ما هو الإسلام السياسي؟

اقرأ في هذا المقال


يتهم معارضو الحركات الإسلامية هذه الحركات، بأنها تحاول بطريقة أو بأخرى الوصول إلى السلطة، احتكارها وبناء دولة دينية ثيوقراطية، وتنفيذ رؤيتها للشريعة الإسلامية. إن فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية على وجه التحديد في السياسة، غير مقبولة للتيارات الليبرالية أو الحركات العلمانية، لأنها تريد بناء دول علمانية محايدة دينياً، ولأن تكون مسألة اتباع الشريعة الإسلامية أو القوانين الأخرى، مسألة خاصة لكل فرد في مجتمع لا تتدخل فيه الدولة.

مفهوم الإسلام السياسي:

الإسلام السياسي مفهوم سياسي وإعلامي، يستعمل للتعبير عن حركات التغيير السياسي، التي تتبع الإيمان بالإسلام على أنه نظام حكم سياسي. هذا المفهوم تستعمله الجماعات السياسية المعارضة للإسلاميين، حيث يعتبر مجموعة من الأفكار والأهداف السياسية النابعة من الشريعة الإسلامية، التي تستعملها مجموعة من الأصوليين المسلمين، الذين يعتقدون أن الإسلام ليس ديناً فحسب، بل هو نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي مناسب لبناء مؤسسات الدولة. من الأمثلة على هذا المشروع دول مثل: إيران والسعودية ونظام طالبان السابق في أفغانستان والسودان والصومال، مشيرة إلى أنهم يرفضون مصطلح الإسلام السياسي، أيضاً يستخدمون حكم الشريعة أو الحكم الإلهي.
على الخلاف من حملات الأمن ضد الإسلاموية، فقد تمكنت من التغيير إلى قوة معارضة سياسية، في معظم دول آسيا ومعظم دول إفريقيا. لقد نجحت معظم الأحزاب الإسلامية، في الوصول إلى السلطة في العديد من الدول العربية مؤخراً، مثل: حماس في فلسطين عام 2006، حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 2012، حركة النهضة في تونس، حزب العدالة والتنمية في مصر. مع ذلك لم تخل هذه النجاحات من انتكاسات، إذ حدث انقلاب عسكري في مصر عام 2013، ونأت حركة النهضة بنفسها عن المشاركة في الحكومة التونسية.

مصطلح الإسلام السياسي:

بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وجهت وسائل الإعلام العالمية اهتمامها نحو الحركات السياسية، التي توصف بالإسلامية، خلال هذه الفترة الحرجة حدث نوع من الفوضى في التحليل، أدى بطريقة أو بأخرى إلى عدم التمييز بين الإسلام، كدين وجماعات معينة تأخذ بعض تفسيرات وتطبيق الشريعة الإسلامية. بناء على ذلك أدى هذا النقص في التركيز إلى انتشار بعض المفاهيم، التي لا تزال آثارها واضحة حتى يومنا هذا من التعميم، الذي تستخدمه أقلية في العالم الغربي تجاه العالم الإسلامي، باعتباره تهديداً لأسلوب الحياة والتعامل الغربي.
يُعد مفهوم الأصولية الإسلامية من أوائل المصطلحات، المستخدمة التعبير عن ما يسمى اليوم بالإسلام السياسي. في أيلول 1994، عقد مؤتمر عالمي في الولايات المتحدة، تحت إسم تهديد الإسلام الأصولي على شمال إفريقيا، حيث كان حول السودان وما وصفه المؤتمر، بمحاولة إيران نشر الثورة الإسلامية إلى إفريقيا عبر السودان بشكل تدريجي، وفي التسعينيات في خضم الأحداث الداخلية بالجزائر، تم استبدال هذا المصطلح بمصطلح الإسلاميون المتطرفون. استقر المصطلح بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 على الإسلام السياسي.
هذا لا يعتبر أن مفهوم الإسلام السياسي، لم يكن متداولًا في ذلك الوقت، حيث كان الأستاذ جيل كيبل الفرنسي ورئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في معهد الدراسات السياسية، في فرنسا من بين الأوائل الباحثين لاستخدام هذا المصطلح. كان ذلك في عام 1983، في إطار تقديمه لأطروحة حركات الإسلام السياسي في مصر أنور السادات، في كلية الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية. استخدم مصطلح حركات الإسلام السياسي للدلالة على الحركات الإسلامية، التي تطمح إلى جعل الإسلام أساس التنظيم السياسي للمجتمع.
يظن العديد من المحللين السياسيين الغرب أن بروز ظاهرة الإسلام السياسي، يعود إلى المستوى الاقتصادي المتدني لبعض دول العالم الإسلامي. منذ ال 40 بدأت العديد من الحركات الاشتراكية، في بعض الدول الإسلامية تحت تأثير الفكر الشيوعي، كمحاولة لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأفراد، لكن انهيار الاتحاد السوفييتي ترك فراغاً فكرياً في مجال المحاولة الاقتصادية والاجتماعية.
يعتقد المحللون أنه من هنا ظهرت أفكار تدعي، أن تفسير التخلف والتدهور في مستوى المجتمع والاقتصاد، يعود إلى بعد المسلمين عن التطبيق السليم، لنصوص الشريعة الإسلامية وتأثر حكوماتهم بالغرب. مع الثورة الإسلامية في إيران وحرب الخليج الثانية، تم تمهيد الطريق لظهور فكرة أن السياسة الغربية، غير عادلة تجاه المسلمين وتستخدم مفهوم الكيل بمكيالين.
يظن العديد من المحللين الأمريكيين في أمور الإسلام، كروبرت سبنسر المناهض للإسلام، أنه لا تمييز بين الإسلام والإسلام السياسي، أيضاً من غير الطبيعي التفريق بينهما، فالإسلام في وجهة نظره يحمل في مبادئه السياسية الأهداف. لقد قال سبنسر: “الإسلام ليس مجرد دين للمسلمين، بل هو أسلوب وأسلوب حياة”. أيضاً يحتوي على تعليمات وأوامر من أبسط الأفعال، كالأكل والشرب إلى أعقد الأمور الروحية.

بدايات الإسلام السياسي:

على الرغم من وجود دول في التاريخ، كانت قائمة في الإدارة الداخلية والخارجية، والتوجهات السياسية على الشريعة الإسلامية، إلا أن حركة الإسلام السياسي بمصطلحها الحديث، بدايتها كانت بعد فشل الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وقيام مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية على النموذج الأوروبي، وإلغائه لمفهوم الخلافة الإسلامية بتاريخ 3 مارس من عام 1924، أيضاً عدم الاعتماد على الشريعة الإسلامية من المؤسسة التشريعية، كما قام بحملة تصفية ضد العديد من الرموز الدينية والمحافظين.
إن الأفكار القائلة بأن تطبيق الشريعة الإسلامية، في تراجع وأن هناك انتكاسة في العالم الإسلامي، خاصة بعد سقوط العديد من الدول الإسلامية تحت ولاية الدول الغربية، المنتصرة في الحرب العالمية الأولى. لقد اعتبر البعض ظهور الحركة القومية العربية على يد القوميين العرب، جمال عبد الناصر وحزب البعث العربي الاشتراكي، بمثابة انتكاسة ثانية للإسلام في العصر الحديث.

الليبرالية الإسلامية:

يوجد البعض من الحركات التي تسمى بحركات الإسلام الاجتهادي، أو حركات الإسلام التقدمي التي تستند على الاجتهاد أو للقرآن والحديث النبوي، هذا التيار يعتقدون أنهم يحاولون العودة إلى مبادئ الإسلام الرئيسية. يمكن تلخيص المحاور الرئيسية لهذا الاتجاه في النقاط التالية: استقلالية الفرد في تفسير القرآن والحديث، التحليل الأكاديمي للنصوص الإسلامية المحافظة والتقوى، أيضاً المزيد من الانفتاح مقارنة بالتيار المحافظ، خاصة في أمور العادات وأسلوب الملبس واللباس، المساواة التامة بين الذكر والأنثى في جميع جوانب الحياة، اللجوء إلى استخدام الفطرة السليمة، بالإضافة إلى الاجتهاد في تحديد خطأ الحق.
يمكن إرجاع بدايات هذا التيار إلى اختلاط المسلمين، بالعالم الغربي من خلال موجات الهجرة. يعتقد هذا التيار أن التطبيق الحرفي لجميع النصوص الإسلامية، قد يكون صعباً للغاية إن لم يكن مستحيلاً، في ظروف متغيرات العصر الحديث. هذا الاتجاه لا يؤمن بصلاحية أي طرف لإصدار فتوى، وهذا الاتجاه يؤمن بحق المرأة في تولي المناصب السياسية، ومعظم من في هذا الاتجاه يحاولون فصل السياسة عن الدين ويفضلون مبدأ اللاعنف. يعتقد التيار المحافظ في الإسلام أن مصطلح المسلم الليبرالي هو خليقة غربية، ولا يوجد مثل هذا الإسم على الأرض ومن يحمل هذه الأفكار، ابتعد عن المبادئ الأساسية لدين الإسلام بسبب تأثيرهم على العالم الغربي.


شارك المقالة: