اتفاقيّات ايفيان، هي نتيجة مُفاوضات طويلة لقد جرت في الثامن عشر من مارس عام 1962، بين كلّ من القادة الوطنيين الجزائريين من الحُكومة الجزائريّة المؤقتة، هي تعتبر عضو سياسة في جبهة التّحرير الوطنيّة الجزائرية وبين الموفد الفرنسيّ برئاسة لويس جوكس وأيضاً وزير الشؤون الجزائريّة في عهد الجنرال ديغول، حيث سمحت هذه الاتفاقيات بإعلان وقف إطلاق النار، أيضاً وضع حد لحربِ الجزائر.
اتفاقيّة ايفيان:
لقد تمّت اتفاقيّة ايفيان بين الجانب الفرنسيّ والجانب الجزائريّ، حيث تتضمن هذه الاتفاقيّة بإنهاءِ الثورة الجزائريّة، أيضاً اتِفاق الطرفين على وَقف إطلاق النار وتنظيم استفتاءٍ شعبيّ؛ لتقريرِ المصير علماً بأنّ نتيجة هذا الاستفتاء تمثّل في تصويتِ الشعب الجزائريّ للإستقلال عن فرنسا، من الجدير بالذّكر أنّ ما مَهَّد الطريقَ لهذه الاتفاقية هي الخَسارة الكبيرة لفرنسا بعد ثورة التّحرير التي اندلعَت في عام 1954، بالإضافةِ إلى الأزمات الماليّة الاقتصاديّة لفرنسا وضغط الرأي العام، إذ أنَّه وجدت فرنسا أنّ الخيار العسكريّ هو ليس الحلَّ المناسب لمقاومةِ الثّورة الجزائريّة.
تِبعاً لاتفاقية ايفيان، لقد عُقِد مؤتمر آخر يدعو إلى إنهاء النضالِ في مَدينة طرابلس، أيضاً الوصول إلى استقلالِ الجزائر وإعادة إعمارها.
المبادئ التي نادى بها ذلك المُؤتمر:
انتهاج الديمقراطيّة وفقَ العقيدة الإسلاميّة، العمل على اتخاذِ الاشتراكيّة نموذجاً، نَيل الأفراد جميعهم على فرصة التعليم، العمل على رفع مستوى مَعيشة الفرد، أيضاً الإعلاء من شأن اللغة العربيّة، التخلُّص من كافّة أشكال التغريب.
البنود التي تضمنتها اتفاقيّة ايفيان:
لقد نتجت عن اتفاقيّة ايفيان 6 فصول رئيسيّة، وهي:
- احتفاظ وضمان فرنسا ببعضِ المصالح الاقتصاديّة والامتيازات الثقافيّة، حيث تعهد الطرفَين بالتّعاون مُقابل استفادة الجَزائر من المُساعدات الماليّة الفَرنسيّة.
- العمل على إخلاء القوّات الفرنسيّة من الجزائر خِلال ثلاث سنوات.
- احتِفاظ المُستوطنين الفرنسيّين بالحقوقِ قَبل اختيار جنسيّتهم النِهائيّة، سواءً كانت الجزائريّة أو الفرنسيّة.
- العمل على وضع حكومة مُؤقتة مُكونة من ثلاثة فرنسيّين وتسعة جزائريّين؛ لتسييرِ أمور البِلاد خلال الفترة الانتقاليّة.
- اعتراف فرنسا بوحدةِ الجزائر وحقّ الشعب الجزائريّ في تقريرِ مصيره، ذلك من خلال إجراء استفتاءٍ شعبيّ مدّة أقصاها ستّة أَشهر.
- الإعلان عن العفو العامّ ووَقف إطلاق النّار بين الطّرفين.
- ضمان مصالح فرنسا والفَرنسيين الاقتصاديّة والتّعاون في مجال استثمارِ الثروات الطبيعيّة، لا سيما استخراج النفط في المناطقِ الصحراويّة، بالإضافة إلى تفضيلِ فرنسا عندما يتعلق الأَمر بتقديم رخصٍ للتنقيب عن النفط، بالمقابل لقد تعهدت باريس بتقديمِ مساعداتٍ تقنيّة ومالية تَسمح للجزائر بالنهوض باقتصادها.
- تقليص عدد القوات الفرنسيّة المتواجدة في الجزائر تدريجياً حتى خروجها بالكامل من البِلاد، بالإضافة إلى السماحِ لفرنسا باستخدام القاعدة البحريّة العسكرية بمرسى الكبير في وهران لمدَّةِ 15 عاماً، قابلة للتجديدِ في حال اتّفاق الطّرفين واستخدام بعض المطارات والمواقع العسكريّة إذا اقتضت الحَاجة.
- إطلاق سراح جميع السُجناء الذي كانوا نزلاء في السجون سواء في الجَزائر أو في فرنسا.
- السّماح للفارِّين من الجزائر خِلال سنوات الثّورة واللاجئين إلى دولٍ مجاورة مثل: تونس والمغرب، بالعودةِ إلى بلادهم.
- الاعتراف بحزبِ جبهة التّحرير الوطني حزباً سياسياً شرعياً.
الآراء حول اتفاقيّة ايفيان:
لقد تضارَبَت آراء القادة الجزائريّين بشأنِ نصوص اتفاقيّة ايفيان، حيث انقسمت الآراء إلى ثلاثةِ أقسام على النحو التالي:
المؤيدون:
هي الفئّة التي لم تهتمّ بالمضمونِ بقَدر الحاجة إلى الاستقلال، ممّا جعلها تؤيِّد قرار الاتفاقيّة، حيث وجدت فيها نصراً للشّعبِ الجزائريّ وسبيلاً للتخلّص من الفَقر، أيضاً الخراب الذي دام أَكثر من قَرن.
المرحليون:
هي الفئّة التي اعتبرت أنّ الإتفاقيّة مثّلت إحدى مراحل انتصار الثّورة، حيث أوجبَت قبول هذه الإتفاقيّة في سبيل التخلّص من الإستعمار الفرنسيّ، كما بينَت أنّ المَرحلة اللاحقة هي مرحلة التخلص من آثارِ الإستعمار، ذلك من خلالِ تأميم الشركات الفرنسيّة والتوجّه الإشتراكيّ.
المعارضون:
هي الفئة التي رفضت الاتفاقية على الإطلاق واعتبرَتها مخالِفة لمبدأ الاستقلال الشامل، بالإضافة أيضاً إلى أنّها اعتبرت الاستقلال استقلالاً ناقصاً؛ لأنّ الاتفاقية في نظرها أنَّها ربطت بين مصيري الجزائر، وفرنسا من الناحية الثقافيّة والاقتصاديّة.
من الذين عارضوا شروط هذه الاتفاقيّة :
– المرحوم أحمد بن بلة في لقاءٍ تلفزيونيٍّ مع السيد أحمد منصور في حصّة ( شاهد على العصر)، بقناةِ الجزيرة، حيث قال بأنَّه ليس مسؤولاً عمَّا ورد فيها وأنَّه اعترض على العديدِ من بنودها.
– قائد أَركان الجيش هواري بومدين والرائد علي منجلي.
– الرائد قايد أحمد سي سليمان.