على الرغم من التقدّم الحضاري الذي بدأ يُغيّر من طبيعة الحيوانات وطرق عيشها، إلا أنّ الهجرة تبقى سمة وغريزة لا تتغيّر لدى الكثير من الحيوانات، فثيران النو الضخمة والقوية والتي تعتبر من أكبر أنواع الثيران وأكثرها عدداً لا بدّ لها في كلّ عام من الهجرة بحثاً عن الطعام والماء، فهي لا تنفكّ تبحث عن مراعيها قاطعةً مئات الأميال دون كلل أو ملل، فما هي الكيفية التي تهاجر خلالها ثيران النو أماكنها بحثاً عن الدفء والطعام والماء والمأمن؟
لماذا تهاجر ثيران النو
ثيران النو القوية تمتاز بجسدها الضخم وقرونها القوية، وتعتبر من أكثر الحيوانات نشاطاً وحيوية وحاجة إلى الغذاء والماء، فهي حيوانات لا تنتظر مصيرها الافتراضي الذي قد يُهدّد حياتها وحياة صغارها في موسمي الشتاء والصيف، فهي تهاجر في كلّ موسم ما بين بلدي كينيا وتنزانيا الأفريقيين قاطعة مئات الأميال بحثاً عن الطعام المتمثّل بالمرعى والأعشاب والنباتات الخصبة التي تحفظ لها حياتها، كما وتبحث أيضاً عن الماء الذي يعتبر أساساً في حياتها نظراً إلى حجمها الضخم وحاجتها الكبيرة إلى المياه، وإلا فإنّ أعدادها ستبدأ في التناقص إلى أن تنقرض حالها كحال العديد من الحيوانات الأخرى التي لم تتمكن من تأمين قوتها.
إنّ أعداد ثيران النو التي تصل لغاية المليون ونصف رأس من تلك الثيران، وربما في زيادة عن ذلك العدد تهاجر في كلّ عام بصورة كاملة تاركةً مناطق الرعي بحثاً عن الدفء وعن أماكن جديدة تحصل خلالها على الغذاء والماء والأمان، وتسمّى هجرة ثيران النو لدى علماء سلوك الحيوان بالهجرة الكبرى؛ كونها أكبر هجرة يقوم بها حيوان ثدي قاطعاً ما يزيد على مسافة الخمسمئة كيلو متر، وقد تصل المسافة في بعض الأحيان على الألف وستمئة كيلو متر، ويُطلق علماء سلوك الحيوان على رحلة ثيران النو أيضاً بالانتجاع، وهي تقوم بقطع كافة العوائق التي تعترضها مهما كانت وصولاً إلى أماكنها الجديدة.
كيف تهاجر ثيران النو
إن رحلة الهجرة التي تقوم بها ثيران النو ذهاباً وإياباً لا تكون في العادة بصورة فردية، بل يتكوّن القطيع الواحد من ألاف إلى عشرات الألاف من الثيران، وهي تقطع مسافات هائلة في الركض لتقفز من فوق الجبال الهضاب وقاطعةً مياه الأنهار ولا يقف في طريقها أي شيء، كما ويرافقها في رحلة الهجرة هذه العديد من الحيوانات المفترسة التي تستغل موسم الهجرة مثل الأسودوالنموروالضباع التي تتربص لافتراس الثيران التي تَضلّ الطريق أو تلك المريضة أو الضعيفة منها أو الصغيرة، لتقوم بافتراسها.