التباعد الصفائحي على مستوى الكرة الأرضية

اقرأ في هذا المقال


ما هو التباعد الصفائحي على مستوى الكرة الأرضية؟

إن البنيات الناتجة عن التباعد هي عديدة ومتنوعة وتتشكل على المقاييس كافة، ولكنها مع هذا أقل ظهوراً من تلك المسببة بواسطة عمليات الانضغاط، على الرغم من أنها تقدم الدليل لحركات وتغيرات القشرة الأرضية، وهي ذات أهمية كبيرة أحياناً أكثر من تلك التي المولدة بواسطة الانضغاط.
إن التباعد هو المسبب للانخفاضات الكبيرة التي تصيب القارات وكل الانخفاضات المحيطية والأعراف المحيطية، وفي كل الحالات يكون التباعد مرافقاً لاندفاعات بركانية، تختلف دراسة التباعد وكذلك مظاهره باختلاف المقياس.
لذلك فإن البنيات المتشكلة تتباين فيما إذا اعتبرنا التباعد على مقياس الكرة الأرضية أو المقياس الإقليمي بالإضافة إلى مقياس السلاسل الجبلية، إلا أن البنيات المتشكلة نتيجة للتباعد على مستوى الكرة الأرضية هي الأكثر أهمية.

التباعد في الصفائح القارية وأهم الامثلة عليها:

لدراسة التباعد في الصفائح القارية سوف نتعرف على بعض الأمثلة المستقاة من تطور الأرض وذلك من عمر أقل من 70 مليون سنة حيث تتميز بسهولتها، ومن أشهر الأمثلة على التباعد في الصفائح القارية هو التباعد الحديث في الصفيحة الافريقية، وفيما يلي أهم الأمثلة الرئيسية التي تشرح هذا التباعد:

  • الانهدامات الأفريقية: وهي عبارة عن مجموعة من الانخفاضات المتطاولة أو ما يطلق عليه وديان انهدامية، وهي تجتاز كل أفريقيا الشرقية وتوجد ضمنها البحيرات الأفريقية الكبرى، وهذه الانخفاضات محاطة من جوانبها كافة بواسطة انحدارات حادة تمثل مواقع فوالق عمودية غالباً.
    لذلك فإن الوادي الانهدامي ما هو إلا تباعد أصاب جزءاً هاماً من القارة الأفريقية ولكن هذا التباعد ضعيفاً نوعاً ما؛ لأن الامتداد الناتج عن شبكة التكسرات بكاملها لا يزيد عن عشرة كيلو مترات وهو مقدار قليل على مقياس الكرة الأرضية.
    لقد خضعت الصفيحة الأفريقية إلى عملية جذب اتجاهها العام (وهو شرق غرب) وأصابتها تصدعات مرافقة بتطاول بعيد تسببت في اندفاعات بركانية، ويمكن التحقق من أن الاندفاعات الثلاثية والحديثة لأفريقيا الغربية لا تظهر إلا حيث تتواجد بنيات التباعد.
    كما يوجد ارتباط واضح بين الاندفاعات البركانية والتباعد، وهذا أمر طبيعي فعندما تخضع القشرة الأرضية لعمليات جذب فتتكسر وتتمزق فإن الماغما تصعد بسهولة أكثر إلى السطح، وبالعكس عندما تخضع القشرة لعمليات انضغاط فإن الشقوق تميل للانغلاق مما يعيق عملية صعود الماغما من القشرة.
    هذه الاندفاعات البركانية تؤدي إلى تشكل تضاريس هامة تكمن في المخاريط البركانية، وهذه التضاريس البركانية تتوضع فوق تضاريس ذات ميكانيكية مولدة تباعدية تغطيها، وبفضل الدراسات الدقيقة للأراضي التي أصابتها الفوالق أمكن تحديد عمر التباعد الذي بدأ منذ الميوسين وحتى الوقت الحالي، حيث يظهر على شكل هزات أرضية تتوضع مراكزها في الوديان الانهدامية أو في أطرافها.
    ولكن يبدو أن التشققات لم تتم بشكل مستمر خلال هذه الفترة التي امتدت خلال 20 مليون سنة، إنما تمت على ثلاث نوبات في نهاية الميوسين وفي نهاية البليوسين والبليوستوسين، وقد تبين أن نطاق الفاعلية الحالية كان أقل اتساعاً بكثير من الماضي مما يعني أن تكسر الصفيحة الأفريقية يقل بالتدريج.
  • الارتباط بين الأودية الانهدامية وبنية القشرة: لوحظ منذ وقت طويل أن نطاق الانهدامات يتوافق مع شواذ سالبة لجاذبية بوغير، وبما أن هذه الشواذ وجدت على عرض يزيد عن 1000 كيلو متر وبشدة كبيرة فلا يمكن أن تكون مولدة إلا نتيجة لعملية ترقق القشرة، وهكذا نلاحظ أن حوادث التشقق السطحي للقشرة ليست إلا نتيجة لحوادث عميقة.
  • منشأ التضاريس المرتبطة بالانهدامات: يمكن تفسير تشكل هذه التضاريس ببساطة من خلال عمليات توازن سكوني، فإذا أصابت القشرة على امتداد سماكتها فوالق مائلة، فإنه من السهل تخيل أن هبوط جزء يمكن أن يتعدل بعمليات صعود لجوانبه، ويمكن تمثيل ذلك عملياً بواسطة بلوكات خشبية منشورة تعوم فوق الماء.
    إن الميكانيكية السابقة لا تقدم تفسيراً للتغيرات التي تظهر في القشرة والمعطف تحت نطاق الانهدامات، فمن الممكن أن يكون نطاق الانهدامات عبارة عن منطقة تعرضت لحركات عمودية في القشرة نتيجة لحركات المعطف ولعمليات سحب في نفس الوقت، ويمكن تلخيص ذلك بعمليات تقبب للقشرة التي يتجزأ القسم العلوي منها.
  • تمزق البحر الأحمر: يمثل البحر الأحمر الواقع شمال الانهدامات الأفريقية كل مميزات الانهدام ولا يختلف عنه للوهلة الأولى إلا بأبعاده الأكبر وانخفاضه الأعمق الذي سمح للبحر باجتياحه، في الواقع فإن تحول هذا الانهدام إلى ذراع بحري يشير إلى اختلافات هامة.
    وبفضل الدراسات الجيوفيزيائية (الجاذبية المغناطيسية والاهتزازية) تبيّن أن الانخفاض المحوري للبحر الأحمر هو ذو قشرة محيطية، بينما في الانهدامات الأفريقية تكون القشرة قارية ولكن مرققة بشكل بسيط فإنها تكون محيطية تماماً في محور انخفاض البحر الأحمر.

شارك المقالة: