ما لا تعرفه عن ابن زهر:
هو عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان، يُكنى “بأبو مروان”، عُرف في زمانه باسم” ابن زهر الإشبيلي، كان طبيباً وعالماً وفيلسوفاً عربياً مُسلماً في زمانه، حقق العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في تقدّم وازدهار الدولة العربية والإسلامية، إلى جانب دورها في زيادة مكانة وقيمة ابن زهر العلمية والثقافية.
كان ابن زهر من مواليد مدينة الأندلس، كما أنّه كان من أهل إشبيلية، ولد في حوالي عام” 557″ للهجرة والذي يوافق” 1072″ للميلاد، عُرف في زمانه باسم “ابن زهر”، كما أنّه كان ينتمي لواحدة من الأسر العريقة في علوم الطب ومجالاته والتي بزغت في أوائل القرن الثالث عشر للميلاد، حيث كان والده “أبو العلاء” واحداً من أهم الأطباء الماهرين في التشخيص والعلاج، كما أنّ جده أيضاً كان طبيباً؛ الأمر الذي جعل ابن زهر يبزغ في هذا العلم بشكلٍ خاص.
هذا وقد نشأ ابن زهر وترعرع في مدينة الأندلس التي كان قد أتم مُعظم دراساته وأبحاثه فيها، كما أنّه سعى دائماً من أجل النهوض بتلك المدينة، حيث عُرف عنه أنّه كان كثير البحث والعمل والعلم، إلى جانب ذلك فقد تمكّن ابن زهر من حفظ كل ما يتعلّق بعلوم القران الكريم والذي كان من حفظته، إلى جانب اهتمامه بعلوم الحديث النبوي.
لم تقتصر اهتمامات وميولات ابن زهر على علوم الطب والحديث والفقه فقط، فقد كانت له العديد من الاهتمامات في شتى العلوم الأخرى كالأدب والشعر والفلك والفلسفة والموسيقى فقد عُرف عنه أنّه كان له عدداً من الموشّحات التي غنى بها، إلى جانب علمه الواسع في اللغة العربية فلم يشهد زمانه أحداً أعلم منه باللغة.
حياة ابن زهر:
عُرف عن ابن زهر أنّه كان كثير السفر والتنقّل والترحال، فقد جاب مُعظم مناطق ودول العالم؛ حتى أنّ شهرته زادت بشكلٍ كبير وواضح في العديد من الدول الغربية، فقد عُرف عند الأوروبيين باسم” Avenzoar”، كما أنّه تمكّن من تقديم جميع أبحاثه ودراساته في كل مكان كان يزوره؛ الأمر الذي جعله يحظى باهتمام العديد ممن عاصره من أطباء وحكماء وفلاسفة.
هذا وقد يعود السبب الرئيسي وراء كثرة سفر ابن زهر وتنقلاته هو أنّه لم يكتفي بالعلوم والمعرفة التي أخذها عن والده في مجال الطب، فقرر الانتقال إلى الشرق والتي كانت أولى رحلاته، وهناك بدأ يتعلّم كل أمور الطب ومفاهيمها وأساسياتها إلى أن حصل على كماً علمياً واسعاً مكّنه من العودة إلى مدينة الأندلس التي حظي بها بمكانةٍ وتكريماتٍ عديدة.
التقى ابن زهر بعددٍ كبير من علماء ومؤرخين وأطباء الدول التي عاصرها وانتقل إليها، كما أنّه كان يأخذ كل علومهم ومعارفهم؛ الأمر الذي جعل علمه يزداد وفكره وثقافته تتطور، إلى جانب ذلك فقد كان يُقيم العديد من المُحاضرات والندوات التي يُلقي فيها مواضيع مُتنوعة كما أنّه كان يتناول فيها الحديث بشكلٍ خاص عن كل أمور الطب ومفاهيمه وأساسياته.
إلى جانب ذلك فقد ذكر العديد من العلماء ابن زهر في كتبهم ومؤلفاتهم أمثال ابن أبي أصيبعة والذي ذكره في كتاب” عيون الأنباء في طبقات الأطباء”، إضافةً إلى مكانته الكبيرة عند كل من العالم الكبير ابن رشد والعالم ابن سينا.
اشتهر ابن زهر بذكائه وفطنته وحنكته، كما أنّه كان واحداً من أهم وأكبر العلماء في ذلك الزمان، إلى جانب علومه ومعرفته التي لم يتوصّل أحد إلى مكانتها ودرجتها، هذا وقد كان ابن زهر صاحب أموال كثيرة، حيث خلف وراءه أموالاً جزيلة.
تولّى ابن زهر العديد من المهام والمناصب التي جعلت منه شخصيةً أكثر شهرة وتطور، كما أنّ مكانته وقيمته زادت في نفوس العديد من الممالك والحكّام والسلاطين، ومن أهم تلك المهام أنّه خدم بني عبد المؤمن، كما أنّه عمل طبيباً ووزيراً مع عبد المؤمن والذي كان في ذلك الزمان مؤسس الدولة.
أشهر مؤلفات ابن زهر:
تمكّن ابن زهر كغيره من العلماء من تقديم عدداً كبيراً من الكتب والتي كانت لها قيمةً ومكانةً كبيرة في ذلك الزمان، إلى جانب أنّ هناك مجموعة منها لا تزال موجودة في بعض الجامعات والكليات والمكتبات، ومن أهم تلك الكتب:
- “كتاب التيسير”: كان هذا الكتاب دليلاً قوياً يؤكد مدى العلاقة التي كانت تربط بين كل من ابن زهر وابن رشد، إلى جانب أنّه بيّن مدى التعاون العلمي بين كليهما، هذا وقد حقق هذا الكتاب شهرةً كبيرة حيث وصل إلى الدول الأوروبية وكان يُعدّ من أهم المراجع الطبية للعديد من الطلبة.
- “كتاب الإقتصادفي إصلاح الأنفس والأجساد“: توجد نسخة محفوظة من هذا الكتاب في المكتبة الوطنية في مدينة باريس.
- ” كتاب التيسير في المداواة والتدبير”: احتوى هذا الكتاب على أهم العلوم والمعارف التي توصل إليها ابن زهر، كما أنّه يُعدّ بمثابة موسوعة علمية شاملة لكل تلك العلوم.
- ” كتاب الأغذية والأدوية”: والذي احتوى على أهم أنواع العقاقير والأدوية وآثارها على صحة وجسد الإنسان، كما أنّه ونظراً لأهمية هذا الكتاب فقد تمت ترجمته إلى اللغة اللاتينية.