادة على ذلك.
على الرغم من أنّ السلاحف تمتلك أطراف قصيرة لا تساعدها على الركض أو العَدو بصورة سريعة، إلّا أنها تمتلك قوقعة في غاية الصلابة يمكنها الاختباء داخلها، وعادةً ما تكون هذه القوقعة في غاية القوّة والصلابة ولا يمكن لمعظم الحيوانات أن تقوم بكسرها للحصول على ما في داخلها، فهي حيوانات صبورة ذكية يمكن لها التعايش وفقاً لطبيعة المكان الذي تتواجد فيه، ليس هذا فقط فهي حيوانات يمكن لها أن تدرك طبيعة التحرّك والأماكن التي يتوفّر فيها الغذاء بعيداً عن أية مواجهة مع حيوان آخر.
لا تعتبر السلحفاة سواء البحرية أو البرية من الحيوانات آكلة الأعشاب والنباتات فقط، فهي حيوانات صيّادة بامتياز يمكن لها أن تأكل اللحوم مثلما تأكل النباتات أيضاً، وذلك وفقاً لطبيعة المكان الذي تتواجد فيه ومدى توفر الطعام، فهي قادرة وبذكاء أن تصطاد الطيور والقوارض والحشرات والضفادع والأسماك الصغيرة وغيرها من الحيوانات التي لا يمكن لأحد توقعها، ولعلّ شكلها الغريب يجعلها تبدو وكأنها حيوانات وديعة لا تملك القدرة على القتل أو الصيد، ولكن من يقترب منها من حيوانات صغيرة أو أسماك أو طيور ويقع بين فكّيها من الصعب عليه أن ينجو.
تكمن خطورة السلحفاة ليس في قوّتها الجسدية ولا في قدرتها على اللدغ أو نشر السموم كونها لا تمتلك هذه السموم، وإنما في قوّة عضّة الفكّ لديها فهي من الحيوانات التي تمتلك عضّة في غاية القوّة، وقد تُسبّب عضّتها أثراً بالغاً في جسد الشخص أو الحيوان التي يتعرّض لها، فهي الوسيلة الدفاعية التي تُمكّنها من الدفاع عن نفسها أو من الصيد في حال توفره.
ما مدى قوة عضة السلحفاة
لمن يعتقد بأن السلحفاة تمتلك أسناناً كما هي الحال لدى الحيوانات الأخرى في عالم الحيوان فهو مخطئ، فالسلحفاة لا تمتلك أسناناً داخل أفواهها، ولكنّها تمتلك ما يشبه المنقار القوي الحادّ في مقدمته وتمتلك ما يشبه الأسنان داخل أفواهها بصورة مدبّبة تسمح لها في تقطيع الطعام وهضمه بصورة طبيعية للغاية، حيث أثبت علماء سلوك الحيوان أن السلحفاة قادرة على هضم لحم أسد بصورة سهلة معتمدة على تركيبة فكّها القوي وتركيبة الجهاز الهضمي وما يشبه الأسنان داخل الفم، الأمر الذي يمنحها الأسبقية في أن تحتل مرتبة مُتقدمة في قوّة الفكّ مقارنةً بالحيوانات الأخرى.
إن قوّة فكّ السلحفاة تصل إلى قوة ضغطة تبلغ ثمانين كيلو جرام تُمكّنها من طحن النباتات واللحوم التي تقوم بأكلها، ليس هذا فقط بل إن قوّة عضّة السلحفاة تساعدها على قتل أكثر الحيوانات قوّة وخاصة تلك الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتعتبر السلحفاة النّهاشة من أكثر السلاحف خطورة وقوّة كونها قادرة على التعايش في المياه المالحة والعذبة، وهي قادرة على التقاط فرائسها بصورة سريعة للغاية، بحيث يصعب على العديد من الحيوانات وخاصة الصغيرة منها مثل أسماك السردين أن تنجو من قضمتها القاتلة.
كما وتعتبر السلحفاة الجلدية من أقوى السلاحف بل من أقوى الحيوانات من حيث قوّة الفكّ، فهي تمتلك فكّاً قوياً يساعدها في الحصول على الطعام من خلال صيد الحيوانات البحرية، كما وانها تمتلك مريئاً يساعدها على هضم الطعام بصورة سريعة، والسلحفاة بصورة عامة وخاصة البحرية منها تعتبر من الحيوانات المهِمة التي تحتاج إلى الكثير من الطعام لتعويض العناصر الغذائية التي تحتاجها في بذل الجهد أثناء السفر الدائم بحثاً عن الطعام، والابتعاد عن المفترسات المائية أو البرية.