تعتمد مسيرة الحياة لأي نوع من أنواع الحيوانات على نوع من العلاقات الاجتماعية الفردية فيما بينها وصولاً إلى مرحلة التزاوج، ولمن يعتقد بأنّ الحيوانات لا تمتلك العقول او العواطف اللازمة للحصول على الشريك فهو مخطئ، فالحيوانات تجتمع مع بعضها البعض بناء على علاقات عاطفية معقّدة ما بين الذكر والأنثى، ويحتاج الذكر إلى تقديم الكثير من الامتيازات التي تساعده على إقناع الأنثى للتزاوج، ومن هذه العلاقات المعقّدة العلاقة الزوجية ما بين ذكور وإناث العناكب.
كيف يقنع ذكور العناكب الإناث بعملية التزاوج
تقوم الذكور عادة بمحاولة استعراض قواها من خلال التشاجر مع الذكور الأخرى للحصول على موافقة الأنثى على عملية التزاوج، وفي أحيان أخرى تقوم الذكور بالرقص أو الطيران أو الركض بصورة استعراضية تشعر الأنثى بالأهمية والقدرة على التزاوج وحماية الأنثى ورعاية الصغار، ولكن عند الحديث عن العناكب فالأمور مختلفة تماماً فهي أبسط من أن يحصل شجار بين الذكور وتتعدّى حدود الرقص وصولاً إلى الهدايا.
لا يقنع أنثى العنكبوت ولا يلفت انتباهها الهدية التي تحصل عليها بحدّ ذاتها من قبل ذكر العنكبوت، ولعلّ الأمر يتعلّق بكيفية تقديم الهدية والطريقة التي يتم من خلالها مفاجئة الأنثى بتلك الهدية، فالهدية التي يتمّ تقديمها للأنثى من قبل الذكر عادة ما تكون عبارة عن حشرة صغيرة أو وجبة غذائية متكاملة يعتقد الذكر بأنها قد تكون مهراً جيداً في عملية إقناع أنثى العنكبوت في عملية التزاوج.
إذ أقدم ذكر العنكبوت على تقديم الهدية دون أن يقوم بلفّها بخيوط الحرير التي عادة ما يبني بها العشّ فقد لا تكون تلك الهدية حافز لحصول الذكر على أنثى العنكبوت، فمن الطبيعي ان يقوم الذكر بلفّ تلك الهدية بصورة لائقة وتقديمها بصورة رائعة عن طريق فمه للأنثى.
بدورها تقوم أنثى العنكبوت بالتعبير عن رضاها عن الهدية بالموافقة والحصول على الوجبة الغذائية التي ترغب في أن تكون مغلّفة بالخيوط الحريرية، أو رفضها لهذه الهدية وخاصة إذا كانت هذه الهدية مكشوفة والذكر الذي قام بتقديمها غير مقنع، ويحصل على أنثى العنكبوت الذكر الأكثر إقناعاً وقدرة على حماية الأنثى، وبالتالي تحصل عملية التزاوج بصورة طبيعية، وتتكرر تلك العملية في كل موسم تزاوج.
