الرغوة الكمية

اقرأ في هذا المقال


تعتبر الرغوة الكمومية أو رغوة الزمكان تقلبًا كميًا نظريًا للزمكان على مساحات صغيرة جدًا بسبب ميكانيكا الكم، حيث تتنبأ النظرية أنه في هذه المقاييس الصغيرة يتم تكوين وتدمير جسيمات المادة المضادة باستمرار، إذ تسمى هذه الأجسام دون الذرية بالجسيمات الافتراضية.

مفهوم الرغوة الكمية

نشأت فكرة الرغوة الكمومية من فكرة أينشتاين القائلة بأن الجاذبية ناتجة عن التواء وانحناء الزمكان، حيث يشير هذا المفهوم إلى أن الزمكان هو كيان مادي حقيقي وديناميكي، وإذا كان الأمر كذلك فيجب أن يخضع أيضًا لفيزياء الكم، وبعبارة أخرى فإن فكرة الرغوة الكمومية هي ما يتم الحصول عليه عندما يطبق فيزياء الكم على نسيج الزمكان نفسه.

إن الأمر مثل التحليق فوق المحيط، وبالنظر من نافذة طائرة من فوق مستوى السحابة فمن المحتمل أن يبدو المحيط كسطح أزرق أملس وغير منظم، ومع ذلك إذا بدأت الطائرة في الهبوط فسوف يتمكن في النهاية من رؤية المحيط متموج بالفعل، وعندما تنخفض أكثر قد يبدأ في الظهور بشكل متقطع مع أغطية بيضاء، وفي المستويات المنخفضة أيضًا قد تصنع الفقاعات الرغوية التي تتولد عن اندفاع أمواج المحيط.

لرؤية رغوة الزمكان تحتاج إلى تكبيرها إلى مستويات مستحيلة وصولاً إلى طول بلانك، وهو قياس يساوي 1.616229 (38) × 10 35 مترًا، وربما لن يكون من الممكن أبدًا ملاحظة شيء بهذا الحجم الصغير لذا، فإن الرغوة الكمومية موجودة فقط في أذهان المنظرين في الوقت الحالي.

ولكن تم إجراء بعض التجارب التي يبدو أنها تدعم الفكرة، على سبيل المثال قام العلماء بقياس أن الفوتونات التي تصل إلى الأرض من انفجارات نجمية بعيدة يبدو أنها تصل في أوقات مختلفة اعتمادًا على مستوى طاقتها، ونظرًا لأنه من المفترض أن تكون سرعة الضوء ثابتة فلا بد أن شيئًا ما قد قاطع مسار هذه الجسيمات.

وجود الرغوة الكمية في الفضاء

لقد وضح العلماء حقيقة تواجد الرغوة الكمومية عن طريق تفسيرها من خلال الجسيمات، إذ أنها يجب أن تكون في كل مكان في الفضاء، ونظرًا لأن للجسيمات أيضًا طبيعة موجية يجب أن تكون هناك موجات في كل مكان، لذا فإن ما يتم تخيله هو وجود لوحين معدنيين متوازيين موضوعة بالقرب من بعضهما البعض، حيث يكون هناك رغوة كمومية بين الألواح وخارجها، ولكن نظرًا لوضع الصفائح بالقرب من بعضها البعض يمكن أن توجد موجات قصيرة فقط بين الصفائح، بينما يمكن أن توجد موجات قصيرة وطويلة الطول خارجها.

بسبب هذا الخلل يجب أن تتغلب الموجات الزائدة خارج الصفائح على العدد الأصغر من الموجات بينهما مما يدفع الصفيحتين معًا، إذ أن فكرة أن الفضاء في أساسه فوضى فوضوية ورغوة لها تداعيات هائلة على فهم للكون، كتب برين غرين الباحث في نظرية الأوتار أنه في مثل هذه المقاييس القصيرة المسافة نواجه عدم التوافق الأساسي بين النسبية العامة وميكانيكا الكم، وإن فكرة الهندسة المكانية السلسة التي هي المبدأ المركزي للنسبية العامة تم تدميرها من خلال التقلبات العنيفة للعالم الكمي على مقاييس المسافات القصيرة.

وبالتالي فإن معرفة أن الرغوة الكمومية حقيقية أو لا سيكون مفيدًا جدًا في معرفة الطبيعة الحقيقية للواقع، ولكن كما يحدث بشكل محبط في كثير من الأحيان في العلم فإن التجارب الحديثة مختلفة، حيث تكون إحدى الطرق الواجبة لمعرفة حقيقة وجود الرغوة الكمومية في قياس المدة التي تحتاجها الفوتونات التي تنفجر من الانفجارات النجمية للسفر لمسافات طويلة، وإذا كان الزمكان مسطحًا ومملًا فيجب أن يأخذ فوتونان مقذوفان من نفس المصدر في نفس الوقت لقطع مسافة محددة.

لكن إذا كان الزمكان يعتبر رغويًا فقد يتباطأ فوتون واحد بسبب الاضطرابات الطفيفة، فلقد وجد تحليل ما حول إذا كانت الفوتونات ذات الطاقة المرتفعة وذات الطاقة المنخفضة التي نتجت من انفجار أشعة غاما وصلت إلى موقع معين في أوقات مختلفة، لكن تحليلين لاحقين للدفقات الأخرى بينوا فرق ضئيلًا أو معدومًا، مما يبين ذلك أن الزمكان سلس أو في الأقل ليس رغوي، ومع ذلك لا يمكن لأي من تجارب القياس بتفاصيل دقيقة كافية لاستبعاد الرغوة الكمومية في أصغر المقاييس.

كيف يمكن اكتشاف الرغوة الكمومية

الرغوة الكمومية صغيرة جدًا، وللتمكن من رؤيتها فأنها تحتاج إلى تكبيرها إلى ما يسمى مستوى اللوح الخشبي فهي صغيرة بما يكفي لتساوي 1.616229 (38) × 10-35 مترًا، وقد لا يعني هذا الرقم الكثير لغير العلماء ولكن هناك طريقة لتصوره، حيث إنها صغيرة عند مقارنتها بالإنسان مثل الإنسان عند مقارنته بالكون، كما أنها أصغر بمليارات المرات من النوى الذرية، حيث أن هذا أبعد من المجهري حرفيا.

نظريات وجهود إثبات الرغوة الكمومية

إذا كانت الرغوة الكمومية صغيرة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين البشرية، فهناك حاجة لإلقاء نظرة على نظرة ألبرت أينشتاين للأشياء، إذ إن اعتقاده بأن الجاذبية هي نتيجة تزييف وانحناء الزمكان يستلزم أن تكون الجاذبية متقلبة وديناميكية ومتحركة وتخضع لقوانين ميكانيكا الكم، فعندما يتم تطبيق قوانين ميكانيكا الكم على البناء الفيزيائي للزمكان فإنه ينتج ما يمكن أن يكون فقط نسيج الفقاعات الذي هو رغوة كمومية.

بالإضافة إلى أينشتاين تدعم الأعمال العلمية الأخرى أيضًا رغوة الكم، في حين أنه ليس من الممكن بسهولة رؤية الرغوة الكمية جسديًا إلا أن نتائج التجارب تثبت وجود الرغوة، حيث قاس العلماء أن الفوتونات تسافر إلى الأرض من انفجارات نجمية مختلفة تصل في أوقات مختلفة اعتمادًا على مستويات طاقتها، وبالنظر إلى حقيقة أن سرعة الضوء من المفترض أن تكون ثابتة ولن تؤثر على التغيير في سرعتها فقد تكون الرغوة الكمومية والتقلبات في فقاعاتها هي العامل المتغير الذي يفسر التغيرات في السرعات التي رآها العلماء.

أبرزها في عام 1947، حيث طور الفيزيائيان الهولنديان هندريك كازيمير وديريك بولدر تأثير كازيمير، فإذا كانت الرغوة الكمومية حقيقية، فيجب أن توجد الجسيمات في كل مكان في الفضاء، وعلاوة على ذلك نظرًا لأن للجسيمات أيضًا طبيعة موجية، حيث يجب أن تكون هناك موجات في كل مكان لذا فإن ما تخيلوه هو وجود لوحين معدنيين متوازيين موضوعة بالقرب من بعضهما البعض، إذ توجد الرغوة الكمومية بين الألواح وخارجها.

ولكن نظرًا لوضع الصفائح بالقرب من بعضها البعض يمكن أن توجد موجات قصيرة فقط بين الصفائح، بينما يمكن أن توجد موجات قصيرة وطويلة الطول خارجها، وبسبب هذا الخلل في التوازن يجب أن تتغلب الموجات الزائدة خارج الصفائح على العدد الأصغر من الموجات بينهما مما يؤدي إلى دفع الصفيحتين معًا.

بينما يواصل العلماء صراعهم مع الرغوة الكمومية، وما يمكن أن تعنيه لكون البشري هناك شيء واحد واضح، فهناك احتمال أن كل ما يعرفه البشر يعتمد على التغيرات المستمرة وعدم الاستقرار مثل الطريقة التي يتم بها تكوين وانبثاق الفقاعات الموجودة في لعبة الفقاعات للأطفال أو الحوض المليء بالأطباق فإن الرغوة الكمومية تتغير وتتطور باستمرار فربما هذا هو سر جمالها.


شارك المقالة: