اقرأ في هذا المقال
- لمحة عن مناهضة النزعة الاستهلاكية
- خلفية مناهضة النزعة الاستهلاكية
- السياسة والمجتمع في مناهضة النزعة الاستهلاكية
- نقد مناهضة النزعة الاستهلاكية
- مناهضة النزعة الاستهلاكية في وسائل الإعلام الشعبية
هي إيديولوجية اجتماعية – سياسية تعارض النزعة الاستهلاكية وشراء واستهلاك الممتلكات المادية باستمرار. وتهتم مكافحة النزعة الاستهلاكية بالإجراءات الخاصة لشركات الأعمال في السعي لتحقيق أهداف مالية واقتصادية على حساب الرفاهية العامة، لا سيما في مسائل حماية البيئة والطبقات الاجتماعية والأخلاق في إدارة المجتمع.
لمحة عن مناهضة النزعة الاستهلاكية:
في السياسة تتداخل مكافحة النزعة الاستهلاكية مع الأنشطة البيئية ومناهضة العولمة وأنشطة حقوق الحيوان، بناء على ذلك فإن التمييز المفاهيمي لمكافحة الاستهلاك هو ما بعد الاستهلاك ويعيش بأسلوب مادي يتجاوز الاستهلاكية.
برزت مكافحة النزعة الاستهلاكية تفاعلاً للمشاكل التي نجمت عن إساءة معاملة المستهلكين من البشر والحيوانات المستهلكة على المدى الطويل وإدماج تعليم المستهلك في المناهج المدرسية، حيث من الأمثلة على مناهضة النزعة الاستهلاكية كتاب (No Logo 2000) من تأليف (Naomi Klein) والأفلام الوثائقية مثل: (The Corporation 2003) لمارك أشبار وجنيفر أبوت والفائض: الإرهاب في كونهم مستهلكين (2003) لإريك غانديني كل منها جعل النشاط المناهض للشركات شائعاً باعتباره شكلاً إيديولوجياً متاحاً للعمل المدني والسياسي.
إن انتقاد المادية الاقتصادية كسلوك غير إنساني ومدمر للأرض كموطن بشري يأتي من الدين والنشاط الاجتماعي، حيث يؤكد النقد الديني أن الاستهلاك المادي يتدخل في العلاقة بين الفرد والله وبالتالي فهو أسلوب حياة غير أخلاقي بطبيعته وهكذا قال المؤرخ الألماني أوزوالد شبنجلر (1880 – 1936) أن “الحياة في أمريكا اقتصادية بشكل حصري وتفتقر إلى العمق”.
من منظور الروم الكاثوليك قال توماس الأكويني إن “الجشع خطيئة ضد الله كما كل الخطايا المميتة بقدر ما يدين الإنسان الأشياء الأبدية من أجل الأشياء الزمنية”، في هذا السياق قال فرنسيس الأسيزي وعمون حناسي ومهندس غاندي إن الإلهام الروحي وجههم نحو العيش البسيط، حيث من المنظور العلماني يشير النشاط الاجتماعي إلى أن من المادية الاستهلاكية تستمد الجريمة التي تنشأ من فقر عدم المساواة الاقتصادية والتلوث الصناعي وما يترتب على ذلك من تدهور البيئة والحرب كعمل تجاري.
حول الاستياء المجتمعي الناجم عن الشعور بالضيق والمتع قال البابا بنديكتوس السادس عشر إن فلسفة المادية لا تقدم أي مبرر لوجود الإنسان، بالمثل قال الكاتب جورج دوهاميل أن “المادية الأمريكية هي منارة للوسطاء التي هددت بالقضاء على الحضارة الفرنسية”.
خلفية مناهضة النزعة الاستهلاكية:
نشأت مناهضة النزعة الاستهلاكية من نقد الاستهلاك بدءاً من (Thorstein Veblen) الذي أشار في كتابه سنة Theory of the Leisure Class) 1899) إلى أن النزعة الاستهلاكية تعود إلى مهد الحضارة، حيث يشير مصطلح الاستهلاكية أيضاً إلى السياسات الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد الكينزي والاعتقاد بأن الاختيار الحر للمستهلكين يجب أن يملي الهيكل الاقتصادي للمجتمع.
السياسة والمجتمع في مناهضة النزعة الاستهلاكية:
يعتقد العديد من النشطاء المناهضين للشركات أن ظهور الشركات الكبيرة يمثل تهديداً للسلطة الشرعية للدول القومية والمجال العام، حيث إنهم يشعرون أن الشركات تغزو خصوصية الناس وتتلاعب بالسياسة والحكومات وتخلق احتياجات زائفة لدى المستهلكين، لذلك هي تشير إلى أدلة مثل البرامج الإعلانية الغازية والبريد العشوائي والتسويق عبر الهاتف والإعلانات التي تستهدف الأطفال والتسويق العدواني لحرب العصابات ومساهمات حملات الشركات الضخمة في الانتخابات السياسية، أيضاً التدخل في سياسات الدول القومية ذات السيادة كين سارو ويوا وقصص إخبارية عن الشركات الفساد (إنرون على سبيل المثال).
يشير المتظاهرون المناهضون للاستهلاك إلى أن المسؤولية الرئيسية للشركة هي مسؤولية المساهمين فقط وعدم إعطاء حقوق الإنسان والقضايا الأخرى أي اعتبار تقريباً، حيث تتحمل الإدارة مسؤولية أساسية تجاه مساهميها نظراً لأن أي أنشطة خيرية لا تخدم العمل بشكل مباشر يمكن اعتبارها خرقاً للثقة.
هذا النوع من المسؤولية المالية تقصد أن الشركات متعددة الجنسيات سوف تتبع خطط من أجل تكثيف العمالة وخفض التكاليف، على سبيل المثال سوف يحاولون إيجاد اقتصادات قليلة الأجور ذات قوانين متساهلة بصورة ملائمة مع حقوق الإنسان والبيئة الطبيعية وتنظيم النقابات وما إلى ذلك على سبيل المثال: (Nike).
لقد قدم الفيلسوف الفرنسي برنارد ستيجلر مساهمة مهمة في نقد النزعة الاستهلاكية، حيث قال إن الرأسمالية الحديثة محكومة بالاستهلاك وليس الإنتاج وأن تقنيات الإعلان المستخدمة لخلق سلوك المستهلك تصل إلى حد تدمير الفرد النفسي والجماعي، أيضاً يقول إن تحويل الطاقة الليبيدية نحو استهلاك المنتجات الاستهلاكية يؤدي إلى دورة استهلاك إدمانية تؤدي إلى الاستهلاك المفرط واستنفاد الرغبة وعهد البؤس الرمزي.
الاستهلاكية والإعلان:
يعتقد المناهضون للمستهلكين أن الإعلان يلعب دوراً كبيراً في حياة الإنسان من خلال إعلام قيم وافتراضات النظام الثقافي واعتبار ما هو مقبول وتحديد المعايير الاجتماعية، حيث يعلنون أن الإعلانات تخلق عالماً فائق الواقعية حيث تظهر السلع كمفتاح لتأمين السعادة.
يستشهد المناهضون للمستهلكين بدراسات وجدت أن الأفراد يعتقدون أن نوعية حياتهم تتحسن فيما يتعلق بالقيم الاجتماعية التي تقع خارج قدرة السوق، لذلك يحاول الإعلان مساواة الاجتماعي بالمادة من خلال استخدام الصور والشعارات لربط السلع بالمصادر الحقيقية للسعادة الإنسانية مثل: العلاقات الهادفة.
نقد مناهضة النزعة الاستهلاكية:
لقد اتهم منتقدو معاداة الاستهلاك المناهضين للمستهلكين بمعارضة الحداثة أو النفعية بحجة أنه يمكن أن يؤدي إلى النخبوية، في المقام الأول بين وجهات النظر التحررية الذين يجادلون بأن كل شخص يجب أن يقرر مستوى استهلاكه بشكل مستقل عن التأثير الخارجي، حيث يرى النقاد اليمينيون أن النزعة الاستهلاكية متجذرة في الاشتراكية.
في سنة 1999 هاجمت المجلة اليمينية الليبرتارية (Reason) معاداة النزعة الاستهلاكية زاعمة أن الأكاديميين الماركسيين يعيدون تغليف أنفسهم على أنهم مناهضون للمستهلكين، حيث أشار جيمس بي تويتشل الأستاذ بجامعة فلوريدا والكاتب المشهور إلى الحجج المناهضة للمستهلكين باسم “الماركسية الخفيفة”.
لقد كان هناك أيضاً نقاد اشتراكيون لمناهضة الاستهلاكية يرون أنها شكل من أشكال “الاشتراكية الرجعية” المناهضة للحداثة، حيث يذكرون أن مناهضة الاستهلاك قد تبناها أيضاً المحافظون المتطرفون والفاشيون.
مناهضة النزعة الاستهلاكية في وسائل الإعلام الشعبية:
في (Fight Club) يجد البطل نفسه يشارك في أعمال إرهابية ضد مجتمع الشركات وثقافة المستهلك، ففي السيد روبوت انضم إليوت ألدرسون مهندس الأمن السيبراني الشاب إلى مجموعة قراصنة تعرف باسم (fsociety) التي تهدف إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي والقضاء على جميع الديون.
في رواية (American Psycho) للكاتب بريت إيستون إليس انتقد بطل الرواية باتريك بيتمان المجتمع الاستهلاكي لأمريكا في الثمانينيات الذي يجسده، ففي وقت لاحق ذهب في موجة قتل دون أي عواقب، مما يشير إلى أن الأشخاص من حوله يمتصون أنفسهم ويركزون على الأكل لدرجة أنهم إما لا يرون أو لا يهتمون بأفعاله.