نبذة عن ابن سينا:
هو الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، يُكنى “بأبي علي”، كان عالماً وطبيباً معروفاً ومشهوراً في زمانه وحتى بعد وفاته، تميّز بعلمه وذكائه وفطنته كما أنّه اشتهر في الطب والفلسفة ومارس العمل بهما، كان يُلقّب “بالشيخ الرئيس”.
اشتهر ابن سينا في مجال الطب بشكلٍ كبير، حيث كان العديد ممّن سبقه وتبعه من العلماء والأطباء والباحثين يأخذون عنّه، حتى أنّه سُميّ “بأبو الطب الحديث” و”أمير الأطباء”، هذا وقد يُعتبر ابن سينا أول من ألّفَ كُتُباً عن الطب في العالم، حيث اتبع منهج أبقراط وجالينوس في كتاباته.
عمِل ابن سينا على انتاج كميّات كبيرة من الأعمال والمؤلفات والصناعات في العصر الذهبي للإسلام، حيث أنّه ركّز بشكلٍ واسع على ترجمة النصوص اليونانيّة والفارسيّة والهنديّة وغيرها العديد من النصوص التي كانت ومازالت واحدة من أهم المراجع التي يُستند عليّها في العديد من الأعمال.
هذا وقد اشتهر ابن سينا بعلم الفلك والجبر والرياضيات إلى جانب الطب والفلسفة وعلم حساب المثلثات، كما أنّه قام بتطوير شروحات القران والعلوم الإسلامية والفقه والأدب، حيث قام ابن سينا بمناقشة جميع الشروحات والتفاصيل مع نُخبةٍ من أعظم علماء ذلك العصر.
بدأ ابن سينا العمل في مجال الطب عندما كان في السادسة عشر من عمره، حيث أنّه كان يقرأ الكثير عن الطب، وأخذ عن الكثير من العلماء، حتى أنّه كان يقوم في أغلب الأحيان بالعديد من المُحاولات والتجارب ليتمكّن من صناعة العديد من الأدوية، كما أنه قام باكتشاف طرق جديدة للعلاج حتى تمكّن من تحقيق جميع انجازاته ومُحاولاته في الطب.
عمل ابن سينا لأول مرةٍ كطبيباً للأمير نوح الثاني، الذي تمكّن من علاجه من مرضٍ خطير كان قد اُصيب به ذلك الأمير والذي لم يتمكن أحد من الأطباء المعروفين في ذلك الزمان من علاجه، حتى جاء ابن سينا وعالجه بشكلٍ كامل؛ الأمر الذي جعله يحظى بمُكافأةٍ كبيرة وهي الوصول إلى أهم مكتبةٍ تضم أهم كتب العلم إلى جانب انتماء أهم العلماء إليها ومن هنا بدأ ابن سينا بالتطوّر والإنجاز وتحقيق المزيد من النجاحات.
اشتهر ابن سينا بكثرة تجوّله وترحاله؛ رغبةً منّه في تحقيق أهدافه وبحثاً عن فرصةٍ يتمكن من خلالها من إيصال مواهبه وإبداعاته، إلى أن استقر في مدينة “ري” بالقرب من مدينة طهران الحديثة، وهناك بدأ يمارس هواياته إلى أن اشتهر وأصبح معروفا في ابداعاته وانجازاته.
على الرغم من ابداع ابن سينا في الطب، وعمله الدائم في هذا المجال، إلّا أنّه حرص على تعلُّم وحفظ القران، كما أنّه اهتم في دراسة علم النحو والصرف وهو في العاشرة من عمره، كما أنّه قام بدراسة كتب الفلسفة حتى أبدع في هذا المجال ليُصبح مصدراً رئيسيّاً لذلك العلم، ولكن مع اضطراب الظروف السياسيّة التي كانت تُعاني منها المنطقة التي يسكنها اضطر ابن سينا إلى الهجرة والاستقرار في مكان أكثر أمناً واستقراراً.
حياة ابن سينا:
ولد ابن سينا في عام”980″ ميلادي في إحدى قرى باكستان والمعروفة في ذلك الزمان باسم” أفنشا”، كان والده صاحب رأي وحكمة اشتهر بذكاءه وفطنته كما أنّه كان يتولّى منصباً مُهماً في دولة السامانيّين، أُرسل ابن سينا إلى مدرسة بخاري؛ التي كانت تُعتبر من أكثر المدارس التزاماً في تعليمها، حيث بدأ ابن سينا يتلقى جميع العلوم في هذه المدرسة، كما أنّه حفظ القران الكريم كاملاً في عُمرٍ مبكر.
هذا وقد تلقّى ابن سينا علومه ومعارفه على يد والده الذي كان شيخاً من شيوخ الطائفة الإسماعيليّة، حيث كان ابن سينا مُرافقاً لوالده في جميع جلساته ومُحاوره، كما أنّه كان يشارك في مجالس العلماء؛ الأمر الذي جعل له مكانةً مرموقةً في زمانه، حيث كان له أثر كبير في تحريك عقول أبناء ذلك الزمان إلى جانب أنّه كان له يد في بناء نهضةً علميّةً عظيمةً.
عُرِف عن ابن سينا أنّه كان شديد الذكاء سريع الفهم، قرأ العديد من الكتب؛ نظراً لحبه الكبير للعلم كما أنّه كان يسعى باستمرار لتطوير وتثقيف نفسه، كما عُرف عنه أنّه كثير الارتباط والولاء لوطنه الأصلي؛ فعلى الرغم من تدهور حالته الماديّة وعدم استقراره في بلده إلّا أنّه لم يُغادره بشكلٍ كامل، حيث كان فقد يترّحل من مكان لآخر لفتراتٍ قصيرة طلباً للعلم.
وفاة ابن سينا:
قام ابن سينا وهو في الثلاثين من عمره بقيادة ثورة علميّة عظيمة هاجم فيها جميع المُنجمين، كما أنّه دحض الأساطير والخرافات؛ الأمر الذي جعل له أعداء في كل مكان، كما أنّ بعض منهم قد اتهموه بالكفر والإلحاد؛ وذلك باعتمادهم على بعض من كتاباته في الفلسفة، ولكنّه لم يتأثر بأقوالهم حيث كان في كل مرةٍ يردّ عليهم رداً صادماً وقويّاً.
وعلى الرغم من حنكة وذكاء ابن سينا في أعماله، إلا أنّ الحاقدين والحاسيدن له كانو في مُحاولاتٍ مُستمرة في ايقاع الخلافات بينه وبين وعدد من الحكّام؛ الأمر الذي دفعه في النهاية من الهروب إلى أحد أصدقائه حيث مكث فترة بسيطة عنده، إلى أن أصابه مرضاً خطيراً لم يتمكن جسمه من مقاومته حتى توفي بسبب ذلك المرض وهو في الخمسين من عمره.