على الرغم من التنافس الشديد بين الحيوانات المفترسة على وجه الخصوص فيما يخصّ مناطق النفوذ والقدرة على فرض السيطرة، إلا أنّ علماء سلوك الحيوان قد رصدوا العديد من علاقات الصداقة فيما بينها، ولعلّ الأسودوالنمور خير دليل على هذه الصداقات، ولكن هل هناك عاطفة تدعو الحيوانات المفترسة لإقامة تلك الصداقات بصورة متعارف عليها، أم أنها غريزة غير مفهومة العنوان، ام أنّ الحيوانات تتصرف بعشوائية دون ان تدرك المخاطر او الفوائد من تلك العلاقات؟
ما الفائدة من صداقة الحيوانات بعضها ببعض
لا يمكن لنا أن نتصور أن أسداً قوياً يقيم علاقة صداقة جيدة مع دبّ قوي، أو ان ذئب يصادق كلب بري، او أنّ ثعلب يصادق كلب، أو أنّ أسد يصادق نمر، وغيرها الكثير من العلاقات التي أثارت دهشة علماء سلوك الحيوان، ولكن تبين فيما بعد أنّ هذا الأمر ممكن الحدوث ولا يحدث على سبيل الصدفة أو العشوائية، فالحيوانات في كثير من الأحيان تكون رحيمة ببعضها البعض ولا تقترب من الحيوانات الصغيرة مثلاً، او التي تعاني من أمراض ونستثني من هذه القاعدة بعض الحيوانات وعلى رأسها الضباع التي لا تعرف العاطفة ولا الصداقة وهمها الدائم هو الحصول على الطعام.
لا تعني الرحمة لدى الحيوانات بانها تمتلك عاطفة جيّاشة وانها تحترم خصوصية الحيوانات الأخرين ولكن قد يشذّ عن هذه القاعدة بعض علاقات الصداقة التي تم رصدها من قبل علماء السلوك، حيث تم رصد علاقات صداقة ما بين الطيور والتماسيح وما بين الدببة والنمور، وما بين الكلاب والثعالب من جهة أخرى، ولا ننسى تلك العلاقة الأبدية ما بين القطط والكلاب والتي تعتبر الأكثر شهرة في عالم الحيوان.
إنّ السرّ وراء تلك العلاقات هو الحصول على المزيد من المتعة وتغيير الروتين القاتل الذي تشعر به الحيوانات وخاصة في حال تواجدها في المحميات الطبيعية، كما وترغب بعض الحيوانات في التخلّص من العداوات والقتال والحصول على بعض الراحة فتقيم علاقة صداقة مع حيوان كان في الأصل عدواً قديماً، ولعلّ طبيعة المكان وتوفر الطعام او التشارك في الحصول عليه من اهم الأسباب التي تدعو الحيوانات إلى إنشاء علاقات تفاهم فيما بينها حتى وإن كانت مفترسة.