ما هو مصطلح ما بعد الهيمنة؟

اقرأ في هذا المقال


الهيمنة هي نوع غير مباشر من الحكومة السيادية الإمبراطورية، التي تمارس فيها الدولة المهيمنة قيادة جيوسياسية على الدول، التي يسيطر عليها استعمال القوة عوضاً من السيطرة العسكرية المباشرة. بالنسبة لليونانيين فقد كان هذا النوع من الحكومات يعني السيطرة على دولة من قبل دول أخرى. خلال القرن التاسع عشر الميلادي لقد كان مصطلح الهيمنة، يعني الهيمنة الثقافية لبلد ما على البلدان الأخرى، حيث كانت البلدان الأوروبية في ذلك الوقت، تطمح إلى السيطرة على أفريقيا وآسيا كقوى عظمى.

مفهوم ما بعد الهيمنة:

يعتبر مصطلح ما بعد الهيمنة هو مفهوم يحدد فترة أو حالة تنتهي فيها آلية الهيمنة، كمبدأ تنظيمي لنظام اجتماعي وطني أو ما بعد وطني، أو منظمة للعلاقات بين الدول القومية وعبرها في عالم النظام. هذا المفهوم له معاني مختلفة في مجالات النظرية السياسية والدراسات الثقافية والعلاقات الدولية.

مبدأ ما بعد الهيمنة في الدراسات الثقافية:

لقد تم تطوير مبدأ ما بعد الهيمنة في مجال الدراسات الثقافية، من قبل مجموعة من النقاد الذين يتعامل عملهم مع استخدام نظرية الهيمنة الثقافية، وينتقدها في كتابات إرنستو لاكلاو وفي دراسات المتابعين. لقد كان جورج يوديس من أوائل المعلقين الذين حددوا خلفية ظهور هذا المبدأ في سنة 1995.
يتوافق التحول وراء نظرية الفوردية والتغيرات الأخرى في وسائل الإنتاج، مع حالة الضعف الخطابي في الخطاب الوطني وأجهزة الدولة، خصوصاً الأنظمة التعليمية. هذا لا يعني أن البلد نفسه قد تم إضعافه، بل عادت الدولة إلى وضعها السابق من أجل التكيف مع الأنماط الجديدة للتنظيم وتراكم رأس المال. يعد التراكم المرن وثقافة الاستهلاك ونظام المعلومات العالمي الجديد، هي عوامل تم إنتاجها أو توزيعها عالمياً، جعلها تتدفق بحيث تحتل مساحة الدولة، لكن هذه العوامل لم تعد مدفوعة بأي روابط أساسية مع الدولة، كما يتجسد في التكوين المشترك على الصعيد الوطني. فإن دوافعهم هي من دون الدولة أو فوق الدولة. هنا يمكننا أن نقول أن حالة ما بعد الهيمنة مستمرة من منظور سمو الوطنية، من ثم فإن الحل الوسط الذي جلبته الثقافة إلى جرامشي، ليس الحل المرتبط الآن بالمستوى الوطني بل أيضاً بالمستوى المحلي وعبر الوطني. بدلاً من ذلك فإن إيديولوجية ثقافة المستهلك تطبيع الرأسمالية العالمية في أي مكان.
يرتبط مفهوم ما بعد الهيمنة بظهور الأغلبية كقوة اجتماعية، حيث لا يمكن احتواؤها داخل الهيمنة على عكس الشعب، إلى جانب أدوار التأثير والإبداع في آليات الرقابة الاجتماعية والوكالة. لقد تأثر مصطلح ما بعد الهيمنة والمصطلحات المرتبطة به بعمل جيل ديلوز، فيليكس جوتاري، بيير بورديو، مايكل هارت وأنطونيو نيغري، حول القوى فوق الوطنية ودون الوطنية، التي قيل إنها قامت بصنع أشكال وطنية قومية للقمع والانسجام عفا عليها الزمن، من خلال هذا تعتقد أنطونيو جرامشي أنها قامت بالتأسيس للسيطرة وتشكيل المجتمع.
تتوافق ميزات ما بعد الهيمنة إلى حد كبير مع ميزات ما بعد الحداثة. هكذا فإن نظرية ما بعد الهيمنة تنص على أن الإيديولوجية لم تعد القوة الدافعة السياسية في آليات التحكم الاجتماعي، وأن النظرية الحديثة للهيمنة التي تعتمد على الإيديولوجية لم تعد تعكس النظام الاجتماعي بدقة. يقول بعض المعلقين أيضاً أن التاريخ كما وصفه كارل ماركس ليس صراع الطبقات الاجتماعية، بل هو صراع من أجل خلق طبقات اجتماعية.
يتزامن مبدأ ما بعد الهيمنة أيضاً مع أعمال نظرية فوكو، بعد ميشيل مثل جورجيو أغامبين. بناء على مناقشة أجامين حول حالة الاستثناء، كتب نيكولاس طومسون أنه من المحتمل أن إعادة العلاقة، بين القانون والأزمات الاقتصادية والعسكرية السياسية والتدخلات، التي تنشأ في حالة الاستثناء تحذر من أن عصر الهيمنة انتهى.

نقد ما بعد الهيمنة:

لقد كانت من ضمن الانتقادات التي تم توجيهها، إلى مبدأ ما بعد الهيمنة نقد ريتشارد جونسون، حيث كانت تتركز على انخفاض واضح في التعقيد الاجتماعي. بالإضافة لقد لخص جونسون إلى أن الإنجاز المهم لمشروع ما بعد الهيمنة، هو تجميع العديد من سمات ما بعد الهجوم في 11 سبتمبر في صورة خيالية واحدة، التي تحلل أيضاً الاتجاهات المختلفة في النظرية الاجتماعية المعاصرة. لكنه يقول: “من الغريب أن تكون النتيجة نهاية الهيمنة بدلاً من ولادة قوة هيمنة جديدة”. لذلك بالتالي فإنه يدعو إلى إحياء مفهوم الهيمنة بدلاً من التخلي عنها.


شارك المقالة: