ما لا تعرفه عن الحارثي:
هو محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي، يُكنى بأبو الفضل، لُقّب بمؤيد الدين، كان طبيباً وعالماً وفيلسوفاً عربياً مُسلماً، إضافةً إلى كونه مهندساً ورياضياً ونحاتاً، حقق العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في تقدّم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، إلى جانب دورها في زيادة مكانته وقيمته العلمية والثقافية.
كان أبو الفضل من مواليد مدينة دمشق التي قضى مُعظم حياته فيها كما أنّه توفّي ودفن فيها، حيث ولد في حوالي عام”529″ للهجرة، كما أنّه كان ينتمي لواحدة من الأسر العريقة والمعروفة بعلمها وثقافتها في ذلك الزمان، إلى جانب حثها الدائم على ضرورة اعتماد كل فرد من أفرادها على نفسه؛ الأمر الذي جعل من أبو الفضل شخصيةً عملية قبل أن تكون علمية.
عُرف عن أبو الفضل أنّه كان كثير السفل والتنقّل والترحال، حيث يُقال أنّه جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ وذلك رغبةً منه في تطوير نفسه وعلمه وثقافته، كما أنّه كان يطمح إلى إيصال علمه وأبحاثه إلى كل المناطق والدول التي زارها، إلى جانب ذلك فقد تمكّن أبو الفضل من تحقيق شهرةً واسعة جعلته واحداً من أهم العلماء الذين ظهروا في عصره.
إلى جانب ذلك فلم تقتصر اهتمامات وميولات أبو الفضل على علوم الطب والرياضيات فقط، بل كانت له العديد من الاهتمامات في شتى العلوم الأخرى كالأدب والشعر والفلك والفلسفة إلى جانب اهتمامه في عدد من الفنون المُختلفة كالنحت والنقش والنجارة وغيرها الكثير من العلوم التي ساعدته على زيادة فكره وثقافته.
التقى أبو الفضل بعددٍ كبير من علماء ومؤرخين وأطباء الدول التي عاصرها وانتقل إليها، كما أنّه كان يأخذ كل علومهم ومعارفهم؛ الأمر الذي جعل علمه يزداد وفكره وثقافته تتطوّر، إلى جانب ذلك فقد كان يُقيم العديد من المُحاضرات والندوات التي كان يحضرها العديد من كبار الشيوخ والعلماء والأطباء، حيث كان أبو الفضل يتناول في تلك المُحاضرات الحديث عن كل الأمور التي تعلّمها كما أنّه كان يتحاور مع الحضور حول أهم المبادئ والقواعد التي يجب على صاحب العلم أن يلتزم بها.
هذا وقد كان لأبو الفضل عدداً من العلماء والشيوخ يرجع إليهم في بعض أمور دراساته وأبحاثه، كما أنّه كان قد تلّمذ على يد أشهرهم أمثال؛ رشيد الدين أبو الثناء الحرّاني، وأبو طاهر وغيرهم الكثير ممن كان لهم الأثر الواضح في حياة وعلم أبو الفضل.
إلى جانب ذلك فقد حظي أبو الفضل بمكانةٍ كبيرة في نفوس كل من عاصره من علما ووجهاء؛ الأمر الذي جعل العديد من العلماء يذكرونه في أهم كُتبهم ومؤلفاتهم كابن أبي أصيبعة الذي كان قد ذكره في كتابه الشهير” عيون الأنباء في طبقات الأطباء” وغيره الكثير.
اشتهر أبو الفضل بذكائه وفطنته وحنكته، كما أنّه كان واحداً من أهم وأكبر الأطباء في ذلك الزمان؛ وذلك نظراً لكونه كان دقيق المُعالجة وسريع المُباشرة في أعماله، إلى جانب علومه ومعرفته التي لم يتوصّل أحد إلى مكانتها ودرجتها، هذا وقد اشتهر أبو الفضل بعلمه الواسع في كل ما يتعلق بأمور الهندسة التي كان يتحلّى بها قبل أن يتعلّم أمور الطب؛ الأمر الذي جعل العديد ممن عاصروه يُلقبونه بالمُنهدس.
حياة أبو الفضل:
تولّى أبو الفضل العديد من المهام والمناصب التي جعلت منه شخصيةً مُتطورة وعملية ومشهورة في بداية حياته؛ الأمر الذي جعله يحظى باهتمام العديد ممن حوله من حكّام ورؤساء، كما أنّه اشتهر بدقته وإخلاصه في العمل، هذا وقد كانت أولى الأعمال التي تلقّاها أبو الفضل هي صناعة ونجارة جميع أبواب البيمارستان الذي تم انشاؤه على يد الملك العادل نور الدين الزنكي، إضافةً إلى أنّه كان يقوم بإصلاح الساعات الموجودة في المسجد الأموي الكائن في دمشق، وغيرها العديد من الأعمال والمهام.
عُرف عن أبو الفضل منذ بداية حياته أنّه كان كثير العمل، حيث مارس العديد من المهن والأشغال التي كان لها دور كبير وواضح في تطوّر وازدهار نفسه وحياته وقيمته المادية والمعنوية، ففي بداياته عمل في أمور النحت والنقش، حيث كان نحاتاً معروفاً في ذلك الزمان، خاصةً تميّزه في أمور نحت الحجارة، إلى جانب أنّه كان يعمل في النجارة؛ ونظراً لدقة وروعة أعماله كان العديد من الناس يتوجهون إليه.
أشهر مؤلفات أبو الفضل الحارثي:
تمكّن أبو الفضل الحارثي كغيره من العلماء من تقديم العديد من الكتب والمؤلفات التي كان لها دوراً واضحاً في شهرته وتقدّمه، كما أنّ أغلب تلك الكتب كان قد تناول الحديث فيها عن كل ما يتعلّق بأمور الفلك والرصد وصناعة الزيجات، ومن هذه الكتب:
- “رسالة في معرفة رمز التقويم”
- “مقالة في رؤية الهلال”.