من المعلوم أنّ الطيور تتكاثر بالبيض الذي عادة ما تضعه في عشّ وتقوم الأنثى أو الذكر أو كلاهما بحضانة البيض حتى يفقس، لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية بدءً من إحضار الطعام وإطعام الصغار والمحافظة على سلامة الطيور الصغيرة من الحيوانات المفترسة، وانتهاء بإكساب الطيور الصغيرة المهارات اللازمة التي تضمن لها الحياة بالقدرة على الطيران وكيفية البحث عن الطعام والبحث عن شريك.
سلوك طائر الوقواق في وضع وحضانة البيض
لطائر الوقواق رأي آخر في موضوع رعاية الصغار والبيض، فالأنثى ترفض عملية الحضانة والتربية لتقوم بأكبر عملية خيانة في تاريخ الحيوانات، وهذا ما سنتعرف عليه خلال هذا المقال.
يعتبر طائر الوقواق من الطيور الخجولة التي نادراً ما يتمّ التعرّف على الأماكن التي تتواجد فيها على الرغم من قدرتها على التكيّف مع مختلف البيئات الموجودة في العالم، باستثناء القارتين المتجمدتين الشمالية والجنوبية، وهي طيور متوسطة الحجم لها أصوات مميزة يمكن من خلالها التعرّف على أماكن وجودها.
وتعتبر طيور الوقواق من الطيور القوية فبعضها يهاجر بداية كلّ شتاء والجزء الآخر منها يبقى جاثماً مكتفياً بالغذاء المتوفر لديها، ولعلّ هذه الطيور القوية قادرة على الطيران والمراوغة بصورة رائعة على غرار الطيور القوية الأخرى مثل الصقور والنسور.
وعادةً ما تقوم طيور الوقواق بوضع مجموعة من البيض قد تصل لغاية سبع بيضات، ولكنّها لا تقوم بوضع البيض في عشّ تملكه وتقوم بإدارته بصورة شخصية، بل إنّ أنثى طيور الوقواق وبمساعدة الذكر أحياناً تقوم بعملية لا تقوم بها الحيوانات الأخرى.
حيث أنها تقوم بوضع بيضها في عشّ الطيور الأخرى وخاصة العصافير الصغيرة التي يتشابه فيها لون البيض وحجمه معها مثل عصفور الدوري، فهي تراقب الفترة التي تقوم تلك الطيور بوضع بيضها فيه لتقوم بعد ذلك باستغلال الفرصة لوضع البيض في ذلك العش بصورة سريعة لا يمكن كشفها إلا من قبل الطيور ذات الخبرة.
لماذا تقوم طيور الوقواق بوضع بيضها في عش آخر
إنّ عملية حضانة البيض وحمايته والمكوث لفترة طويلة دون طعام من قبل أنثى الطيور وبعد أن يفقس البيض تبدأ عملية إحضار الطعام ورعاية الطيور الصغار تعتبر عملية شاقّة للغاية، وهذا الأمر يبدو أنه لا يتناسب وطبيعة طيور الوقواق؛ كونها ترغب في أن تعيش بحرية أكبر وألّا تتحمل مسؤولية ومشاقّ حضانة البيض وتربية الصغار حال الطيور الأخرى.
فتبدأ في عملية تحديد مكان العش الذي يتقوم بوضع بيضة واحدة فيه حتى لا يلاحظ الطير الآخر هذا الأمر وتراقب الأمر عن كثب لمعرفة نجاح العملية التي لا تدوم أكثر من عشر ثوانٍ من خروج العصفور أو الطائر المراد غشّه من العش لتتم العملية بنجاح، ويتم رعاية البيضة المغشوشة حتى تفقس دون أن يلاحظ الطائر الآخر الأمر.
إنّ هذه العملية قد لا تنجح أحياناً ولكنها تعتبر عملية متعارف عليها من قبل طيور الوقواق التي قد تقوم في بعض الأحيان برمي بيض الطائر الآخر خارج العش، ليس هذا فقط بل إنّ صغير طائر الوقواق ولدى خروجه من البيضة عادة ما يقوم برمي البيض من العش وأكل الغذاء المتوفر، وتعتبر هذه السلوكيات غريزية لا يمكن التحكّم في طبيعة الطائر من خلاله أو إكسابه سلوكيات أخرى.
وقد تقوم طيور الوقواق بهذا الأمر كونها من الطيور التي لا تدرك جيداً طبيعة الأمومة وكيفية العناية بالصغار، أو لأنها غير قادرة على توفير الغذاء للصغار أو توفير الرعاية لهم، فهي تخاطر بحياة البيض في سبيل الحصول على الراحة والتنصّل من المسؤولية لتقوم بمنحها لطائر آخر بالكاد يمكنه توفير الحماية والرعاية للصغار.
ولعلّ بعض الطيور قد كشفت الأمر وبدأت تدرك جيداً أن البيض الذي في العش ليس بيضها لتقوم برميه خارج العش وهذا أمر يحدث لدى الطيور التي تمتلك الخبرة الكافية للقيام بهذا الأمر.
طيور الوقواق التي تتغذى بصورة أساسية على الحشرات والتي يمكن لها أن تتغذى على بعض أنواع الديدان السامة التي لا يمكن لأي طائر آخر أن يأكلها خوفاً من الموت، وهي لا تستطيع أن تعتني ببيضها وان تربي صغارها، إنّ تحمّل المسؤولية والتخلّي عن العاطفة لدى طيور الوقواق من الأمر التي لا يمكن أن تحدث لدى معظم الحيوانات.
فقد سمعنا من قبل عن حيوانات تقوم بالاستغناء أو ترك صغارها للموت كونهم مرضى أو لعدم توفر الغذاء أو خوفاً عليهم من المفترسات، ولكن يبقى سلوك طائر الوقواق في ظلّ ظروف طبيعية بترك البيض أمر غريب حقاً.