ما هو الأسلوب التكتوني الأرضي؟
إنه لمن السهل الاحساس والتأكد من أن هندسة البنيات في قلب سلسلة جبلية ما تختلف عنها في الأطراف، وإذا ما قارنا سلسلتين فإننا لا نجد أبداً البنيات نفسها فيها، وعلى الرغم من هذا التباين الشديد فإنه يمكن التحقق من احتمال مصادفة النوع نفسه من البنيات وعلى مسافات كبيرة في السلسلة نفسها، ومن الممكن مصادفة بنيات متقاربة ومتشابهة جداً في سلسلتين مختلفتين.
ومن خلال التفتيش عن أنواع البنيات التي تظهر بشكل شائع قد أمكن شيئاً فشيئاً تحديد الأسلوب التكتوني لسلسلة أو لجزء من سلسلة، وبما أن هذا التعبير أي الأسلوب التكتوني يستعمل لإعطاء فكرة إجمالية عن مظهر البنيات لمنطقة ما، ولأجل تحديده بشكل دقيق جداً فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار طريقة تشكل البنيات.
أي بمعنى آخر يجب إدخال العوامل الترموديناميكية (حرارة وضغط) للتشوهات، وكذلك الخواص الفيزيائية للمواد التي تعرضت لهذه التشوهات ولذا فإن الأسلوب التكتوني يتوقف على المستوى البنيوي وعلى طبيعة المادة وعلى حدة التلاحم والانضغاط.
جميع هذه العوامل يجب دراستها وتحديدها بدقة، وذلك مسبقاً لدراسة الأسلوب التكتوني، فعندما نكون أمام سلسلتين ذات تكتونية متشابهة فإن الأسلوب التكتوني يتوقف على طبيعة المواد؛ أي أنه يتوقف على الليتولوجيا.
العلاقة بين الأسلوب التكتوني والمستوى البنيوي:
يميز في السلاسل الجبلية وجود نوعين من الأسلوب التكتوني، فهناك الأسلوب المتعلق بالبنيات السفلى وذلك الذي يتعلق بالبنيات العليا، حيث تحدد البنيات السفلى المجال الذي تتم فيه التشوهات تحت حرارة عالية بشكل يكفي لتشوه الصخور الكريستالية تشوهاً بلاستياً.
وهذه الحرارة تكون مختلفة حسب طبيعة المواد المكونة للصخر أو محتويات الصخر للماء وسرعة التشوهات، كما أن شدة الجهود التكتونية تتجاوز وسطياً 500 درجة مئوية وبذلك فهي تتطابق مع الميزوزون والكاتازون (mesozone، catazone) التي يتكون بعضها نتيجة لتمايز الكثافة من صخر إلى آخر.
أما البنيات العليا فهي تعمل على تحديد المجال الذي يغطي البنيات السفلى، وتبعاً لهذا التحديد فإن البنيات السفلى ليس من الضروري وجودها في كل السلاسل، وإنما توجد فقط في السلاسل الجلية القديمة التي تعرضت لتعرية عميقة.
إن معظم الدراسات التكتونية حتى الآن قد عنيت بالبنيات العليا، أما البنيات السفلى فلم تحظ إلا بالقليل منها، وهي بلا شك تغطي الجزء الأكبر من السلاسل ودراستها على قدر كبير من الأهمية؛ لأنها تمس الأجزاء العميقة من القشرة الأرضية، ولا بد من الإشارة إلى أن الحد بين البنيات السفلى والعليا يعتمد على درجة الحرارة المطبقة؛ أي يعتمد على الغراديان الجيوتيرمي.