ما هو حزب العدالة والتنمية؟

اقرأ في هذا المقال


المختصر رسمياً حزب العدالة والتنمية بالتركية كاختصار هو حزب سياسي محافظ في تركيا ويعتبر البعض الحزب إسلامياً وهي اتهامات ينفيها الحزب بشدة.

لمحة عن حزب العدالة والتنمية:

تطور الحزب من التقاليد المحافظة لتركيا في الماضي العثماني وهويتها الإسلامية وهو الحزب الأكبر في تركيا، حيث تأسس الحزب في سنة 2001 من قبل أعضاء عدد من الأحزاب المحافظة القائمة، وقد فاز الحزب بالتعددية في آخر ستة انتخابات تشريعية، حيث حصل الحزب على أغلبية المقاعد لمدة 13 سنة، لكنه خسرها في يونيو 2015 فقط لاستعادتها في انتخابات مبكرة في نوفمبر 2015 ثم خسرها مرة أخرى في عام 2018.

وقد انعكس نجاحه الانتخابي السابق في الانتخابات المحلية الثلاثة التي أجريت منذ تأسيس الحزب، والتي جاءت أولاً في 2004 و2009 و2014 على التوالي، لكن الحزب خسر معظم المدن التركية الكبرى بما في ذلك إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية 2019، التي تعزى إلى الأزمة الاقتصادية التركية واتهامات بالاستبداد فضلاً عن تقاعس الحكومة المزعوم عن أزمة اللاجئين السوريين وزعيم الحزب الحالي هو رجب طيب أردوغان الرئيس الحالي لتركيا.

بعد مدة وجيزة من تشكيله صور حزب العدالة والتنمية نفسه على أنه حزب مناصر للغرب مؤيد لأمريكا في الطيف السياسي التركي الذي دعا إلى اقتصاد السوق الليبرالي، بما في ذلك العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي، حيث كان الحزب مدعوماً لفترة طويلة من قبل حركة “سيمات” التي يتزعمها رجل الدين الإسلامي المنفي فتح الله غولن، والذي ساعد تأثيره في القضاء على إضعاف المعارضة ضد حزب العدالة والتنمية.

لقد كان الحزب مراقباً في حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط بين سنة 2005 و2013، وعضو في التحالف المتشكك في الاتحاد الأوروبي للمحافظين والإصلاحيين في أوروبا (ACRE) من 2013 إلى 2018.

في الفترة من 2002 إلى 2011 أجاز الحزب سلسلة من الإصلاحات لزيادة إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية والإسكان وتوزيع الدعم الغذائي وزيادة التمويل للطلاب وتحسين البنية التحتية في الأحياء الفقيرة وتحسين حقوق الأقليات الدينية والعرقية، كما تم اعتماد حزب العدالة والتنمية على نطاق واسع للتغلب على الأزمة الاقتصادية لسنة 2001 في تركيا، من خلال اتباع إرشادات صندوق النقد الدولي بالإضافة إلى النجاح في التغلب على الأزمة المالية لعام 2008.

من 2002 إلى 2011 نما الاقتصاد التركي في المتوسط ​​بنسبة 7.5 في المائة سنوياً بفضل انخفاض التضخم وأسعار الفائدة، كما دعمت الحكومة تحت حكم حزب العدالة والتنمية برامج خصخصة واسعة النطاق.

ارتفع متوسط ​​الدخل في تركيا من 2800 دولار أمريكي في سنة 2001 إلى حوالي 10000 دولار أمريكي في سنة 2011 وهو أعلى من الدخل في بعض الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي، حيث شملت الإصلاحات الأخرى زيادة التمثيل المدني على الجيش في مجالات الأمن القومي والتعليم والإعلام ومنح البث وزيادة الحقوق الثقافية للأكراد.

في قبرص دعم حزب العدالة والتنمية توحيد قبرص وهو أمر عارضه بشدة الجيش التركي، حيث شملت إصلاحات حزب العدالة والتنمية الأخرى رفع الحظر على اللباس الديني والمحافظ مثل: الحجاب في الجامعات والمؤسسات العامة، كما أنهى حزب العدالة والتنمية التمييز ضد الطلاب من المدارس الثانوية الدينية الذين كان عليهم سابقاً تلبية معايير إضافية في مجالات التعليم وعند الالتحاق بالجامعات، كما تم اعتماد حزب العدالة والتنمية أيضاً لإخضاع الجيش التركي للحكم المدني وهو تحول نموذجي لبلد شهد تدخلاً عسكرياً مستمراً لمدة قرن تقريباً.

سيطرت الخلافات حول ما إذا كان الحزب لا يزال ملتزماً بالمبادئ العلمانية المنصوص عليها في الدستور التركي على السياسة التركية منذ سنة 2002، حيث الدستور التركي يقر الدولة كدولة علمانية ويحظر أي أحزاب سياسية تروج للإسلاموية أو قانون الشريعة، أيضاً اتهم بعض النشطاء والمعلقين والمعارضين والمسؤولين الحكوميين الحزب بالإسلاموية مما أدى إلى عدم نجاح قضايا إغلاق مثل: قضية سنة 2008 التي نجمت عن رفع حظر جامعي طويل الأمد على الحجاب.

ينفي الحزب مزاعم الإسلاموية ويؤكد أنه ملتزم بالعلمانية منذ وصوله إلى السلطة، حيث فرض الحزب لوائح أكثر صرامة على الإجهاض وضرائب أعلى على استهلاك الكحول مما أدى إلى مزاعم بأنه يقوض العلمانية التركية سراً.

تاريخ حزب العدالة والتنمية:

تم تأسيس حزب العدالة والتنمية من قبل مجموعة واسعة من السياسيين من مختلف الأحزاب السياسية وعدد من السياسيين الجدد في سنة 2001، حيث تم تشكيل جوهر الحزب من الفصيل الإصلاحي لحزب الفضيلة الإسلامي بما في ذلك أشخاص مثل عبد الله جول وبولنت أرينش، بينما تألفت المجموعة التأسيسية الثانية من أعضاء حزب الوطن الأم الاجتماعي المحافظ الذين كانوا مقربين من تورغوت أوزال مثل: جميل جيجك وعبد القادر أكسو.

لقد انضم بعض أعضاء حزب الطريق الحقيقي مثل: حسين جيليك وكوكسال توبتان إلى حزب العدالة والتنمية، حيث كان لبعض الأعضاء مثل: كورشاد توزمن قوميين أو أرطغرل غوناي خلفيات يسار الوسط بينما تم استبعاد ممثلي تيار “اليسار المسلم” الناشئ إلى حد كبير، بالإضافة إلى انضم عدد كبير من الأشخاص إلى حزب سياسي لأول مرة مثل: علي باباجان وسلمى علي كفاف وإجمين باغيش ومولوت جاويش أوغلو.

واجه حزب العدالة والتنمية قضيتين إغلاق في تاريخه قبل 10 أيام فقط من الانتخابات الوطنية لسنة 2002 طلب المدعي العام التركي صبيح كانادوغلو  من المحكمة الدستورية التركية إغلاق حزب العدالة والتنمية، الذي كان متقدماً في الانتخابات في ذلك الوقت، حيث اتهم المدعي العام حزب العدالة والتنمية بإساءة استغلال القانون والعدالة وقد استند في قضيته إلى حقيقة أن زعيم الحزب قد منع من الحياة السياسية لقراءة قصيدة إسلامية، وبالتالي لم يكن للحزب أي مكان في الانتخابات وكانت المفوضية الأوروبية قد انتقدت تركيا في وقت سابق لمنع زعيم الحزب من المشاركة في الانتخابات.

واجه الحزب مرة أخرى محاكمة إغلاق في سنة 2008 ففي مؤتمر صحفي دولي في إسبانيا وأجاب أردوغان على سؤال صحفي بقوله: “ماذا لو كان الحجاب رمزاً؟ حتى لو كان رمزاً سياسياً فهل هذا يعطي الحق في منعه؟ هل يمكنك فرض المحظورات على الرموز؟.

أدت هذه التصريحات إلى اقتراح مشترك من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية اليميني المتطرف لتغيير الدستور والقانون لرفع الحظر على ارتداء النساء للحجاب في جامعات الدولة، بعد ذلك بوقت قصير طلب المدعي العام التركي عبد الرحمن يالجينكايا من المحكمة الدستورية التركية إغلاق الحزب بتهمة انتهاك الفصل بين الدين والدولة في تركيا، حيث فشل طلب الإغلاق بأغلبية صوت واحد فقط ووافق 6 قضاة فقط من أصل 11 مع وجود 7 مطلوبين، مع ذلك وافق 10 من 11 قاضياً على أن حزب العدالة والتنمية أصبح “مركزاً للأنشطة المناهضة للعلمانية” مما أدى إلى خسارة 50٪ من تمويل الدولة للحزب.

إيدلوجية حزب العدالة والتنمية:

على الرغم من وصف الحزب في بعض وسائل الإعلام بأنه حزب إسلامي إلا أن مسؤولي الحزب يرفضون هذه المزاعم، ووفقاً للوزير السابق حسين جيليك “في الصحافة الغربية عندما يتم تسمية إدارة حزب العدالة والتنمية – الحزب الحاكم للجمهورية التركية – للأسف في معظم الأوقات بإسلامية”.

هذه التوصيفات لا تعكس الحقيقة وهي تحزنناً وأضاف جيليك: “حزب العدالة والتنمية هو حزب ديمقراطي محافظ”، حيث يقتصر حزب العدالة والتنمية المحافظ على القضايا الأخلاقية والاجتماعية، وفي خطاب منفصل ألقاه في سنة 2005 صرح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان “نحن لسنا حزباً إسلامياً ونرفض أيضاً تسميات مثل: مسلم-ديمقراطي”، حيث مضى أردوغان في القول إن أجندة حزب العدالة والتنمية تقتصر على الديمقراطية المحافظة.

في السنوات الأخيرة تحولت إيديولوجية الحزب أكثر نحو القومية التركية، مما تسبب في مغادرة الليبراليين مثل: علي باباجان وبعض المحافظين مثل: أحمد داوود أوغلو وعبد الله جول.

كما تم وصف السياسة الخارجية للحزب على نطاق واسع بأنها عثمانية جديدة وهي إيديولوجية تروج للمشاركة السياسية التركية المتجددة في الأراضي السابقة للدولة التي سبقتها الإمبراطورية العثمانية. ومع ذلك رفضت قيادة الحزب هذه التسمية أيضاً أثارت علاقة الحزب بجماعة الإخوان المسلمين مزاعم بالإسلاموية.

نقد حزب العدالة والتنمية:

اتهم منتقدون حزب العدالة والتنمية بأن لديه “أجندة خفية” على الرغم من تأييده العلني للعلمانية ويحافظ الحزب على علاقات غير رسمية ودعم للإخوان المسلمين، حيث ينظر إلى كل من السياسة الداخلية والخارجية للحزب على أنها وحدة إسلامية أو عثمانية جديدة وتدعو إلى إحياء الثقافة العثمانية على حساب المبادئ الجمهورية العلمانية مع زيادة الوجود الإقليمي في الأراضي العثمانية السابقة.

لقد تم انتقاد حزب العدالة والتنمية لدعمه حملة تطهير واسعة النطاق لآلاف الأكاديميين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في سنة 2016، حيث أجبر طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية على قضاء اليوم الأول من المدرسة بعد الانقلاب الفاشل في مشاهدة مقاطع الفيديو حول “انتصار الديمقراطية” على المتآمرين، أيضاً الاستماع إلى الخطب التي تساوي بين الانقلاب المدني المضاد الذي أجهض الاستيلاء على السلطة والانتصارات العثمانية التاريخية التي تعود إلى ما قبل 1000 سنة، حيث تم تنظيم حملات للإفراج عن موظفي التعليم العالي وإسقاط التهم الموجهة إليهم بسبب الممارسة السلمية للحرية الأكاديمية.


شارك المقالة: