هل يقتل النمل بعضه البعض

اقرأ في هذا المقال


من المعلوم لدينا بأنّ النمل من أكثر الحيوانات التي تعيش على الأرض، فالنمل حشرة تُشكّل ما نسبته عشرين بالمئة من أعداد الحيوانات الموجودة بالكرة الأرضية، والنمل من الحشرات الاجتماعية التي يحكمها نظام تقوده ملكة كبيرة الحجم وقوية وقادرة على الطيران، على خلاف العاملات اللواتي يجلبن الطعام ويعتنين بالبيوض وبصغار النمل.

هل يختلف سلوك النمل باختلاف نوعه

من الطبيعي أن يؤثر المكان على سلوك النمل، فالنمل الذي يتعايش في القارة الأمريكية الشمالية ومنه النمل المقاتل والنمل الذي يعيش في المناطق الاستوائي يختلف عن النمل المنزلي، ويختلف النمل الأحمر عن النمل الأسود، ويختلف كذلك النمل المجنون عن النمل الناري، إذ يوجد في العالم حوالي اثني عشرة ألف وخمسمئة نوع من أنواع النمل التي تختلف عن بعضها البعض في الشكل وفي السلوك وفي طريقة التعايش.

يعتمد سلوك النمل على طبيعة الغذاء الذي يحصل عليه أيضاً، إذ تعتمد بعض أنواع النمل على البذور في الحصول على غذائها وتخزينه، وتعتمد أنواع أخرى من أنواع النمل على أكل الحشرات الميتة منها، والتي تعمل على اصطيادها بصورة جماعية، لذا فالنمل من أكثر الحشرات المتواجدة على الأرض، ويوجد تنافس شديد بين أنواع النمل من أجل صراع البقاء في الحصول على المكان والغذاء، فهل يصل الحدّ إلى القتال والتشاجر بالأيدي والأرجل ووقوع قتلى وجرحى؟

هل يتقاتل النمل بشكل مباشر

يعتبر النمل من الحشرات التي تعيش بصورة جماعية على شكل مستعمرات، حيث يتواجد في كلّ مستعمرة ملكة تضع البيض وذكور وإناث عاملات، وفي حال تعرضت مستعمرة النمل لأي هجوم خارجي فإنّ النمل يقوم بصدّ الهجوم بصورة مباشرة من أجل المحافظة على المستعمرة بصورة رئيسية، ومن أشهر معارك النمل التي تم رصدها من قبل علماء سلوك الحيوان معركة النمل الأحمر والنمل الأسود، والنمل المجنون ونمل النار.

إنّ المعركة التي عادة ما تدور بين النمل المجنون وبما يسمّى بنمل النار هي معركة حقيقية سببها الحقيقي هو الحصول على الأرض والغذاء، وتعيش هذه الأنواع الخطرة والقوية من الحشرات في القارة الأمريكية الجنوبية في المناطق الاستوائية منها، ولعلّ النمل الناري هو من أشرس الحشرات التي عرفها الإنسان نظراً إلى القوّة الهائلة والجماعية الكبيرة التي يعمل عليها، وهو قادر على أكل العديد من الحيوانات نظراً إلى قدرته على اللسع أكثر من خمسة مرات في الثانية الواحدة مع نشر سمومه دون أن يموت.

هل يختلف سلوك النمل الناري عن النمل المجنون في القتال

النمل المجنون ذو الشكل العسلي والذي لا يتأثر بالحرارة ولا بالمبيدات الحشرية، هو نمل سريع للغاية قادر على الحركة بصورة يشعر المشاهد من خلالها بأنه مجنون، وهو قوي للغاية ويعمل بصورة جماعية وتم رصده في كثير من الأحيان يتشاجر مع النمل الناري، وذلك بصورة يقع فيها العديد من القتلى والجرحى وينتهي بسيطرة أحد النوعين على مستعمرة الآخر وأرضه، والنمل المجنون من أنواع النمل التي يمكن لها التعايش في الأماكن الحارة جداً وتحمّل أعلى درجة حرارة ممكنة، بل يمكنه أن يقع في النار ولا يموت بسهولة كبيرة.

ويمتلك النمل الناري سموماً قوية وقدرةً فائقة على مهاجمة الحشرات الأخرى، وهو من أنواع النمل التي عادة ما ترغب بالاستيلاء على أماكن النمل الأخرى القريبة منها بصورة انتهازية، كما وأنه يعتمد على أسلوبه الجماعي في القتال وسرعته الكبيرة ولسعته القوية السامة التي تساعده على قتل أكثر الحيوانات قوّة، ولكن النمل المجنون من أنواع النمل القوية أيضاً والتي تستخدم أساليب متطوّرة في القتال، إذ يمكن للنمل المجنون أن يتقاتل مع النمل النار بصورة مباشرة دون أن يخاف منه بل ويمكنه الانتصار عليه أيضاً.

ويمتلك النمل المجنون قدرة فريدة على وقف خطورة السموم التي يطلقها النمل الناري، إذ أنه يستخدم ترياق مضاد لتلك السموم تمنع في موت الأفراد من تلك اللسعات القوية، وهذا الترياق عادة ما يتم إطلاقه على المقاتلين ضد أنواع النمل الأخرى، والتي تحميهم من السموم القاتلة وتبطل مفعولها بصورة جيدة، وبالتالي استطاع النمل المجنون في الآونة الأخيرة أن يُعدّل قواعد المعركة وأن ينجح في التغلّب على النمل الناري في معظم المعارك والسيطرة على أراضيه وطرده من الأماكن التي يتواجد بها.

إنّ التقاتل بين أنواع النمل تجعل منه حشرة انتهازية ترغب في التعايش بصورة منفردة في الأماكن التي يتواجد فيها بعيداً عن الحشرات الأخرى، وحتى أنه لا يرغب في التعايش برفقة أنواع النمل الأخرى التي تنتشر في كافة أنحاء العالم باستثناء القارة المتجمدة الجنوبية والتي لا تتناسب أجواءها مع طبيعة النمل وسلوكياته.

المصدر: اساسيات عامه في سلوك الحيوان، د محمد فؤاد الشرابي، د مني محمد الدوسر،2008. علم سلوك الحيوان، الأستاذ الدكتور جمعان سعيد عجارم، 1982.سلوك الحيوان، للكاتب أحمد حماد الحسيني، 1913.سلوك الحيوان، للكاتب جون بول سكوت،1970.


شارك المقالة: