ما هو الانتداب؟

اقرأ في هذا المقال


إن التفويض كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، هو تمكين دولة تدعي مساعدة البلدان الضعيفة والمتخلفة على النهوض وتدريبها على الحكم، حتى تكون قادرة على الاستقلال وتحكم نفسها بنفسها.

مفهوم الانتداب:

إنه نظام أنشأته عصبة الأمم من أجل تطبيقه على الأراضي، التي تم أخذها من ألمانيا مثل: بوروندي وبابوا غينيا الجديدة وتوغو وتركيا، أيضاً مثل: سوريا وفلسطين ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى، من سنة 1914 حتى سنة 1919. ينص النظام على أن الغرض الأساسي من التفويض هو مساعدة هذه المناطق التي لم تصل بعد إلى الدرجة، التي يمكن أن تصبح بها مستقلة بنفسها.
لقد تم تقسيم الولايات إلى ثلاث فئات، كانت دول الشرق الأوسط في الفئة الأولى، حيث تضمنت دولاً وصلت إلى درجة من التقدم، تسمح بالاعتراف المؤقت بوجودها كدول مستقلة، بشرط أن تكون إحدى الدول يقدم لهم المساعدة الإدارية، وأن يأخذوا بعين الاعتبار رغبة الدولة في ظل التفويض في اختيار الدولة.
لقد تضمنت الفئة الثانية التبعيات الألمانية في غرب ووسط إفريقيا، حيث كانت السلطات التي تفرض الانتداب تتمتع بصلاحيات أكبر من الفئة الأولى، كما أن الدولة التي تفرض التفويض تتحمل مسؤولية، إدارة التبعية في ظل ظروف تضمن حرية الضمير والدين، من بينها ما ضمته بلجيكا في 20 يوليو سنة 1922، كل من بوروندي ومملكة رواندا إلى رابطة الانتداب في شكل موحد باسم رواندا- أوروندي وتوغولاند، التي تم تقسيمها إلى جزئين فرنسي وبريطاني.
أما الفئة الثالثة فقد شملت المناطق الواقعة في جنوب أفريقيا وجزر المحيط الهادئ، مثل: مفوضية جنوب المحيط الهادئ، التي أصبحت تابعة لإمبراطورية اليابان وغينيا الجديدة الألمانية، التي انتقل تبعيتها إلى أستراليا والإمبراطورية البريطانية، في بالإضافة إلى جنوب غرب أفريقيا المعروفة بناميبيا، والتي انتقلت إلى جنوب إفريقيا والإمبراطورية البريطانية.

أمثلة على الانتداب:

الانتداب الفرنسي:

الانتداب الفرنسي على سوريا أو الاستعمار الفرنسي، هي الحالة التي جسدت النظام الأعلى للسياسة في سوريا، منذ ذلك الحين هزمت قوات المملكة السورية السلاح العربي الضعيف، والأعداد في معركة ميسلون في 24 تموز 1920، حتى انسحبت القوات الفرنسية بالكامل من كامل الأراضي السورية في 17 نيسان 1946، الذي أصبح اليوم الوطني لسوريا، ووافقت عصبة الأمم رسمياً على الانتداب سنة 1922.
يمكن تجزأة الانتداب إلى العديد من الفترات التاريخية، ابتداءاً من تجزأة البلاد سنة 1920 واستسلامها للحكم، إلى الوحدة بين دمشق وحلب سنة 1925، ثم أدت الثورة السورية الكبرى إلى انتخابات تأسيس الجمعية، التي صاغت الدستور سنة 1930، حيث أعلنت بموجبه أول جمهورية سورية.
لقد أدت الضربة الستون إلى نهاية عهد محمد علي العبد لوحدة البلاد ومعاهدة الاستقلال، لكن انفصال لواء الإسكندرون واحتجاجات سنة 1939، كذلك الحرب العالمية الثانية أدى إلى تعليق الدستور وعودة البلاد إلى الحكم المباشر، حيث كانت البلاد خاضعة لحكومة فيشي حتى سنة 1941 عندما سيطر الحلفاء عليها. لقد أسس شارل ديغول استقلاله وأعاد الدستور، وبعد الحرب العالمية الثانية أدت انتفاضة الاستقلال، إلى إجلاء الفرنسيين من جميع الأراضي السورية.
كان المندوب السامي الفرنسي يقيم في بيروت، وله صلاحيات مطلقة في التشريع والتعيين، كذلك تعيين موظفين فرنسيين في الوزارات والدوائر الحكومية كمستشارين. أما المحاكم فقد اختلطت بالقضاة السوريين والفرنسيين، بعد إقرار الدستور تقلصت صلاحيات المفوض الفرنسي، حيث أنه أضاف مادة تنص على “حصر العمل في أي مادة تتعارض مع وثيقة الانتداب”، كانت الفرنسية هي اللغة الرسمية للدولة السورية إلى جانب اللغة العربية، وترك الفرنسيون آثارهم على التنظيم الإداري والعسكري السوري الذي تأثر فيما بعد. في عهد الجمهورية الثانية من قبل الاتحاد السوفييتي، وتركوا آثاراً واضحة في تخطيط وتنظيم المدن السورية.
في سنة 1930، لقد تم اعتماد دستور جديد لسوريا وإعلانه “الجمهورية السورية”، حيث تم اعتماد علم جديد يتكون من ثلاثة قضبان متقاطعة، من أعلى إلى أسفل: أخضر، أبيض، أسود وفي وسطها كانت ثلاث نجوم حمراء ترمز إلى المحافظات الثلاث؛ دمشق وحلب ودير الزور.
في سنة 1936، تم التوقيع على معاهدة الاستقلال مع فرنسا لتوحيد جميع المناطق السورية، بما في ذلك ولايتي اللاذقية وجبل الدرزية. لكن فرنسا رفضت الانضمام إلى منطقة جبل لبنان لهذه الدولة الموحدة، بسبب معارضة الموارنة وهم أصدقاء فرنسا ويؤيدون الانفصال بقوة.
أما مسلمو لبنان فكان موقفهم واضحاً، ضد التقسيم منذ البداية واحتجوا وعصوا تمسكهم بالوطن سوريا. بالإضافة إلى جبل لبنان فقد تم اقتطاع أربع مناطق أخرى (بيروت، طرابلس، البقاع، صيدا) من سوريا وضمها إلى لبنان، التي أصبحت تعرف بلبنان الكبير، ثم تحولت فيما بعد إلى الجمهورية اللبنانية.


شارك المقالة: