اقرأ في هذا المقال
- لمحة عن المحافظة الرحيمة
- أصل المحافظة الرحيمة
- المحافظة الرحيمة كواصف سياسي
- المحافظة الرحيمة في المملكة المتحدة
المحافظة الرحيمة هي فلسفة سياسية أمريكية تؤكد على استخدام الأساليب والمفاهيم المحافظة؛ من أجل تحسين الرفاهية العامة للمجتمع. تدعم الفلسفة تنفيذ السياسات المصممة لمساعدة المحرومين وتخفيف حدة الفقر من خلال السوق الحرة، مع تصور علاقة ثلاثية بين الحكومة والجمعيات الخيرية والمنظمات الدينية.
لمحة عن المحافظة الرحيمة:
أحياناُ ما ينسب المصطلح نفسه إلى السياسي الأمريكي دوغ ويد الذي استعمله كعنوان لخطاب في سنة 1979، على الرغم من أن أصوله تكمن في الغالب في المبادئ الاقتصادية المقبولة، فقد تم انتقاد بعض تطبيقاته على أنه أبوية.
تم تبني هذه التسمية والفلسفة من قبل السياسيين الجمهوريين والديمقراطيين منذ ذلك الحين، على الرغم من أنها ارتبطت بقوة في الآونة الأخيرة بالرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، الذي استخدم المصطلح بشكل شائع لوصف آرائه الشخصية.
الرؤساء الأمريكيون الآخرون مثل: ثيودور روزفلت وويليام هوارد تافت ودوايت أيزنهاور تم وصفهم أيضاً بالمحافظين الرحيمين، حيث تم استخدام المصطلح أيضاً في المملكة المتحدة من قبل رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وفي نيوزيلندا من قبل رئيس الوزراء السابق جون كي، أيضاً تم تطبيق مصطلح المحافظة الرحيمة على الأحزاب السياسية الديمقراطية المسيحية.
أصل المحافظة الرحيمة:
ربما كان المؤرخ والمستشار الرئاسي دوغ ويد هو أول شخص يستخدم عبارة “محافظ رحيم”، ففي سنة 1977 كتب ويد كتاباً عن كولكاتا بالهند بعنوان اللمسة الرحيمة، وفي سنة 1979 ألقى خطاباً شعبياً بعنوان “المحافظ الرحيم” في حفل العشاء الخيري السنوي بواشنطن، حيث تم بيع شرائط الخطاب في جميع أنحاء البلاد في ندوات الشركات.
أكد ويد أن سياسات المحافظين الجمهوريين يجب أن تكون مدفوعة بالتعاطف وليس حماية الوضع الراهن، حيث أعلن ويد أنه “محافظ ينزف قلبه” بمعنى أنه يعتني بالناس ويؤمن بصدق أن السوق الحرة أفضل للفقراء، ففي سنة 1981 في استخدام ربما لا علاقة له قال فيرنون جوردان من الرابطة الوطنية الحضرية لإدارة ريغان: “أنا لا أتحدى النزعة المحافظة لهذه الإدارة، أنا أتحدى فشلها في إظهار نزعة محافظة عطوفة تكيف نفسها مع حقائق مجتمع يمزقه التمييز الطبقي والعرقي”.
في وقت سابق من العام نفسه أعلن الجمهوري راي شامي “أؤمن بالمحافظة الحكيمة والعاطفة”، وفي يونيو 1986 كتب ويد مقالاً في صحيفة كريستيان هيرالد يصف نائب الرئيس آنذاك جورج بوش الأب الذي عمل كمساعد له بأنه “محافظ عطوف”، أيضاً طبقاً للصحافي جاكوب وايسبرغ، فإن جورج دبليو بوش نجل جورج بوش الأب التقط لأول مرة مصطلح “المحافظ الرحيم” من ويد في سنة 1987.
في سنة 1992 عندما ترشح دوج ويد لممثل الولايات المتحدة من ولاية أريزونا كتب كتاباً بعنوان “حان وقت التغيير”، حيث كان الفصل الأول يسمى “المحافظ الرحيم” وحدد فلسفة ويد القائلة بأن الجماهير لا تهتم إذا كانت السياسات الجمهورية ناجحة إذا كان الموقف والغرض من وراء السياسات غير مكترثين.
يصر البعض على أن العقيدة اخترعها الدكتور مارفن أولاسكي الذي ذهب لإحياء ذكرى ذلك في كتابيه تجديد الرحمة الأمريكية سنة 1996 و(Compassionate Conservatism): ما هو وماذا يفعل وكيف يمكن أن يحول أمريكا سنة 2000 و مايرون ماجنت من معهد مانهاتن، حيث أطلق على Olasky لقب “الأب الروحي للمحافظة الرحيمة”.
انتشرت العبارة عندما تبناها جورج دبليو بوش كأحد شعاراته الرئيسية خلال حملته الرئاسية سنة 2000 ضد آل جور، حيث كتب بوش أيضاً مقدمة لكتاب (Olasky Compassionate Conservatism) وقال Olasky: “إن آخرين توصلوا إلى المصطلح أولاً”.
المحافظة الرحيمة كواصف سياسي:
تم تعريف المحافظة الوجدانية على أنها الإيمان بأن المحافظة والرحمة يكمل كل منهما الآخر، قد يرى المحافظ الرحيم المشكلات الاجتماعية للولايات المتحدة مثل: الرعاية الصحية أو الهجرة على أنها قضايا يتم حلها بشكل أفضل من خلال التعاون مع الشركات الخاصة والجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية بدلاً من الدوائر الحكومية مباشرة، أيضاً كما قال مايكل جيرسون كاتب الخطابات السابق لبوش “المحافظة الرحيمة هي النظرية القائلة بأنه يجب على الحكومة أن تشجع التوفير الفعال للخدمات الاجتماعية دون تقديم الخدمة نفسها”.
قال ماجنت وأولاسكي إن النزعة المحافظة الوجدانية في القرن التاسع عشر استندت جزئياً إلى العقيدة المسيحية للخطيئة الأصلية، التي كانت ترى أن “الإنسان خاطئ ومن المرجح أنه يريد شيئاً مقابل لا شيء وطبيعة الإنسان الخاطئة تؤدي إلى التراخي”.
بدأ بوش رئاسته على أمل أن يجعل من المحافظة الرحيمة محوره وبعد هجمات 11 سبتمبر سنة 2001 لم يركز كثيراً على هذا الموضوع، لكن وفقاً للأستاذ والمؤلف إيرا تشيرنوس أصبحت أفكاره الأساسية مركزية في خطابه حول الحرب على الإرهاب.
كتب نيكولاس ليمان في مجلة (New Yorker) في سنة 2015 أن وصف جورج دبليو بوش لنفسه في حملة سنة 2000 بأنه “محافظ متعاطف” كان غامضاً إلى حد كبير – سمعه الليبراليون، على أنه “أنا لست متحفظاً تماماً “وسمعها المحافظون على أنها “أنا شديد التدين” وكانت تدور حوله كشخص وليس كبرنامج”.
في خطاب ألقاه في يوليو 1999 أمام مجلس القيادة الديمقراطية انتقد الرئيس آنذاك بيل كلينتون الوصف الذاتي لبوش “المحافظ الرحيم” قائلاً: “هذه المحافظة المتعاطفة لها تأثير كبير كما تعلمون؟ إنها تبدو جيدة، لقد عملت بجد لمحاولة اكتشاف ما يعنيه ذلك … لقد بذلت مجهوداً صادقاً وبالقرب مما يمكنني قوله هذا ما يعنيه”: إنه يعني “أنا معجب بك وأريد أن أكون من أجل قانون حقوق المرضى وأود أن أكون مع إغلاق ثغرة عرض الأسلحة، أيضاً أود عدم تبديد الفائض، كما تعلم حفظ الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية للجيل القادم وأنا أود رفع الحد الأدنى للأجور أود أن أفعل هذه الأشياء لكني لا أستطيع وأشعر بالسوء حيال ذلك”.
وبالمثل في ديسمبر 2005 رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير في حديثه في مجلس العموم قال: “الفرق الوحيد بين المحافظة المتعاطفة والمحافظة هو أنهم في ظل نزعة محافظة عطوفة يخبرونك أنهم لن يساعدك لكنهم حقا آسفون لذلك”.
المحافظة الرحيمة في المملكة المتحدة:
وفقاً لتقرير صدر سنة 2006 من قبل مؤسسة الأبحاث البريطانية بوليسي إكستشينج كان مصطلح “المحافظ الرحيم” “أحد أبرز المواضيع” لحزب المحافظين تحت حكم ديفيد كاميرون، ففي الخطب وبيان الحزب حول أهدافه وقيمه في عامي 2005 و2006 أكد كاميرون وغيره من كبار المحافظين على موضوع (المحافظة الحديثة والعاطفة).
في مؤتمر حزب المحافظين 2011 أصدر الحزب كتيباً بعنوان (Modern Compassionate Conservatism) وقال كبار القادة مثل: كاميرون ووزير الخارجية ويليام هيغ “إن ذلك دفع باتجاه سياسات عطوفة و محبوبة”، ففي سنة 2015 وصف مايكل جوف ديفيد كاميرون بأنه محافظ حديث عطوف.