من هو الصوري:
هو رشيد الدين أبو المنصور بن أبي الفضل بن علي الصوري، يُعدّ واحداً من أهم وأشهر أطباء العرب، حيث عُرف عنه أنّه كان على معرفةٍ تامة في كل ما يتعلّق بالأدوية المُفردة والنباتات الطبية، كما أنّه كان مُطّلعاً على محاسن وخصائص الصناعات الطبية الظاهرة والمخفية.
تمكّن المنصوري من تحقيق نجاحاً كبيراً في دراسة كل ما يتعلّق بالأعشاب الطبية وكيفيّة صناعة الأدوية منها؛ الأمر الذي جعله يحظى بمكانةٍ عظيمةٍ عند كل من عاصروه في زمانه وحتى بعد وفاته، كما أنّه تميّز في معرفة وتحديد نوعية الأدوية وماهياتها وحتى أنّه تميّز في معرفة أسمائها وإختلافها إلى جانب صفات وخصائص كل منها.
قام الصوري بالعديد من الدراسات والأبحاث والتجارب التي تمكّن من خلالها من تحقيق نجاحاتٍ كبيرة، هذا وقد استطاع أن يُقدّم نهضةً علميةً كبيرة في علم الطب والصناعات الدوائية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة تقدّم ونمو الدولة العربية والإسلامية.
كان الصوري واحداً من أهم العلماء الذين بزغوا في القرن السادس للهجري، كما أنّه كان من العلماء الذين قدّموا العديد من المؤلفات والكتب التي كان لها الأثر الواضح في تقدّم الدولة، إلى جانب أنّه كان له باعٍ كبير في علم النبات والوصف، حيث استطاع الصوري أن يقوم بدراساتٍ تامة وشاملة لكل ما يتعلق بالنباتات بدءاً من البذرة وحتى جفاف النبتة وموتها.
أخذ العديد من العلماء عن الصوري، كما أنّ البعض منهم كانوا يلجأون إليه للإستفادة منه والمحاورة معه في أمور أبحاثهم ودراساته؛ الأمر الذي جعله يحظى بمكانةٍ كبيرة عند أولئك العلماء، إلى جانب أنّه حظي بمدحهم وثنائهم، فقد قال عنه ابن أبي أصيبعة في إحدى كتبه المشهورة:” أنّ رشيد الدين الصوري كان في كل مشاوريه وزيارته يصطحب معه مصوراً مزوداً بالأصباغ على الرغم من اختلاف أنواعها، كما أنّه كان يطوف مواطن النبات جميعها ويطلب من ذلك المصور أن يصور له النبتة في بيئتها وبألوانها الطبيعية، إلى نهاية الحديث”.
كان الصوري واحداً من العلماء الذين ولدوا في مدينة صور، حيث أنّه نشأ وكبر وبدأ فيها دراساته الأولية والإبتدائية، كما أنّه بدأ يمارس فيها أولى أعماله، وبدأ يأخذ عن شيوخها وأطباءها وعلماءها، ونظراً لرغبته المُتواصلة في تحقيق المزيد من النجاحات والإسهامات قرر السفر والتنقل بين بلاد العالم طلباً للعلم، ففي بداية حياته انتقل إلى مدينة القدس التي بدأ فيها بممارسة مهنة الطب، حيث أنّه عمل فيها ما يُقارب مدة سنتين.
وبعد الأحداث التي أصابت القدس، وبعد أن تم تدمير الباريمستان الذي كان يعمل فيه، قرر الهجرة إلى مصر، والتي انتقل إليها بصحبة الحاكم العادل الأيوبي وذلك في حوالي عام”1215″ للميلاد، وهناك عمل الصوري على خدمة الملك المعظيم ومن ثم خدم الناصر بن المعظم، إلا أن استطاع أن يُثبت نفسه في عمله وعلمه حتى تم تعيينه في النهاية رئيساً للأطباء.
كان الصوري ممن عاصروا العالم الكبير ابن أبي أصيبعة والذي أخذ عنه الكثير من علومه ومعرفته، هذا وقد عُرف عن الصوري أنّه كان هاوياً لدراسة كل ما يتعلّق بالنبات، إلى جانب أنّه كان عشّاباً ماهراً استطاع أن يُقدم العديد من الادوية التي لا تزال مُتعارف عليها حتى يومنا هذا، كما عُرف عنه أنّه كان يقضي مُعظم وقته مُتأملاً في الطبيعة.
أشهر مؤلفات الصوري:
قدّم الصوري العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً في تقدّمه وازدهاره في زمانه وحتى بعد وفاته، كما أنّه تمكّن من تقديم العديد من المؤلفات والكتب التي كان لها دوراً كبيراً وواضحاً في تطوره وتطوّر الدولة الإسلامية، إلى جانب أنّ هناك جزءاً كبيراً منها ما زال موجوداً حتى يومنا هذا، ومن أشهر هذه المؤلفات والكتب:
- كتاب “الرد على كتاب التاج للغاوي في الأدوية المُفردة”: كان لهذا الكتاب أهميةً كبيرف عند العديد من العلماء، فإلى جانب أنّه تحدّث عن كل ما يتعلّق بالأدوية وكيفية صناعتها استطاع الصاوي أن يوضح فيه الدور الإيجابي لنوعية كل من تلك الأدوية والتي لا يزال البعض يرجعون إليه في بعض الأمور.
- كتاب “تعاليق ووصايا طبية كتبها لابن أبي أصيبعة”: حقق هذا الكتاب شُهرةً كبيرة في زمان الصوري حتى بعد وفاته، حيث قدّمه لابن أبي أصيبعة تقديراً له على الجهود التي بذلها في سبيل مُساعدته والوقوف جانبه لإتمام جميع أبحاثه ودراساته.
- كتاب” تذكرة الكحلين“، ويمكن تسميته أيضاً بكتاب“الكافي في طب العيون”: قدّم الصاوي في هذا الكتاب كل ما يتعلّق بطب العيون وعلاجها، كما أنّه بيّن فيه الأضرار والأمراض التي قد تُصيب العين وكيفيّة علاجها، ويُقال أنّ هذا الكتاب لا يزال موجوداً حتى هذه الأيام في إحدى المكتبات المعروفة والموجودة في مدينة دمشق.
- كتاب “الشامل في الأدوية المُفردة”: يُعدّ هذا الكتاب واحداً من أهم الكتب التي قدّمها الصوري، كما أنّ مخطوطته ما زالت موجودة في مكتبة أحمد الثالث الكائنة في مدينة اسطنبول، كما أنّه وحسب اعتقاد البعض أنّ هذا الكتاب هو نفسه كتاب الأدوية المُفردة الذي قدّمه ابن أبي أصيبعة.